وشوش جدعة
من وقت للتاني بتكون محتاج تقرا أو تسمع أو تشوف بشكل شخصي مباشر موقف أو أكتر يشحنوك ويرجعولك من تاني ثقتك في إن الدنيا لسه بخير وإن البركة لسه موجودة في الناس.
صحيح ده حصل معايا ومعاكم خلال الأسبوع اللي فات بعد حادثة حريق سنترال رمسيس وإحنا بنشوف بعيوننا شهامة وإخلاص رجال الحماية المدنية اللي كانوا حاطين أرواحهم عل كفوفهم وهما بيحاولوا يطفوا النار، وشوفنا برضه مهارة وتميز شباب مصر خريجين هندسة اللي قرروا يساهموا بمجهودهم وخبرتهم في إعادة كفاءة السنترال للعمل تاني من خلال قعدتهم في الشارع وشغلهم عل الكابلات عشان يرجعوها زي ما كانت.
مواقف المصريين اللي بتبان فيها شهامتهم وجدعنتهم اللي قادرة تشحنك موجودة على طول، عشان كده بحب أحتفظ بالمواقف دي عشان أذكرها كل ما أتيحت الفرصة لكده عشان تكون زي مرجع ليا ولغيري يشوفوا من خلالها الوجه الأصيل للمصريين.. يعني مثلًا في سنة 2022 فيه شاب مصري اسمه "صالح" كان عنده 21 سنة من قرية "العطف" في الجيزة.. فوجيء "صالح" إن والدته تعبت تعب جامد شويتين تلاتة، بعد الكشف والتحاليل اكتشفوا إنها محتاجة زراعة كبد وإن يتنقل لها فص كبد!.. محتاجة متبرع.
"صالح" بدون تفكير قال أنا هتبرع لأمي، راحوا لمعهد الكبد في القاهرة وبلغوهم إن من ضمن الشروط عشان العملية تتعمل غير فص الكبد إن يكون فيه كمية كبيرة جدًا من أكياس الدم!.. ده إجراء مهم قبل أى عملية في الكبد خصوصًا إنه بيكون من المتوقع في العمليات دي إن المريض يفقد كمية كبيرة من الدم أثناء العملية وفي المراحل اللي بعد كده فأنا كمستشفى مش هسيب حاجة للظروف.. محتاجين كام كيس؟، محتاجين 300 كيس دم من أى فصيلة وإحنا هنبدلهم بفصيلتها!.. كمية ضخمة وتدبيرها شِبه مستحيل!.
اليأس كان ابتدي يسيطر على "صالح" لحد ما ظهر في الصورة شاب جاره في القرية اسمه "أحمد" وقال لأهالي القرية القصة، أهالي قرية "العطف" بدون ترتيب لموا بعض في مسجد القرية رجالة وستات كبار وصغيرين وتواصلوا مع معهد الكبد عشان يبعت لهم عربية تاخد منهم الأكياس.. في خلال 4 ساعات بس اتلم الـ 300 كيس، والعملية اتعملت الحمدلله ونجحت و"صالح"، ووالدته عدوا مرحلة الخطر وبقت صحتهم عال العال بفضل ربنا سبحانه وتعالى أولًا وأخيرًا ثم شهامة أهل البلد.
في سنة 2024 كان فيه شاب مصري جميل اسمه "سيد مسعد" عنده 17 سنة وبيشتغل مبلط سيراميك، من قرية في مدينة المنزلة في الدقهلية.. "سيد" متعود بعد ما يخلص شغله ويروح بيتهم إنه يقعد شوية في نادي موجود في مدينة المنزلة على أساس يغير جو بعد يوم الشغل المرهق.
فجأة وهو قاعد فوجيء بطفل صغير عنده 10 سنين بيقع في حمام السباحة وبان من حركته إنه بيغرق!.. بدون تفكير وبدون ما يحسبها وبدون ما يقول وأنا مالي أنا هقف اتفرج وأكيد فيه منقذ هيظهر دلوقتي ينقذه؛ نط في حمام السباحة بهدومه وبموبايله عشان ينقذ الطفل ونجح فعلًا في كده!.
الناس اللي كانت واقفة تتفرج استغربوا من سرعة رد فعله وتصرفه.. موبايل "سيد" واللي ثمنه 8000 جنيه باظ بسبب اللي عمله وبقى بدون موبايل!.. الصحفي "أنس سعد" بيسأله في حوار صحفي عن تصرفه وعن بوظان الموبايل فقال له: (موبايل إيه!، مش مهم أهم حاجة روح البني آدم).
في أواخر سنة 2023 فيه موقف غريب حصل وما أخدش حقه من الانتشار!.. كان فيه زوجة شابة مصرية حامل مسافرة هي وجوزها في القطر من القاهرة للصعيد.. حط تحت كلمة حامل دي خط، وتحت كلمة إنها حامل في الشهر التاسع ومسافرة في قطر مليون خط!.. مسألة خطرة ولازم تكون متحاوطة بلطف ربنا وستره.. لكن للأسف حصل اللي يتخاف منه وهو إن أعراض الولادة ظهرت على الزوجة أثناء سير القطر!.
يشاء ربنا إن يكون في نفس القطر وفي نفس العربية كمان الدكتور "عصام نان" طبيب القلب في مستشفى أسيوط العام، والدكتور "إسلام أبو شامة" أخصائي النساء، وزوجته طبيبة الأطفال وكمان مسعف اسمه أستاذ "أيمن" من مرفق الإسعاف!.
يشاء ربنا إن الأربعة دول بتخصصاتهم دي بالذات كانوا موجودين بدون ترتيب في القطر ده بالذات وفي نفس اللحظة دي بالذات!.. فورًا وبدون اتفاق طلبوا من رئيس القطر إنه يوقفه عشان الرجرجة هتزود الأمر صعوبة على الأم والطفل.
رئيس القطر كان في موقف صعب لإن القطر قطر محافظات وأقرب محطة ينفع يقف فيها هي محطة مركز ديروط وده ممنوع أساسًا لكن الراجل المحترم عمل اتصالات مكثفة عشان يقدر يوقف القطر، ونجح في كده بالفعل.
الجزء الأهم إن الولادة دي وعشان بكرية هتحتاج شق في جدار المهبل ومفيش أدوات طبية تساعدهم لكن قرر د."إسلام" وباقي الأبطال المحترمين يكملوا عملية الولادة عشان تخرج الطفلة القمر "شمس" للدنيا!.. الزوجة دي ربنا سخرلها 4 ماتعرفهمش عشان ينفذ إرادته اللي كان فيها الخير كله ليها.
رغم صعوبة الظروف اللي مأثرة على معظمنا، والخبطات اليمين والشمال اللي مش ملاحقين عليها بس ماتصدقش اللي يقول لك إن الدنيا مابقاش فيها خير.
الدنيا لسه فيها ناس جدعان، ومحترمين، ومتربيين، وبيعرفوا يعملوا الواجب واللي يصح بدون ما ينتظروا مقابل، وربنا بيجعلهم سبب عشان يكونوا تجسيد لمعنى رحمته في الأرض.. الخير دايرة والشر دايرة، وزى ما تعمل زى ما هتشوف وزى ما هيتردلك.


