إيهود أولمرت: المدينة الإنسانية في غزة معسكر اعتقال وتطهير عرقي برعاية حكومة نتنياهو
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، إن ما تُطلق عليه حكومة الاحتلال الإسرائيلي مدينة إنسانية تعتزم تشييدها على أنقاض مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، ما هو إلا معسكر اعتقال جماعي للفلسطينيين، مشيرًا إلى أن إجبار المدنيين على الدخول إليه يُعد تطهيرًا عرقيًا.
إنشاء مدينة إنسانية في رفح الفلسطينية
وفي حوار مع صحيفة الجارديان البريطانية، اعتبر أولمرت أن إسرائيل ترتكب بالفعل جرائم حرب في غزة والضفة الغربية، محذرًا من أن إنشاء هذا المعسكر سيكون تصعيدًا خطيرًا في سياق تلك الانتهاكات.
وأوضح أولمرت أن الفلسطينيين، بحسب الخطة التي طرحها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ويدعمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لن يُسمح لهم بمغادرة المدينة سوى باتجاه دول أخرى، مما يعني فرض عزلة قسرية عليهم.
وأضاف أن ترحيل الفلسطينيين إلى ما يُسمى المدينة الإنسانية سيُفسّر حتمًا على أنه تطهير عرقي، مشددًا على أنه إذا جرى حشد مئات الآلاف من الأشخاص داخل معسكر مغلق، فلا يمكن تفسير ذلك إلا كعملية تهجير قسري ممنهجة.
وأشار إلى أن الحديث عن حماية المدنيين لا يبدو صادقًا في ظل الخطاب المتطرف الذي تروّجه الحكومة الإسرائيلية، والذي يتضمن دعوات لتطهير غزة وإقامة مستوطنات جديدة، متسائلًا: عندما يُبنى معسكر بهدف تطهير أكثر من نصف قطاع غزة، فكيف يُمكن فهمه كمسعى لحماية السكان؟ إنه طرد وإقصاء لا غير.
واعتبر أولمرت، الذي تولى رئاسة الحكومة بين عامي 2006 و2009، أن الوزراء المتطرفين في الحكومة الحالية يشكلون العدو من الداخل، مشيرًا إلى أنهم يدفعون نحو مزيد من العنف والتوسع الاستيطاني على حساب أمن إسرائيل طويل الأمد.
وفي تعليقه على الانتهاكات التي يرتكبها المستوطنون بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، قال أولمرت إن ما يحدث من اعتداءات متكررة بحق القرى الفلسطينية جرائم حرب لا تُغتفر، لافتًا إلى أن ما يُعرف بـ شبان التلال بات يُمثّل منظومة متكاملة من العنف المحمي والمدعوم من السلطات الإسرائيلية.
وأضاف أن تصاعد الغضب الدولي تجاه إسرائيل لا يعود فقط إلى معاداة السامية، بل يرتبط بشكل أساسي بالمجازر والانتهاكات التي يشاهدها العالم عبر الشاشات وشبكات التواصل، قائلًا: نخدع أنفسنا حين نُرجع كل الانتقادات إلى الكراهية أو معاداة السامية... الناس يشاهدون ما يحدث ويشعرون أن إسرائيل قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء.
وشدد أولمرت على أن الرأي العام داخل إسرائيل لن يتغيّر إلا عندما تبدأ الدولة في دفع ثمن سياسي دولي، منتقدًا في الوقت ذاته وسائل الإعلام الإسرائيلية على تغطيتها المنحازة وتجاهلها للعنف ضد الفلسطينيين.
وأشار إلى أنه، رغم دعمه للعملية العسكرية ضد حماس في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023، إلا أنه بحلول الربيع الماضي حين تخلت الحكومة عن المفاوضات بشكل علني توصّل إلى قناعة بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، واصفًا ما يحدث بأنه انحراف مأساوي لحرب بدأت بدافع الدفاع عن النفس وتحولت إلى شيء آخر.
ورأى أن المسؤولية لا تقع فقط على الأوامر المباشرة من القادة العسكريين، بل على تغاضي الجيش عن ممارسات ميدانية أدت إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء، وهو ما دفعه إلى اتهام الحكومة الإسرائيلية علنًا بالمسؤولية عن هذه الجرائم.
ورغم كل ما حدث، عبّر أولمرت عن تمسكه بإمكانية تحقيق حل الدولتين، مشيرًا إلى أنه يعمل حاليًا مع وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق ناصر القدوة على الدفع بهذا الاتجاه عبر القنوات الدولية.
وختم أولمرت حديثه بالإشارة إلى سخريته من ترشيح نتنياهو للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، بينما الأخير نفسه يواجه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.


