السيستم واقع.. المقبلون على الزواج في ورطة بسبب حريق سنترال رمسيس

تسبَّب حريق  سنترال رمسيس في حدوث ما يشبه الشلل داخل كثير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، في ظل الاعتماد على الرقمنة، وهو ما تسبب في ارتباك بكثير من المنشآت الحكومية وتوقفها، ومن ثم تعطل مصالح المواطنين وإيقاعهم في حرج كبير لا سيما إذا كانت هذه المصالح مرتبطة بوقت محدد، ومن هؤلاء المواطنين المقبلين على الزواج الذين باتوا يواجهون مشكلة كبيرة تهدد بعدم إتمام الزواج جراء الصعوبات التي تحول دون استخراج الشهادات الصحية، وهي شرط أساس لكتابة عقد القرآن.

مبادرة تحاليل المقبلين على الزواج هي مبادرة رئيس الجمهورية لفحص المقبلين على الزواج بهدف بناء أسرة صحية خالية من الأمراض في المستقبل، حيث يتم  الكشف عن الأمراض غير السارية والأمراض المعدية والمنتقلة جنسيًّا، بالإضافة إلى فصيلة الدم ومُعامِل Rh والأمراض الوراثية وكذلك الصحة الإنجابية.

ويكون إجراء التحاليل في أقرب وحدة صحية من وحدات فحص المقبلين على الزواج لإجراء الفحوصات الطبية وطباعة شهادة النتائج، ويتم استلام نتائج الفحوصات الطبية للمقبلين على الزواج خلال 14 يومًا من إجراء التحاليل.

وتم تخصيص الخط الساخن 15335، الذي يمكن من خلاله الاستفسار عن أماكن تقديم الخدمات، الخاصة بمبادرة فحص المقبلين على الزواج.

الساعة التاسعة صباحا.. العمل انتهى 

كانت الساعة التاسعة صباحا يوم الاثنين 7 يوليو، عندما ذهب س. م، 36 عاما رفض ذكر اسمه، إلى مركز زنين للرعاية الأولية ليجري تحاليل المقبلين الزواج، اللازمة لإتمام عقد قرانه خصوصًا أنه قد اقترب موعد زفافه؛ ليتفاجأ بالموظفة تبلغه أنه تم الانتهاء من العمل اليوم، وعليه أن يأتي لإجراء التحاليل غدًا.

يقول س. م: استغربت جدًّا كيف يكون العمل انتهى، ونحن في التاسعة صباحًا، أي في بداية العمل لتوضح لي الموظفة أنه يتم أخذ 20 فردًا فقط لإجراء التحليل يوميًّا واليوم تم الانتهاء من تسجيل الـ 20 فردًا بالفعل، وأنه لكي يجري التحليل عليه أن يحضر غدًا الساعة السادسة صباحًا، ويسجل اسمه مع الذين سيحضرون في نفس الموعد حتى يُتاح له أن يكون ضمن العشرين الذين يجرى لهم التحليل.

ويضيف: في اليوم التالي الثلاثاء 8 يوليو، ذهبت في السادسة صباحًا، وسجلت اسمي في كشف أعده الشباب الذين حضروا لإجراء تحاليل الزواج، وبعد الانتظار حتى الساعة التاسعة والنصف صباحًا -مع ملاحظة أن مواعيد العمل الرسمية تبدأ من الساعة 8 صباحًا- قالت الموظفة إن السيستم واقع بسبب حريق سنترال رمسيس.

ويتابع س: نصحني أحد الأصدقاء، أن أذهب غدًا إلى مركز آخر لإجراء التحاليل، موضحًا أن هذا المركز ليس فيه التعقيدات التي في مركز زنين، فذهبت يوم  الخميس 10 يوليو إلى  مركز الرعاية الأولية في ميت عقبة، فأخبروني أن السيستم واقع ولا يمكن إجراء تحاليل هنا الآن ونصحوني بالتوجه إلى مركز آخر لإجراء التحاليل.

وواصل: ذهبت إلى مركز الرعاية الأولية بالفجالة، وهناك قابلني موظف وأخبرني أن السيستم واقع في حين أخبرتني موظفة أخرى أنني جئت متأخرًا علمًا بأنني كنت حاضرًا في المركز الساعة الواحدة ظهرًا، أي قبل انتهاء مواعيد العمل بساعة ولم أتمكن من إجراء التحاليل.

لا توجد أدوات

الأمر ليس خاصًّا بـ س فقط، حيث كانت لـ آ، ع حكاية أخرى فقالت: ذهبت أنا وخطيبي إلى مركز الأميرية، ففوجئت بعدم وجود أدوات التحليل، على بساطتها، متسائلة كيف يخلو مركز متخصص في التحليل من أدوات بسيطة للتحليل؟ وعندما اقترحت عليهم أن أشتري أنا الأدوات من الخارج لعمل التحليل قالولي مينفعش ولا يوجد كارت من المبادرة لوضع البيانات عليه، يعني قفلوها في وشي من كل الاتجاهات ومشيت.

تواصل: ذهبت إلى مركز سراي القبة الصحي لإجراء تحاليل الزواج هناك، وكانت وقتها الساعة الحادية عشر صباحا، فقالوا لي، إنه تم اكتمال العدد المحدّد لإجراء التحاليل اليوم وعليك الحضور غدًا الساعة 8 صباحًا وحجز دورها لإجراء التحاليل.

تقول: مع احتراق سنترال رمسيس، وكلما ذهبت إلى مركز قالوا لي السيستم واقع وفرحي لم يتبقَّ عليه سوى 4 أيام، ولا أعرف ماذا أفعل في هذه الورطة؟.

شكاوى فنكوش

لم يستسلم (س) لتثبيط الموظفين، فحاول  البحث عن حل سريع لمشكلته وفكر في تقديم شكوى للجهات المختصة، فـيقول: عندما ذهبت يوم الاثنين إلى مركز الرعاية الأولية بزنين لإجراء تحاليل الزواج وقوبلت بمماطلة الموظفين اتصلت بمجلس الورزاء وبعد استجواب من موظف الكول سنتر سجلت شكوى، وقالوا إنه سيتم الرد عليّ خلال 72 ساعة، ليتم الرد عليّ يوم الخميس، وقتها كنت في مركز الرعاية الأولية بالفجالة بعد أن فشلت في إجراء  التحاليل به ومراكز أخرى واتصل موظف الكول سنتر وسألني إذا كان قد تم حل المشكلة أم لا، فأخبرته بأنه لم يتم حلها ليخبرني من جديد، أنه سيتم متابعة الشكوى والرد عليك".
يخرج (س) عن شعوره ويقول: "حتى الآن لم يتم حل المشكلة؟ وماذا سأستفيد إذا كان الردعلى الشكوى سيكون بعد 72 ساعة وأنا لم أقض مصالحي وأغادر دون إجراء التحاليل؟ حتى لو تم تطبيق عقوبة كبيرة على الموظف فأنا لم أقضِ مصلحتى ولم أجر التحاليل، وعملي لن يسمح لي بأخذ كل هذه الإجازات من أجل إجراء تحليل".

ويختم: "وحتى الآن لم يحدث شيء، وإذا لم يوافق المأذون على كتابة العقد دون شهادة تحاليل الزواج "بيتي هيخرب وسيضيع علي المبالغ التي تحملتها في التجهيزات وحجز القاعة وإيجار فستان العروس ولوازم تزيينها وحجز الكوافير وغيره". 

أزمة تحاليل الزواج.. عرض مستمر

المشكلة السابقة الذكر تواجه كثير من المقبلين على الزواج في محافظات مختلفة؛ يحكي رجب من محافظة بني سويف تجربته مع تحاليل الزواج عندما ذهب لإجرائها منذ عامين فيقول: وقتها نصحني الناس بعدم إجراء التحاليل في مدينة الفشن التي أقطن في إحدى القرى التابعة لها، فقررت الذهاب أنا وخطيبتي إلى المحافظة، وهناك أبلغونا أنه لا يوجد أدوات، فذهبت إلى مركز الرعاية في ببا وأجريت التحاليل أنا وخطيبتي.

ويتابع: اعتقدت أن الأمر انتهى حينها، لكن بعد أن سافرت إلى عملي في القاهرة فوجئت في اليوم التالي بموظفة تتصل بي وتطلب حضوري مرة أخرى لأخذ عينة أخرى مني لأن العينة التي تم سحبها مني أمس كانت قليلة ولا تصلح على حد تعبيرها، واضطررت بعدها بأيام للحصول على إجازة - بالكاد – من عملي للحضور لإعادة إجراء التحاليل مرة أخرى وهو ما أدى لتأخر ظهور النتيجة فأجلت عقد قراني لأيام حتى تم استخراج الشهادة الصحية. 

الصحة تنفي وجود مشكلة

من جانبه، رفض المتحدث باسم وزارة الصحة  الدكتور خالد عبد الغفار التعليق على الأمر، مكتفيا بالقول: "معنديش مكان السيستم مش شغال فيه"، بالمخالفة لما اشتكى منه المواطنون في نفس التوقيت.

وتواصل القاهرة 24، مع نقيب المأذونين لأخذ رده حول الأمر وما موقف الذين تعطل إجراء تحاليلهم للزواج بسبب سنترال رمسيس، لكن هواتفه مغلقة حتى كتابة الكلمة الأخيرة من هذه السطور.

تعويضات مستحيلة

في أعقاب حريق سنترال رمسيس، وتسببه في تأثر خدمات الاتصالات لدى عدد كبير من المستخدمين، أصدر الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات قرارًا بإلزام جميع الشركات بتقديم تعويضات فورية، بحيث يحصل مستخدمو الإنترنت الثابت على 10 جيجابايت مجانية تضاف تلقائيًا إلى رصيد الخدمة دون الحاجة لأي طلب أو خطوات.

وفي الحالات التي تضرر فيها المشترك من انقطاع الإنترنت الثابت واضطر للاعتماد على الهاتف المحمول، يتم منحه 5 جيجابايت مجانية على خطه المحمول كتعويض، ويشمل القرار مستخدمي خدمات الهاتف المحمول الذين تأثرت خدماتهم نتيجة الحادث، ويحصل كل منهم على 1 جيجابايت مجانية تُضاف تلقائيًا إلى باقة الإنترنت الخاصة بهم.

ولكن في الأخير يبقى أن نقول: وإذا كانت هذه التعويضات ممكنة في إطار الجيجابايت إنترنت، فهناك أمور أخرى يبدو من المستحيل التعويض عنها، فكيف يمكن تعويض الذين تتأخر زيجاتهم جراء حريق السنترال؟