في ذكرى وفاته.. كيف أعاد يوسف شاهين تعريف السينما المصرية؟
تحل اليوم ذكرى وفاة المخرج الكبير يوسف شاهين، أحد أبرز الأسماء التي صنعت تاريخ السينما المصرية والعربية، والمخرج الذي لم يرضخ يومًا للقوالب الجاهزة أو للرقابة الفكرية، وظل طوال مسيرته الفنية مشاكسًا، صاحب رؤية، ومحركًا دائمًا للأسئلة الصعبة.
ما ميّز يوسف شاهين عن أقرانه من المخرجين أنه لم يسعَ يومًا لتقديم ما يريده الجمهور، بل كان مشغولًا دائمًا بما يؤمن هو به، حتى لو تعارض مع التيار العام. خاض معارك فكرية وفنية كثيرة، وطرح في أفلامه قضايا التحرر، السلطة، الهوية، الدين، والتاريخ، بأسلوب شخصي جدًا لا يشبه إلا شاهين.
لم يكن يوسف شاهين مجرد مخرج يُضيف أفلامًا إلى أرشيف السينما المصرية، بل كان حالة فنية كاملة أعادت صياغة مفهوم السينما نفسه، على مستوى الشكل والمضمون، فحين دخل شاهين هذا العالم، كانت السينما المصرية تسير في إطار نمطي يعتمد على الحكاية المباشرة، والنهاية الأخلاقية الواضحة، والبطولة التقليدية، لكنه كسر هذه القواعد، وقدم نموذجًا سينمائيًا جديدًا يضع الذات، والهوية، والسياسة، والتمرد، والفكر في قلب الصورة.
في زمن كانت فيه السينما المصرية تسعى لإرضاء الجمهور، اختار شاهين أن يصطدم به، في أفلام مثل الآخر وهي فوضى، دخل مساحات سياسية ودينية واجتماعية شائكة، ورفض تمامًا أن تكون السينما وسيلة للهروب، بل جعلها ساحة للاشتباك مع الواقع، وأحيانًا مع السلطة.
ذكرى وفاة يوسف شاهين
تنوّعت أفلامه بين التاريخي مثل الناصر صلاح الدين، والواقعي مثل باب الحديد، والسير الذاتية مثل إسكندرية ليه؟ وحدوتة مصرية، والوجداني السياسي مثل الآخر وهي فوضى، لم يكن يكرر نفسه، وكان دائمًا يحاول كسر التوقعات.
كما اكتشف شاهين عددًا من أهم النجوم في السينما المصرية، على رأسهم عمر الشريف، الذي قدّمه في فيلم صراع في الوادي، وبدأ معه مشوارًا عالميًا انتهى في هوليوود.
أعمال يوسف شاهين
نال يوسف شاهين عشرات الجوائز من مهرجانات كبرى مثل كان وبرلين وفينيسيا، وحصل على جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان عام 1997 عن مجمل أعماله، ليصبح أول مخرج عربي يُكرّم بهذا الشكل.
رغم مرور السنوات على رحيله، لا تزال أفلام يوسف شاهين تُعرض وتُناقش وتُدرّس. ولم تكن أفلامه مجرد مشاهد، بل كانت دعوة للتفكير، وإعادة النظر في الثوابت، وفهم الذات والمجتمع والتاريخ.
