الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

استراتيجية المقاومة بعيون وقحة.. لماذا يُصر نتنياهو على البقاء في غزة رغم دروس شارون؟

الثلاثاء 08/يوليو/2025 - 06:28 م

لماذا يُصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة العمليات العسكرية في قطاع غزة، بينما اختار سلفه أرئيل شارون الانسحاب الأحادي من القطاع عام 2005؟ وما الأبعاد العسكرية والسياسية للوضع الحالي، والتداعيات المستقبلية للصراع؟

هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في ظل التقارير الأخيرة التي تكشف عن تصاعد جرأة حركة حماس وتغيير أساليبها القتالية، مما يزيد من الخسائر الإسرائيلية ويثير تساؤلات حول جدوى الاستراتيجية الحالية.

القناة السابعة الإسرائيلية كشفت عن تحول نوعي في تكتيكات المقاومة الفلسطينية، حيث انتقلت من الاعتماد على العبوات الناسفة إلى تنفيذ كمائن محكمة ومواجهات مباشرة، مما يعقد المشهد العسكري ويضع إسرائيل أمام تحديات استراتيجية وسياسية معقدة.

التغيير الملحوظ في أساليب عمل حماس في غزة يوضح جرأة في مواجهة القوات الإسرائيلية، وبدلًا من الاكتفاء بزرع العبوات الناسفة وتفجيرها عن بُعد، بدأت حماس في تنفيذ هجمات مباشرة، مستفيدة من فتحات الأنفاق والأنقاض لشن كمائن محكمة. 

هذا التحول يعكس قدرة المقاومة على التكيف مع الظروف الميدانية، رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي يلاحظ أن عناصر حماس لم تعد تتراجع بعد المرحلة الأولى من الاشتباك، بل تواصل الهجوم، وفي بعض الحالات تستهدف قوات الإنقاذ لتحقيق إنجازات دعائية.

هذه الاستراتيجية لا تهدف فقط إلى إلحاق خسائر مادية، بل أيضًا إلى إضعاف الروح المعنوية للجيش وتعزيز صورة حماس كقوة مقاومة فعالة.

تصوير العمليات من زوايا مختلفة يعزز هذا الهدف، حيث تسعى الحركة إلى توثيق انتصاراتها لكسب الدعم الشعبي الفلسطيني والتأثير على الرأي العام الدولي.

تحديات كبيرة 

من الناحية العسكرية، يواجه الجيش الإسرائيلي تحديات كبيرة في غزة، العبوات الناسفة تظل الخطر الأكبر، حيث تسببت في 70% من خسائر الجنود الإسرائيليين مؤخرًا، مع 27 قتيلًا من أصل 38 منذ مارس الماضي، معظمهم بسبب عبوات موضوعة على مسارات أو في مبانٍ مفخخة. 

هذه الأرقام تكشف عن ضعف في قدرة إسرائيل على مواجهة هذا النوع من الهجمات، رغم تفوقها التكنولوجي، وتزايد جرأة حماس وتغيير أنماط عملها يشير إلى فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية الأساسية، مثل القضاء على قدرات المقاومة أو استعادة الردع الاستراتيجي.

الوضع الحالي يضع نتنياهو في موقف صعب، حيث يتعين عليه تبرير استمرار العمليات أمام الرأي العام الإسرائيلي، الذي بدأ يتساءل عن تكلفة هذه الحرب البشرية والمادية.

ضغوط داخلية

على الصعيد السياسي، يمكن تفسير إصرار نتنياهو على مواصلة العمليات في غزة من خلال عدة عوامل، حيث يواجه نتنياهو ضغوطًا داخلية من اليمين المتطرف في ائتلافه الحكومي، الذي يطالب بتحقيق نصر حاسم ضد حماس. 

أي انسحاب أو هدنة قد يُفسر كضعف، مما يهدد استقرار حكومته، كما يسعى نتنياهو إلى تعزيز صورته كقائد قوي في مواجهة التحديات الأمنية، خاصة في ظل الانتقادات المستمرة التي يواجهها بسبب قضايا الفساد والانقسامات السياسية داخل إسرائيل.

استمرار الحرب قد يكون وسيلة لصرف الانتباه عن هذه القضايا، حيث يحتفظ نتنياهو بدعم الجمهور من خلال إظهار الحزم العسكري، هناك أيضًا بُعد استراتيجي يتعلق بالردع، حيث يرى نتنياهو أن أي تراجع عن المواجهة قد يشجع قوى أخرى، على تصعيد هجماتها، مما يهدد الأمن القومي الإسرائيلي.

مقارنة بقرار شارون بالانسحاب من غزة عام 2005، تظهر اختلافات جوهرية في السياق والدوافع، فقد قرر شارون الانسحاب لتجنب استنزاف الموارد العسكرية والاقتصادية في حرب مكلفة، مع الحفاظ على السيطرة الخارجية على القطاع من خلال الحصار والسيطرة على المعابر. 

كما كان الانسحاب جزءًا من استراتيجية لتحسين صورة إسرائيل دوليًا، خاصة في ظل الضغوط الدولية لإحياء عملية السلام، بالإضافة إلى ذلك، جاء قرار شارون في وقت كانت فيه إسرائيل تواجه تحديات داخلية أقل حدة، مما سمح له باتخاذ قرار جريء دون الخوف من انهيار ائتلافه الحكومي. 

في المقابل، يعيش نتنياهو في بيئة سياسية أكثر استقطابًا، حيث يعتمد على دعم شركاء متطرفين يرفضون أي تنازل، كما أن الوضع الإقليمي أصبح أكثر تعقيدًا، مع وجود تهديدات متزامنة على جبهات متعددة، مما يجعل الانسحاب من غزة خيارًا محفوفًا بالمخاطر من وجهة نظر نتنياهو.

تصعيد الصراع

يبدو أن استمرار العمليات العسكرية في غزة سيؤدي إلى تصعيد الصراع في المدى القصير، فحماس، التي أظهرت مرونة تكتيكية، قد تواصل تطوير أساليبها لإلحاق أكبر قدر من الخسائر بالقوات الإسرائيلية.

وقد يزيد من الضغط على نتنياهو، خاصة إذا ارتفعت الخسائر البشرية أو تفاقمت الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب، في الوقت نفسه، قد تستغل حماس هذه العمليات لتعزيز مكانتها كقوة مقاومة رئيسية، مما قد يزيد من دعمها الشعبي في غزة والضفة الغربية.

ومع ذلك، هذا التصعيد قد يؤدي إلى مزيد من القمع الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، مما يعقد الوضع الإنساني في القطاع.

على المدى المتوسط والطويل، هناك عدة سيناريوهات محتملة، أولها استمرار التصعيد، حيث تتحول الحرب إلى استنزاف طويل الأمد، مما يرهق الاقتصاد الإسرائيلي ويزيد من عزلتها الدولية، خاصة مع تزايد الانتقادات لحجم الدمار في غزة.

أما السيناريو الثاني فيتضمن مفاوضات غير مباشرة، ربما بوساطة مصرية أو قطرية، للوصول إلى هدنة طويلة الأمد، لكن قبول نتنياهو لهذا الخيار قد يكون صعبًا بسبب المعارضة الداخلية، بينما السيناريو الثالث يتعلق بإمكانية حدوث أزمة سياسية داخل إسرائيل إذا فشلت العمليات في تحقيق أهدافها، مما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة أو تغيير في القيادة.

إسرائيل تواجه تحديات إضافية تتعلق باستنزاف مواردها العسكرية والاقتصادية، خاصة مع التهديدات المتزامنة على جبهات أخرى، كما أن الضغط الدولي، بما في ذلك احتمال فرض عقوبات أو قرارات أممية، قد يحد من حرية إسرائيل في المناورة.

في المقابل، تعتمد قدرة حماس على مواصلة المقاومة على استمرار الدعم اللوجستي والمالي من حلفائها الإقليميين، تصوير العمليات والترويج لها قد يجذب دعمًا إضافيًا، لكنه لن يكون كافيًا إذا تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة.

إصرار نتنياهو على مواصلة العمليات في غزة يعكس حسابات سياسية وعسكرية معقدة، لكنه يواجه تحديات متزايدة بسبب تطور تكتيكات حماس وارتفاع تكلفة العمليات، وعلى عكس شارون، الذي اختار الانسحاب لتجنب حرب استنزاف، يبدو نتنياهو عازمًا على تحقيق نصر رمزي، رغم المخاطر. 

مستقبل الصراع يعتمد على قدرة الطرفين على تحمل الخسائر، والضغوط الداخلية والدولية التي قد تدفع نحو تصعيد أو تسوية، واستمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى حرب طويلة الأمد، ما لم تتدخل الإدارة الأمريكية وتحديدًا ترامب لفرض هدنة.

تابع مواقعنا