بين الشهرة والانفلات.. من يحمي المجتمع من الانحدار الأخلاقي؟
في زمن أصبحت فيه التريندات هي التي تصنع الأسماء، بات السؤال الأهم: من يضع حدودًا لما يُعرض؟ ومن يحمي بعض الفتيات من الانزلاق خلف بريق الغِنى السريع والشهرة الزائفة؟
مؤخرًا، تصدرت بعض الفتيات التريند، ليس ببحث علمي أو إنجاز أو موهبة حقيقية، بل بمحتوى يخدش الذوق العام، وتجاوز كل الخطوط الحمراء، ما بين فيديوهات شبه عارية وصور مثيرة للجدل، دون محتوى أو فكرة أو حتى مضمون، كل ما تمتلكه تلك الفتيات هو إثارة الجدل ببعض المشاهد غير اللائقة.
وهنا تبقى الأسئلة الحقيقية: أين دور الأسرة؟ أين الأب والأخ؟ من يراقب، ومن يوجّه، ومن يُحاسب؟
كيف تعيش بعض هذه الفتيات بمفردهن، دون رقابة أسرية، ويظهرن في الفيديوهات دون اعتراض ممن يُفترض أن يكونوا مسؤولين عنهن؟
والمفاجأة المؤلمة أن بعض آباء هؤلاء الفتيات يخرجون ليدافعوا عن بناتهم، في موقف يطرح تساؤلات كثيرة حول غياب القيم الأسرية، وانهيار منظومة الرعاية داخل بعض البيوت.
ما يحدث داخل الغرف المغلقة خلف الشاشات الصغيرة كارثة حقيقية. عندما اطّلعت على تحقيقات بعض فتيات التيك توك اللاتي تم القبض عليهن، صُدمت من الاعترافات والتحريات الأمنية التي أكدت أن تلك الفتيات، وغيرهن كثير على منصات التواصل الاجتماعي، يُروّجن للدعارة المغلّفة.
فجأة، تكتشف أسماء كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان، لها صيت كصوت الطبل، فهل هو نتيجة بحث علمي أو اختراع يفيد البشرية أو أمر نافع؟ لا والله. مصدر هذا الصيت مجرد فتاة ظهرت في بيئة منفلتة، ليس لها راعٍ أو مسؤول عن الأمانة، ارتدت فستانًا لا يصلح إلا لغرفة النوم، وظهرت أمام الشاشات الصغيرة تتسوّل وتعرض بضاعتها الرخيصة لمن يرغب، مقابل المال.
وما حدث مع فتيات التيك توك السابقات، كان جرس إنذار حقيقي، كشف عن ممارسات خطيرة تهدد أمن المجتمع المصري.
وهنا نكتشف أن الخلل الحقيقي يبدأ من الأسرة، من بيت لم يسأل الفتاة: من تُصادق؟ ماذا تُشاهد؟ ماذا تنشر؟ أسر غابت عنها الرقابة والتربية، وغُيّبت عنها مفاهيم الحلال والحرام، والصواب والخطأ.
المجتمع اليوم أمام تحدٍّ أخلاقي لا يقل خطورة عن أي تهديد أمني. فإذا لم تكن الأسرة هي خط الدفاع الأول، سنُفاجأ بجيل ضائع، يرى في الجسد وسيلة، وفي العُري نجاحًا، وفي الانفلات شهرة.
ختامًا، كل الشكر للأجهزة الأمنية التي لا تتوانى عن التدخل، لكن المعركة الحقيقية تبدأ من كل بيت.



