الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

نعمة وسط الوجع

الجمعة 25/يوليو/2025 - 05:47 م

مفيش بني آدم سليم 100%، كلنا فينا خدوش، بس في فرق كبير بين كسر بيبوظك، وخدش بيعلمك، الوجع اللي مابيقتلكش، غالبًا بيغيّرك، وبيسيب علامة.. علامة ممكن تشوّهك، أو تنوّرك، وأنت اللي بتختار.

فيه ناس لما بتتخدش، بتسيب الخدش يقفل لوحده، تسيبه يتعفن جواها، يكبر ويتحول لصديد وجروح مفتوحة، كل ما حد يقرب منهم.. يبعدوا. وكل ما حد يطبطب، يفتكروا إنه هيهاجم. ليه؟ لأنهم اتوجعوا قبل كده، والوجع ساب أثر، وساب معاها خوف.

بس فيه نوع تاني من الناس، اتعلم يطبطب على نفسه، يبص للخدوش دي ويقول: "أيوه، أنا اتوجعت هنا.. بس أنا مازلت واقف"، "أنا كنت هنا، وقعت، وقمت، ولسه ماشي". ودي الشجاعة الحقيقة.. إنك ماتنكرش الوجع، بس كمان ماتخليش الوجع يقل منك أو يقللك.

فاكر أول مرة حد كسرك بكلمة؟ أو أول مرة حسيت إنك وحيد، وإن اللي جنبك مش سامعك؟ أو حتى اللحظة اللي الناس كلها فيها شافتك "كويس"، بس أنت كنت من جواك مش بخير خالص؟ الخدوش دي، مش مجرد ذكرى، دي شهادات على إنك عديت، وإنك لسه موجود.

عارف؟ الخدوش اللي فـي روحك مش دايمًا باينة، بس ممكن تبان في تصرفاتك، في ردودك، في سكوتك، في الحتة اللي لما حد يلمسها، بتحس إنك مش قادر تتنفس.

بس صدقني.. مش لازم تفضل متغطي. مش لازم تبقى "قوي" طول الوقت. أوقات ربنا بيشتغل من خلال الخدوش دي،
بيفتح بيها باب جديد، بينورلك سكة ماكنتش شايفها. لأن يمكن لو ماكنتش اتخدشت، ماكنتش هتفتّش جواك، ولا هتدوّر عليه، ولا هتصرخ من جواك "أنا مش قادر.. إلحقني". الخدوش بتكشف ضعفك.. بس كمان بتعرفك ربنا.

ساعات بنفتكر إن البني آدم اللي بيعيط أو بيتهز، ضعيف.
بس الضعف مش عيب. العيب لما الضعف يتحول لإنكار.
لما تلبس وش "أنا تمام" وأنت من جوه مهزوم.

الناس كلها بتتخدش، بس فيه ناس بتستخدم الخدوش دي كفن، تحكي بيها عن نفسها، وتقول: "أنا كنت ضعيف، بس ربنا سندني". "أنا وقعت، بس اتعلمت". "أنا اتوجعت، بس دلوقتي بفهم غيري".

يا صاحبي، إوعى تفتكر إن الخدوش بتقلل منك. الخدوش بتقول إنك إنسان. بتقول إنك عيشت، وحبيت، وخسرت، وقومت.

بس الخدش الحقيقي، مش اللي بيجي من بره، الخدش الحقيقي هو اللي بيجي من جوا، من الصوت اللي بيقولك: "أنت مش كفاية"، "أنت مش محبوب"، "محدش هيشوفك لو وقعت"، "محدش هيسندك".

الصوت ده كداب. لأن الحقيقة إنك دايمًا ليك مكان في قلب ربنا، حتى وإنت مجروح، حتى وإنت مش قادر تصلي، حتى وإنت مش فاهم هو فين أو فاكر أنه بعيد وبتسأل نفسك هو سايبك ليه. هو شايف كل خدش، وكل تنهيدة، وكل دمعة نزلت من غير صوت. وبيجمعهم.. وبيحوّلهم في الوقت الصح لحكمة، ونعمة، وقوة.

النهاردة، لو فيك خدوش، ماتخبيهاش. ولا تسيبها تتعفن.
افتحها قدام ربنا. قوله "الخدش ده من فلان.. والخدش ده من موقف.. والخدش ده من نفسي!" واطلب منه وقول له: "علمّني أعيش بيهم.. بس ماعيشهمش بكسرة أو ضعف قدامهم".

عارف يا صديقي إمتى تبقى الخدوش جميلة؟ لما تبقى مش بس بتحكي عنك، لكن كمان بتقربك من اللي زيك، لما تخليك حنين مع اللي يشبهك، مع اللي قصته زيك. ساعتها، هتبقى الخدوش دي باب للحب، مش للحزن، هتبقى جرح بيتحوّل لمجد، وهتبقى القصة كلها، قصة "نِعمة وسط الوجع".

تابع مواقعنا