الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الفندق خارج الخدمة

الجمعة 11/يوليو/2025 - 05:54 م

فيه نوع من البشر بيعدي في حياتك كأنه ضيف نازل في أوتيل، يدخل بابتسامة، يطلب الراحة، يشاركك شوية لحظات، يحكي، يفضفض، ياخد منك دفا واهتمام، وبعدين في لحظة مش مفهومة، يلمّ هدومه ويمشي.. من غير ما يقول رايح فين ولا ليه، يسيب وراه أسئلة مالهاش إجابة، وساعات كمان وجع ما تعرفش توصفه. ومشكلتهم مش إنهم جم ومشيوا، المشكلة إنهم لما مشيوا نسوا يشيلوا اللي سابوه وراهم: التعلق، الحنين، الارتباك، والخوف من إن كل الناس تبقى كده.

المؤلم فيهم إنهم بيجوا وقت احتياجهم، مش وقت احتياجك. بيكلموك لما يكون فيهم كسر أو فراغ، ولما يتصلّح حالهم أو حد تاني يظهر في حياتهم، يختفوا، كأنك كنت مجرد اسعاف طارئ. أو موتيل على الطريق أو بالبلدي كده مجرد "رست". ومع كل مرة بتحصل، بتحس إنك كنت أداة، وسيلة، مرحلة مؤقتة مش أكتر. وكل مرة، بتفضل تحاول تفتكر: "أنا قصّرت؟"، "زعلتهم؟"، "ولا هما أصلًا ماكانوش هنا علشاني؟". وساعات الحقيقة بتكون مؤلمة أكتر: هما مكانوش شايفينك زي ما إنت شايفهم.

الغريب إن الناس دي مش دايمًا نيتها سيئة، لكنهم بيحبوا وجودك وقت ما يكون مناسب ليهم، مش ليك. وده مش اسمه حب، ولا عشرة، ولا حتى صداقة. ده اسمه استهلاك عاطفي. بياخدوا منك كل اللي يريحهم، يطبطب عليهم، يسمعهم، يشيل عنهم تقلباتهم، ولما يخلصوا… يرموك زي الكوباية بتاعة القهوة بعد ما تتشرب، متسألش فين راحوا، لأن اللي بيقلب الصفحة من غير ما يقولك، غالبًا ماكانش بيقراها أصلًا.

المشكلة إنك بتفضل شايل الذكرى، بتفتكر كلمتهم الحلوة، ضحكتهم، أول مرة حكولك فيها حاجة محدش غيرك يعرفها، بتفتكر يوم قالولك "أنا برتاحلك" و"أنا مش بلاقي حد أتكلم معاه غيرك"، وبتفتكر إنك صدقتهم، بكل نية طيبة، وكنت فخور إنك بقيت الشخص ده… بس فجأة بقى عندهم غيرك، أو يمكن مبقاش عندهم رغبة فيك. وانت؟ بتفضل هناك، في المحطة، مستنيهم يرجعوا، أو على الأقل يفتكروا إنك لسه واقف.

بس الحقيقة إنك مش محطة، مش مكان الناس تنزل ترتاح فيه شوية وتكمل، مش فاصل في فيلم حياتهم، مش استراحة سريعة في رحلة طويلة، إنت بني آدم، ليك قيمة، وقلبك ما ينفعش يتعامل معاه كأنك كشك بيعدوا عليه وقت الزنقة. لازم تصدق ده، وتبدأ تبطل تبرر اختفاء الناس اللي اختاروا يمشوا.

من اللحظة دي، احترم نفسك كفاية إنك تقفل بابك قدام اللي يفتحه بس وقت ما يحب. احمي قلبك من اللي بيجوا وبيروحوا على كيفهم، كأنك "متاح وقت اللزوم"، واعرف إن فيه ناس، مهما ادّعوا إنهم بيحبوك، بيحبوا وجودك اللي بيريحهم، مش شخصك الحقيقي، وإنت تستاهل أكتر من كده.

لو حد بيختفي ويرجع على مزاجه، سيبه يختفي للأبد، ولو حد بيعاملك كأنك طوق نجاة مؤقت، ارمي الطوق في البحر ومتسندش عليه تاني. مش قسوة، ولا انتقام، ده احترام لنفسك، لحنيتك، لعطائك اللي مالوش مقابل، لأنك لما تبطل تكون محطة، هتبدأ تكون واجهة.. واللي هيجيلك وقتها، هييجي علشانك، مش علشان نفسه.. عشان كده ابدأ قول عفوًا الفندق في الصيانة.

تابع مواقعنا