السبت 06 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

اللي ما يعرفش يقول عدس

الأربعاء 30/يوليو/2025 - 05:22 م

في عام 2006 كنت مديرًا لقصر ثقافة السينما التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة بوزارة الثقافة؛ وكنت في بداية حياتي المهنية وأردت وقتها أن أحقق نجاحات عن طريق الدورات السينمائية الحرة وندوات النجوم وصناع السينما واستحداث نوادي سينما أوروبية وإفريقية إلى جوار السينما العربية والأمريكية ونشر الثقافة السينمائية بواسطة النشرات ومجلة أبيض وأسود التي أصدرتها بقرار من وزير الثقافة آنذاك الفنان فاروق حسني وغير ذلك من الأنشطة التي كانت تتطلب الدعاية الصحفية اللازمة؛ وفي ذلك الحين كانت الصفحة الأخيرة لجريدة الأهرام هي الصفحة الأهم تاثيرًا في مجالي الثقافة والفنون، ولم تتخلَّ هذه الصفحة البارزة من الأخبار عن قصر السينما سواء بصورة لنجم الحدث أو بصورة لي بصفتي المدير؛ واستيقظت في يوم على تليفون من أستاذنا الجليل الدكتور فوزي فهمي الذي كانت تربطني به علاقة قوية لكونه رئيس أكاديمية الفنون التي شرفت بالتخرج منها ولكونه أيضًا صديقًا لوالدي رحمة الله عليهما وقال لي نصًا: "خِف شوية أخبار في الجرايد ما تخليش حد يزرك عند الوزير"؛ بالطبع توترت للغاية وانتابني شعور بأن هذه الرسالة من الوزير شخصيًا وعلى الفور قررت الذهاب للوزير وطلب مقابلته حتى أبرر له أنني أستخدم تلك الأخبار المنتشرة لخدمة القصر لا لخدمتي الشخصية وكانت إجابته التي ما زالت ترن في أذني مفاجاة حيث قال نصًا: "أما يكون كل قيادات الوزارة نجوم أبقى أنا نجم النجوم.. كمل شغلك وانشر أخبار أكتر وربنا يوفقك".

كلمات رجل واثق من نفسه ويعمل للصالح العام ويعلم قدره ومقداره جيدًا.. دارت الأيام وجاء الوزير أحمد فؤاد هنو وأصبح وزيرًا لثقافة مصر وإحقاقًا للحق هذا الرجل يفكر خارج الصندوق ولديه طموح جامح ولا يخشى في الحق لومة لائم، فهو يبحث بدقة عن المشكلة ويدخل في جُحرها ويواجهها بحزم من أجل حلها بعيدًا عن المواءمات والحسابات؛ هنو يستمع بلا عِناد أو تكبُر ويزن الأمور ويبحث عن الحلول ومن ثم يقرر وبشجاعة متصدرًا المشهد متحملًا النتائج وحده دون توريط أحد من رجاله.

أجرى الوزير أحمد فؤاد هنو على مدار عام منذ تعيينه في 3 يوليو 2024 العديد من التغيرات في صفوف قيادات وزارته وكان حريصًا علي فكرة استقطاب قيادات لها تاريخها في الحقل الثقافي والفني (على طريقة فاروق حسني) فتجد الكاتب الرائع عبد الرحيم كمال رقيبا علي المصنفات والمخرج الكبير خالد جلال رئيس قطاع المسرح والمخرج الكبير هشام عطوه للبيت الفني للمسرح والمعماري الشهير حمدي سطوحي لصندوق التنمية الثقافية والعبد الفقير لله للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية وسينما الشعب وغيرهم من اسماء كبيرة سواء بالمناصب التنفيذية أو بمكتب الوزير كمساعدين ومعاونين ومستشارين؛ على الرغم من ذلك وجدت حملة كبيرة (يصعب ترتيبها) بالصحافة تدين الوزير لمجرد أنه (لم يجدد)  لرئيس أكاديمية روما التي يصدر لها (قرار جمهوري) وللأسف تضمنت تلك الحملة اتهامات للوزير بالغيرة من رئيسة الأكاديمية!! واتهامات للأكاديمية نفسها بوصفها لم تقدم شيئا قبل تولي رئيستها الأخيرة!! واللافت للانتباه أن من كتب لم يذكر شيئا قط عن ما قدمته الرئيسة الأخيرة للأكاديمية ولا أعلم إن كان ذلك عن جهل بما قدمته أم لأنهم لم يجدوا شيئًا يذكر فيما قدمته خلال عام كامل !! 

الوزير وزير في وزارته ومسئول عن رؤيته، وهو أكثر الناس دراية بما تقدمه قطاعات وزارته المختلفة، ولا يصح أبدًا لأحد أن يحركه ضد رغبته ورؤيته لأننا في كيان كبير اسمه الدولة المصرية كل وزارة وقطاع بها تعزف لحنها في ضوء صورة وهدف محدد للقيادة السياسية.

أخيرًا وشهادة حق أريد أن أشهدها أنني لم أسمع عن نشاط فعال على مدار العام الماضي لهذه الأكاديمية القابعة في قلب أوروبا والتي كان لها أدوار كبيرة على الصعيد الثقافي والصعيد السياسي؛ وذكرتني تلك الحملة الموجهة ضد وزير الثقافة بموقف حدث معي شخصيًا بيناير الماضي حيث كنت رئيسًا لوفد فني ثقافي مصري يضم الموسيقار الكبير عمر خيرت والنجمة الكبيرة لبلبة والفنان التشكيلي وجيه وهبه لحضور فعالية لمؤسسة خاصة بروما، وكان الوزير هنو حريصًا كل الحرص على وجودنا داخل الأكاديمية المصرية لما يضمه الوفد من قامات مصرية كبيرة، وهو ما حدث بالفعل داخل مسرح الأكاديمية الذي كان خاليًا من الحضور باستثناء من تم دعوتهم من قِبَل المؤسسة الإيطالية صاحبة الحدث!! ومع انتهاء الفعالية وخروجي بصحبة القامات الثلاثة لركوب السيارة فوجئت برئيسة الأكاديمية تعتذر لي لانشغال السيارة بمشوار!! ولم نجد وسيلة للذهاب سوى طلب سيارة أجرة لأركبها مع خيرت ولبلبة ووهبة الذين كانوا في  صدمة حقيقية سواء من عدد الحضور بالقاعة أو من مشوار سيارة الأكاديمية!! 

هناك مثل شعبي قديم يقول (اللي ما يعرفش يقول عدس)، وأتصور أن هذا المثل ينطبق على هذه الحملة التي تطالب وزيرًا بالعدول عن قراره لمجرد أن صاحب المصلحة يتمتع بعلاقات وثيقة مع أصحاب الحملات؛ فإذا كانت الوزارات تدار بالحملات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لمكث الكثير في مناصبهم لمجرد أن لهم ظهيرا صحفيا !! 
الدكتورة رئيسة الأكاديمية أستاذة لها تاريخ حافل بأكاديمية الفنون وأتصور أنها تعلم أن المناصب أيًا ما كانت زائلة وأن مسيرتها التعليمية التي صنعت اسمها في انتظار إضافات جديدة ومزيد من البصمات لها.

تابع مواقعنا