الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

حصن العروبة.. هكذا تواجه مصر الضغوط الأمريكية - الإسرائيلية

الأحد 13/يوليو/2025 - 02:23 م

تتبنى مصر، بحكم موقعها الجغرافي والتاريخي، موقفًا صلبًا ضد فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؛ وهذا الرفض ليس مجرد رد فعل سياسي، بل قرار استراتيجي ينبع من إدراك عميق للمخاطر التي ينطوي عليها هذا المخطط.

التهجير لن يؤدي فقط إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال إفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها، بل سيخلق تحديات أمنية غير مسبوقة على الأمن القومي العربي.

موقف القاهرة هنا يعكس التزامًا راسخًا بالمبادئ العربية والإنسانية، حيث ترى مصر أن القضية الفلسطينية ليست قضية فلسطينية فحسب، بل قضية مركزية للأمة العربية بأكملها. 

هذا الرفض جاء مدعومًا بوحدة وطنية قوية، حيث أظهر الشعب المصري تأييدًا واسعًا لهذا الموقف، مدركًا أن حماية الحقوق الفلسطينية هي جزء لا يتجزأ من حماية الأمن القومي العربي.

استقلال القرار

قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي برفض زيارة الولايات المتحدة الأمريكية واللقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمثل لحظة فارقة في السياسة الخارجية المصرية.

القرار لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن مصر لن تخضع لضغوط تهدف إلى تغيير مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.

إدارة ترامب، التي تشتهر بدعمها غير المحدود لإسرائيل، تحاول فرض رؤية سياسية تتجاهل الحقوق الفلسطينية، بما في ذلك حق العودة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

رفض السيسي لهذه الزيارة يعكس إدراكًا عميقًا بأن الانخراط في مثل هذه اللقاءات قد يُفسر على أنه قبول ضمني بالضغوط الأمريكية.

بدلًا من ذلك، اختارت مصر الحفاظ على استقلاليتها، مؤكدة أن قراراتها السياسية تنبع من مصالحها الوطنية وتاريخها الطويل في دعم القضايا العربية. 

هذا الموقف عزز مكانة مصر كقوة إقليمية قادرة على اتخاذ قراراتها بعيدًا عن الهيمنة الخارجية، مما جعلها نموذجًا للدول التي تسعى إلى الحفاظ على سيادتها في ظل تحديات معقدة.

حل الدولتين

تظل مصر المدافع الأبرز عن حل الدولتين كأساس لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية؛ موقف القاهرة يرتكز على القرارات الدولية، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

مصر، من خلال هذا الموقف، لا تسعى فقط إلى دعم الحقوق الفلسطينية، بل إلى تحقيق استقرار إقليمي طويل الأمد، يمنع المنطقة من الانزلاق إلى دوامات من العنف والصراع.

دور مصر كوسيط في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين يعكس هذه الرؤية الاستراتيجية؛ فالقاهرة، التي لعبت دورًا محوريًا في اتفاقيات التهدئة في قطاع غزة، تؤمن بأن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.

هذا النهج يجمع بين الدبلوماسية النشطة والالتزام بالمبادئ، مما يجعل مصر صوتًا مؤثرًا في المحافل الدولية، قادرًا على التأثير في مسار القضية الفلسطينية.

مواجهة الضغوط

ليس خافيًا أن مصر تواجه ضغوطًا اقتصادية وسياسية من الولايات المتحدة؛ وتحريض إسرائيلي، حتى تغير القاهرة مواقفها تجاه القضية الفلسطينية، هذه الضغوط، التي تأتي في شكل محاولات لزعزعة الاستقرار الداخلي أو التأثير على الاقتصاد المصري، تهدف إلى إضعاف موقف القاهرة ودفعها للقبول بمخططات تخدم الأجندة الإسرائيلية.

ومع ذلك، فإن مصر، بفضل وحدتها الوطنية وقوة مؤسساتها، تقاوم هذه الضغوط بنجاح؛ والشعب المصري، الذي يمتلك وعيًا تاريخيًا عميقًا، يلتف حول قيادته في مواجهة هذه التحديات. 

هذه الوحدة، التي تتجسد في دعم واسع لسياسات الرئيس السيسي، تشكل درعًا واقيًا ضد أي محاولات للتدخل الخارجي. كما أن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها مصر، مثل تنويع الشراكات الدولية وتعزيز الاقتصاد الوطني، ساهمت في تقليل الاعتماد على القوى الخارجية، مما عزز من قدرة الدولة على مواجهة الضغوط.

حرب عقائدية

في سياق إقليمي معقد، تواجه المنطقة ما يمكن وصفه بـ"حرب عقائدية" تستهدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤية إسرائيلية، بدعم أمريكي، تُعرف بـ"الشرق الأوسط الجديد". هذه الرؤية، التي يروج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تسعى إلى إضعاف الدول العربية وتصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض واقع سياسي جديد. 

مصر، بموقفها الثابت، تقاوم هذه الحرب العقائدية بسياسة خارجية متوازنة، تجمع بين الحفاظ على العلاقات مع القوى الدولية الكبرى والدفاع عن المصالح العربية.  

هذه المقاومة لا تقتصر على المواقف السياسية، بل تمتد إلى تعزيز القوة الاقتصادية والعسكرية لمصر، مما يجعلها قادرة على مواجهة أي تهديدات.

كما أن الدور المصري في دعم الوحدة الفلسطينية، من خلال استضافة حوارات المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، يعكس التزام القاهرة بتعزيز الجبهة العربية في مواجهة هذه التحديات.

دور إقليمي

مصر، بفضل تاريخها الطويل كقوة إقليمية، تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار في المنطقة. علاقاتها المتوازنة مع الدول العربية والإقليمية، إلى جانب دورها كوسيط في الصراعات الإقليمية، تجعلها ركيزة أساسية في الحفاظ على التوازن الإقليمي. 

على سبيل المثال، دور مصر في إدارة ملف التهدئة في غزة، وتأمين الحدود مع القطاع، يعكس قدرتها على الجمع بين الأمن القومي والالتزام بالقضايا العربية.
على المستوى الدولي، تحافظ مصر على علاقات قوية مع القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، مع الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي.
هذا التوازن يتيح لمصر التأثير في المحافل الدولية، سواء من خلال الأمم المتحدة أو المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية.

حصن العروبة

مصر، بحكم تاريخها وموقعها، تقف كحصن للعروبة في وجه التحديات الأمريكية-الإسرائيلية. موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية، ورفضها للتهجير، وصمودها أمام الضغوط الخارجية، يعكس قوة الدولة المصرية ووحدتها الوطنية. في عالم يشهد تحولات متسارعة، تظل مصر نموذجًا للدولة القادرة على الجمع بين السيادة الوطنية والالتزام بالمبادئ، مؤكدة أن الوحدة والثبات هما السلاح الأقوى في مواجهة أي محاولات لزعزعة استقرارها. هذا الموقف لا يعزز مكانة مصر فحسب، بل يجعلها صوتًا قويًا للعدالة والسلام في المنطقة والعالم.

تابع مواقعنا