الشرق الأوسط الأمريكي الإسرائيلي.. ماذا يقصد كاتس بـ«اتفاق إسرائيلي- أمريكي يجعل المنطقة أكثر أمانًا»؟
هل يمكن أن يشكل التعاون الإسرائيلي الأمريكي المعلن، مؤخرًا، نقطة تحول حيوية في الشرق الأوسط؟ خصوصًا بعدما أشار وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلى اتفاق مع نظيره الأمريكي على خطوات تهدف إلى جعل المنطقة مكانًا أكثر أمانًا لمصالح إسرائيل والولايات المتحدة.
التصريح، يثير تساؤلات حول طبيعة هذه الخطوات، ومدى تأثيرها على التوازنات الإقليمية، والتحديات التي قد تواجهها في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، فما دلالات الاتفاق، وتداعياته المستقبلية، وتقييم آثاره على استقرار المنطقة؟
تحالف الأشرار
يشكل التحالف الإسرائيلي الأمريكي ركيزة أساسية في السياسة الإقليمية منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل، ومنذ ذلك الحين، قدمت دعمًا ماليًا وعسكريًا هائلًا، تجاوز 150 مليار دولار حتى عام 2022، قبل اتفاقية أمنية- عسكرية مفتوحة.
هذا الدعم عزز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية، عبر تزويدها بأسلحة متقدمة، وتطوير أنظمة دفاعية مثل القبة الحديدية، وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة، كما حرصت الولايات المتحدة على تعزيز النفوذ الإسرائيلي من خلال اتفاقيات التطبيع (اتفاقيات التطبيع عام 2020، التي جمعت إسرائيل بدول عربية.
وأدى ذلك إلى توسيع النفوذ المشترك للبلدين في المنطقة، ما يؤكد التزام الولايات المتحدة بدعم إسرائيل، سواء عبر المساعدات العسكرية أو الدبلوماسية، كجزء من استراتيجيتها لضمان التفوق الإقليمي لإسرائيل في مواجهة التحديات، خصوصًا من إيران وحلفائها.
مكونات الاتفاق
يوحي تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بوجود خطوات ملموسة لتعزيز الأمن المشترك لإسرائيل والولايات المتحدة، ومن المرجح أن يشمل الاتفاق تزويد إسرائيل بأسلحة متقدمة، مثل صواريخ دقيقة التوجيه، وتعزيز أنظمة دفاعية مثل القبة الحديدية، إلى جانب تعزيز التعاون في التدريبات العسكرية المشتركة.
التوقعات حول الاتفاق توحي بأنه يركز بشكل كبير على مواجهة النفوذ الإيراني، الذي يُعد التحدي الأبرز لمصالح البلدين في المنطقة، خاصة بعد الضربات الإسرائيلية على مواقع إيرانية، بما في ذلك منشآت عسكرية ونووية، مما يعكس استراتيجية مشتركة لتقليص القدرات الإيرانية عبر العمليات العسكرية المباشرة، العقوبات الاقتصادية، والضغط الدبلوماسي.
كما يسعى الاتفاق إلى دفع التطبيع الإقليمي من خلال توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم، مع تقديم إغراءات اقتصادية أمريكية لدول جديدة، رغم اشتراط إحراز تقدم في القضية الفلسطينية كشرط للتطبيع، ويتماشى الاتفاق مع رؤية إسرائيل لـ"الشرق الأوسط الجديد"، التي تصوّر إسرائيل كمركز إقليمي مدعوم أمريكيًا!
تداعيات متوقعة
قد يؤدي هذا الاتفاق إلى تصعيد الصراع مما ينذر بإمكانية تحول التوترات إلى نزاع إقليمي أوسع، كما أن توسيع التطبيع مع دول عربية إضافية قد يواجه مقاومة شعبية قوية، خاصة في ظل استمرار تهميش القضية الفلسطينية.
خريطة "الشرق الأوسط الجديد" التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2023، والتي أغفلت وجود دولة فلسطينية، تعكس هذا التوجه، مما قد يزيد من التوترات مع الفلسطينيين وبعض الدول العربية المتعاطفة مع القضية.
كما أن الاتفاق قد يواجه تحديات من قوى دولية، مثل الصين وروسيا، اللتين تعملان على تعزيز حضورهما في المنطقة من خلال دعم إيران وسوريا، مما يعقد المشهد الجيوسياسي ويزيد من حدة المنافسة الدولية.
يمثل الاتفاق الإسرائيلي الأمريكي خطوة لتعزيز التحالف الاستراتيجي بين البلدين لمواجهة التحديات الإقليمية، خاصة النفوذ الإيراني، وتوسيع التطبيع مع الدول العربية. ومع ذلك، ينطوي هذا الاتفاق على مخاطر كبيرة، بما في ذلك تصعيد الصراعات العسكرية، تهميش القضية الفلسطينية، وزيادة المنافسة الدولية في المنطقة.
نجاح هذا الاتفاق يعتمد على القدرة على تحقيق توازن بين الأهداف الأمنية والدبلوماسية، وإلا فإن الشرق الأوسط قد يواجه مزيدًا من الاضطرابات والتوترات في المستقبل القريب.


