رغم كف البصر ووحشة الوحدة.. "أمنة" تحفظ القرآن وتُعلّمه لأهالي قريتها وتحلم بالحج من قلب سوهاج
في بيت بسيط بقرية الصلعا التابعة لمركز سوهاج، تقيم سيدة خمسينية تُدعى آمنة أحمد محمد، قد لا يميزها المارّ للوهلة الأولى، لكن من يقترب منها يكتشف قصةً إنسانية استثنائية، تلخّص معنى الإرادة والإيمان.
فـ"أمنة"، صاحبة الـ 55 عامًا، ورغم كف بصرها الكامل ووحدتها القاسية، بعد وفاة والديها، وعدم وجود أخ أو أخت، استطاعت أن تحفظ القرآن الكريم كاملًا خلال 9 سنوات، بل بدأت في تحفيظه لأبناء وبنات قريتها، لتصبح قدوة ونبراسًا في العطاء والصبر.
كفيفة وأتمت حفظ كتاب الله وعمرها 55 عامًا
بدأت رحلة "أمنة" مع كتاب الله قبل 9 سنوات، في وقت كانت فيه تعاني من العزلة بعد وفاة والديها، حيث تعيش بمفردها دون زوج أو أبناء، أو أشقاء، ورغم التحديات الكثيرة، أبرزها فقدان البصر ومحدودية الحركة، لم تستسلم، وتمكنت من حفظ كتاب الله الكريم في مدرسة القران الكريم بالصلعا.
أكدت الشيخ أحمد، أحد معلميها في المدرسة القرآنية بالصلعا، أنها حفظت القران الكريم بالتلقين، فهنالك محفظة تلقنها القران الكريم، وكانت دائما وابدا تحب سماع الشيخ محمد صديق المنشاوي، وعبدالباسط عبدالصمد، والشيخ مصطفى اسماعيل، والشيخ الحصري، وغيرهم.
وأضاف الدكتور كمال ناصر، شيخ بوزارة الاوقاف وأحد معلمي القران بالقرية، منذ شهر واحد فقط، استطاعت "أمنة" أن تختم القرآن الكريم كاملًا، بعد مسيرة حفظ طويلة مليئة بالصبر والتحديات، تلك اللحظة لم تكن مجرد إنجاز شخصي، بل كانت بمثابة إعلان ميلاد جديد لها، حيث ستبدأ قريبا بعد اجتيازها الاختبارات من المتخصصين في تعليم وتحفيظ الفتيات والنساء في القرية.
تقول صديقتها أنها كانت تنتقل بصعوبة إلى مكتب تحفيظ القرآن، تمسك بيد طفلة أو أحدى الفتيات من الجيران ممن يحفظن في المدرسة القرآنية من جيرانها، وتذهب برفقتهم لحفظ القران الكريم، ثم تعود برفقتهم.
رغم السعادة التي تغمر قلب "أمنة"، فإن لها حلمًا واحدًا لم يتحقق بعد، وهو أن تطأ قدماها أرض الحرمين الشريفين، وتزور بيت الله الحرام، حاجّة إلى ربها الذي أنار لها الطريق بنور القرآن.
وأضافت "نفسي أطوف حوالين الكعبة.. وأدعي لكل اللي ساعدني في طريقي.. نفسي أحج وأزور بيت ربنا ولو مرة قبل ما أموت".
جدير بالذكر أن قصة "أمنة" ليست فقط نموذجًا لامرأة مصرية مكافحة، بل رسالة صريحة لمن يستطيع أن يساعد، أن هناك امرأة صالحة، كفيفة، تعيش وحدها، لا تطلب شيئًا من الدنيا سوى زيارة بيت الله الحرام، بعد أن أفنت سنين عمرها في حفظ وتعليم القرآن الكريم، بالرغم من فقدانها البصر ومعيشتها وحيدة بلا أب أو أم أو أخ أو أخت.






