السبت 06 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

فضل شاكر.. لاجئ لبناني في ملاجئ الفلسطينيين

فضل شاكر
فن
فضل شاكر
السبت 12/يوليو/2025 - 05:21 م

فضل شاكر من نجم يشغل المسارح الكبرى ويغني للحب والحنين، إلى رجل يعيش في الظل تحت حماية مخيم عين الحلوة، يقضي أيامه ما بين عزف بسيط على العود، وملاحقات أمنية لم تنته منذ أكثر من عقد، هذه هي الحكاية المزدوجة لفضل شاكر، المغني اللبناني الذي أصبح مادة جدل سياسي وديني، وشخصية انقلبت ملامحها من صوت رخيم إلى صورة ملتح بسلاح.

فضل شاكر.. طفولة على الهامش

ولد فضل عبد الرحمن شمندر عام 1969 في صيدا، جنوب لبنان، في أحد أحياء التعمير الشعبي المتاخمة لمخيم عين الحلوة، أرسل في عمر مبكر إلى دار الأيتام الإسلامية في بيروت رغم أن والده كان على قيد الحياة، وهو ما بقي لغزًا عائليًا لم يفكك، أمضى سنواته الأولى بين مؤسسات الرعاية وبعض أزقة المخيم، حيث سيتشكل وعيه الأول وتذوقه الموسيقى في بيئة فقيرة لكنها مشبعة بالفن الشعبي.

كان والده، سائق التاكسي المعروف في الحي، يحب عبد الوهاب وأم كلثوم، ويجلس على رصيف المنزل يشرب ويدعو الجيران إلى مائدته، هذا المشهد البسيط، المتناقض مع صورة الابن التي ستتشكل لاحقًا، ربما كان أول بذور الازدواج في شخصية فضل.

فضل شاكر: الصوت الخارج من المخيم

بدأ فضل مسيرته الفنية فعليا في التسعينات، بعد احتكاكه بالموسيقار الفلسطيني نصر النصر، الذي احتضنه في فرقة بيت السمرا، ومن هناك، صعد نجم فضل شاكر الاسم الفني الذي اختاره بدلا من اسمه الحقيقي، كان يغني على أسطح المخيم وفي أعراس اللاجئين، قبل أن يطلق أولى أغانيه التجارية مع شركة الخيول عام 1996.

بنبرة صوته الحنونة وأسلوبه الكلاسيكي، أصبح شاكر أحد أبرز نجوم الأغنية الرومانسية في العالم العربي، أحيا حفلات ضخمة في بيروت وأبيدجان ودبي، وغنى على مسارح هلا فبراير وقرطاج، واعتبره البعض امتدادا حديثا لعبد الحليم حافظ.

فضل شاكر
فضل شاكر

التحول من الطرب إلى التطرف

بحلول عام 2005، بعد اغتيال رفيق الحريري، عاد فضل إلى صيدا ليعيش في فيلا بمجدليون، ويبتعد تدريجيًا عن الساحة الفنية، ومع تصاعد الانقسامات السياسية والطائفية، وجد نفسه مشدودًا نحو الخطاب الديني، متأثرًا بشقيقه محمد وبعض المشايخ المحليين.

في 2011، أعلن اعتزال الغناء وتحوله إلى ما سماه النشيد الديني، وظهر لاحقًا ملتحيًا ومسلحًا إلى جانب الشيخ أحمد الأسير، في ما عرف لاحقا بـ معركة عبرا، بعد سقوط المعركة وهروب الأسير، لجأ فضل إلى مخيم عين الحلوة، حيث يعيش منذ ذلك الحين متواريًا، وملاحقًا بأحكام تصل إلى 22 عامًا سجنًا بتهم الإرهاب والمشاركة في القتال.

فصل شاكر
فصل شاكر

فضل شاكر هارب في مخيم عين الحلوة

فضل اختار الإقامة في منطقة منشية عين الحلوة، رغم أن ولادته ونشأته كانت في التعمير التحتاني ومخيم الطوارئ، حيث كانت تتمركز الجماعات المسلحة، هذا الخيار حمل دلالة رمزية؛ كأنه اختار النأي عن ولاءات الماضي، وفضل عزلة يراها أكثر هدوءًا، على حد قوله في أحد لقاءاته.

يعيش اليوم في شقة متواضعة داخل المخيم، يدرب ابنه محمد على الغناء، ويكتب أحيانا ألحانا جديدة دون أن يصدرها، ورغم محاولاته لتطهير صورته، لا تزال ذاكرة الجمهور أسيرة صورته وهو يحمل السلاح ويتوعد بالجهاد.

فضل شاكر
فضل شاكر

هل فضل شاكر إرهابي؟ أم فنان ضل طريقه؟ سؤال يبقى مطروحًا في كل لقاء صحفي وكل نقاش جماهيري، في بيانه الأخير، حاول إعادة تقديم نفسه كمظلوم، منسحب من العمل المسلح، لكنه في عيون القضاء اللبناني ما زال هاربًا من العدالة.

ما بين اسمه في لوائح الإنتربول، وأغانيه الرومانسية التي ما زالت تبث في الإذاعات، يعيش شاكر مفارقة نادرة، قلما شهدها العالم العربي في سيرة فنان، وبينما يدرب ابنه محمد على حمل اللحن بدل السلاح، لا أحد يعرف إن كان المستقبل سيسمح له بإكمال تلك المهمة.

فضل شاكر.. طفل الأيتام إلى نجم الملايين

قصة فضل شاكر ليست مجرد قصة فنان أو صاحب صوت، بل قصة وطن يبحث عن مكانه بين الحرب والسلام، الصعود والهبوط، الحقيقة والتمثيل، من طفل الأيتام إلى نجم الملايين، ثم إلى مطارد أخيرا لاجئ في مخيم، ثم إلى رجل ربى ابنه على ميكسر وصوت أغنية جديدة.

فضل شاكر
فضل شاكر

هو الآن لاجئ لبناني في أرض فلسطينية، لكن صوته ما يزال يصدح: بالحب، بالحنين، بالندم، تجري أغان جديدة في سجله القريب، وأغلبها يسأل عن الخلاص: من الماضي، من الصورة، من الوطن الذي ولد فيه لكنه غادره وترجع.

في النهاية فضل شاكر يطلب أن يذكر كفنان أحب، رفض، قاتل ربما، لكنه اختار أن يغني مجددا، وهل توجد حبة أمل أعمق من صوت لا يزال يبحث عن بيته؟

تابع مواقعنا