إذاعة القاهرة تُشعل جدلًا مغربيًا جزائريًا بسبب أغنية ها وليدي
أثار قرار إذاعة القاهرة الدولية بثّ الأغنية المغربية "ها وليدي" للفنانة جايلان بشكل يومي في شبكتها البرامجية موجة من الاعتراضات داخل أوساط بعض العاملين الجزائريين بالمؤسسة، ما فتح باب جدل سياسي وثقافي جديد بين المغرب والجزائر.
إذاعة القاهرة الدولية تُشعل جدلًا مغربيًا
وحسب مصادر من داخل الإذاعة، جاء اختيار الأغنية نتيجة لمزجها الناجح بين الانتشار الرقمي الواسع عبر المنصات التفاعلية، ومستواها الفني العالي، سواء من حيث الإيقاع أو البناء اللحني واللغوي. ورغم الاعتراضات الجزائرية، شددت إدارة الإذاعة على التزامها بمعايير فنية بحتة، مؤكدة أن انفتاحها على الموسيقى المغربية نابع من قناعتها بحرية الإبداع، بعيدًا عن الحسابات السياسية.
وفي هذا السياق، قال محمد عبد العزيز، مدير إذاعة القاهرة الدولية، في تصريح لهسبريس، إن اختيار الأغنية المغربية يندرج ضمن استراتيجية تسعى لإبراز التنوع الموسيقي العربي، مؤكدًا أن الأغنية لاقت تفاعلًا جماهيريًا واسعًا، ما جعل إدراجها قرارًا طبيعيًا ضمن برمجة تعتمد على الذوق العام لا الانتماءات الجغرافية أو السياسية.
وأشار عبد العزيز إلى أن الإذاعة تمنح كل بلد عربي مساحة أسبوعية لعرض أبرز إنتاجاته الموسيقية، وأن المغرب يتقدم في هذا المجال بفضل ثراء موسيقاه وتنوّعها، مضيفًا أن الأغنية المغربية باتت قادرة على عبور الحدود الثقافية دون الحاجة إلى تقديم تنازلات فنية.
ورأى عدد من النقاد والمتابعين أن إدراج أغنية ذات لهجة مغربية واضحة وطابع تراثي على أثير إذاعة مصرية مرموقة يعكس اعترافًا ضمنيًا بالحضور الفني المغربي المتزايد في الساحة العربية، ويعزّز ما يُعرف بـ"الدبلوماسية الثقافية الناعمة" التي تُصدّر هوية المغرب الفنية بعيدًا عن الشعارات.
وأكدوا أن هذه الخطوة تُعيد تسليط الضوء على مسار طويل من العلاقات الفنية التي جمعت المغرب بمصر، من أيام عبد الهادي بلخياط وسميرة سعيد إلى جيل جايلان، معتبرين أن نجاح هذا الجيل لا يحتاج للعبور الفيزيائي إلى القاهرة، بل يكفيه اليوم أن يغني من المغرب لتصل أصداؤه إلى العواصم العربية.
وفيما رأى البعض أن الأغنية قد تحمل رسائل سياسية ضمنية مرتبطة بمواقف الفنانة من قضايا وطنية، شدد عبد العزيز على أن المؤسسة لا تتعامل مع الأعمال الموسيقية من هذا المنظور، بل تعتمد فقط على معايير الجودة والتفاعل الجماهيري، مشيرًا إلى أن الإذاعة لطالما قدّمت أعمالًا فنية تعبّر عن هويات ثقافية متعددة، دون أن يُفهم ذلك كموقف سياسي.
وفي ختام تصريحه، أكد مدير إذاعة القاهرة الدولية أن الإبداع يعلو على الانتماءات، وأن كل عمل يحمل طابعًا فنيًا مميزًا ويلقى تجاوبًا حقيقيًا، يجد مكانه في خريطة البث، سواء أكان دينيًا أو وطنيًا أو ثقافيًا، لأن الذوق العام هو المعيار الأول والأخير.


