الجماعة الضالة
مجموعة من المغيبين، توقفت عقولهم عن التفكير السليم، النقاش معهم مستحيلا، لا يجدي نفعا، التاريخ توقف عندهم يوم أن خلعنا رئيسهم، يتباكون على مجد لم يصنعوه، ونهضة مزعومة كاذبة يحفظونها كما يحفظون تعاليم سيدهم في معالم على الطريق.
لا يعرفون للوطن حدود، ولم يكن للوطن في أبجدياتهم له وجود، يحلمون بخلافة زائفة، وزعامة تحت راية باطلة، ودينا أفسدوه بفتاويهم المضللة.
حشدوا عقولا ضالة، باسم الدين، أوهموهم أن الطريق إلى الجنة بصحبتهم، وأنهم يقيمون الشرائع كما أقرت، وعليهم مغادرة تلك المجتمعات الضالة، فالهداية طريقهم، والحل في اسلامهم.
كفرونا، وأصبغوا علينا كل عبارات الضلال، أدخلونا الجحيم لأننا نؤمن بأن الوطن شعب وله أرض وحدود، أخرجونا من ملتنا لأننا هتفنا عاش الهلال من الصليب، فتشوا في نوايانا، ووجدوا قلوبنا سوداء، لم نقسم لهم قسم الولاء والانتماء، لم نهتف بنشيد حسنهم البنا، ولم نكن من أسرهم وشعبهم، لم نقرأ كتبهم، ونهتدي بهدي مرشدهم، لم نأتمر بأمر أميرهم، لذا لم نكن يوما من بني جلدتهم.
كان لهم كتبهم، شيوخهم، تجمعاتهم، أسرهم، شعبتهم، تكويناتهم، مضلليهم، يتلقون عنهم تعليماتهم، كان الجميع يطيع، يلتزم، لا يناقش، لا يتحاور، الكل يصغي، ينفذ، كأنهم في صلاة، إمامهم شيطان يوسوس في عقولهم، يعطي الإذن لشياطينه أن ينتشروا، يتوغلوا، في كل الأرجاء، يرسمون على وجوههم ابتسامة باهته، ينشرون سمومهم، مستغلين كل الظروف والأحوال، للبلاد والعباد.
ستجدهم في الحقل، البيت، المسجد، المستشفى، النقابات، المدرسة، النادي، في كل الأرجاء متاحين، في السراء والضراء، في الفرح والحزن، في كل المناسبات، ستعرفهم من محياهم، من سلامهم، من كلامهم، من توددهم.
أقسموا أن مرسيهم سيعود، وكأنه المهدي المنتظر، ما زالوا يستشرقون الغيب، ويدعون المظلومية، من أدمنوا الكذب والخداع، من ادعوا أن سيدنا جبريل أنزل عليهم في تجمعهم، وأن الملائكة ترفرف عليهم بأجنحتها.
من هتفوا للقدس زيفا، لم يستفيدوا من دروس التاريخ، اليوم يقف جمعا منهم أمام السفارة المصرية في تل أبيب ينادون مصر بفتح المعابر.
هل نسوا تاريخهم من العنف منذ بدايتهم، من قتل النقراشي باشا، وأحمد الخازندار، وهشام بركات، بل من ارتكب مذبحة كرداسة، وحرق الأقسام والكنائس، من هددوا وحدة المصريين الراسخة منذ مينا موحد القطرين.
فتاريخهم سيء، مكلل بالخزي والعار، بعد ثورة 30 يونيو أعلنوا الحرائق في كل ربوع مصر، قتلوا أبنائنا في سيناء بلا رحمة، هددونا بلا حمرة من الخجل تكسي وجوههم، مارسوا الإرهاب في كل ربوع المحروسة، لم يملوا من نشر الأكاذيب، والتشويه لكل إنجاز، يريدون فقط تقويض الدولة التي يعيشون علي أرضها، ويلتحفون بسمائها، ويأكلون من خيراتها، ويسيرون على طرقها، وينعمون بأمنها.
هم خائنين للوطن والمواطنين، هم أهل الإقصاء، والتشويه، يتفاخرون بسجنهم، ويتباهون بعددهم، لكن الشعب أقسم على خلعهم، وبترهم، وإن عدتم عدنا، فما زلنا أهلا في وطن، وجيرانا في سكن، وزرع، تربطنا الروابط العائلية، الدم والمصاهرة، فهلا عدتم إلى حضن الوطن، تخافون عليه كخوفكم على وليدكم، وأن تكفوا عن كذبكم وتضليلكم ونشر شائعاتكم ضد الوطن.
جميعنا يعيش في رحابه، يسعد بتقدمه، يعمل بجد وجهد للعمل على رفعته، فنحوا خلافاتكم الإيدلوجية، واطمسوا أفكاركم البالية، فالوطن سفينة تحمل الجميع، نريدها أن تصل إلى بر الأمان مكللة بأكاليل الغار، لا عنصرية فيها ولا قومية، ولا طائفية، بل مصرية خالصة النقاء.
هل يسعدك أن تسقط مصرنا؟
أعلم أنه يسعدكم، لتتشفوا فينا، لكن يجب أن تعلموا أن مصر باقية، وأن التاريخ منصف، وأن بها أبناء مخلصون، وفيها درعا وسيف، سنحميها لتمر من كبوتها، وليكتب أبنائها نهضتها وتقدمها وريادتها.
فنحن نقدر الظرف التاريخي الصعب وما مررنا به، فما تم على أرضها مشرف، وما تم من إنجازات نفتخر به، قد يكون القدر عاكسنا بظروف قدرية، خارجه عن إراداتنا جميعا، كفيروس كوفيد، والحرب الروسية الأوكرانية، والصراع في غزة، وتأثر قناة السويس بفعل الحوثيين، وما يحيط بنا في منطقة ملتهبة كلها صراعات في السودان وليبيا وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن.
قد تكون الحكومة غاب عنها بعض الأولويات رغم الظروف السابقة، لكننا من نملك القرار في التحمل للحفاظ على دولتنا أمنه.
فلا تزايدوا علينا وعلى موقف قيادتنا السياسية في فلسطين، فنحن في الأصل أصحاب القضية، نحن من دفعنا عنها بأرواح آبائنا وأجدادنا، نحن من رفضنا التهجير والاملاءات الخارجية، من رفضنا تصفية القضية وما زلنا ندافع عنها، فمعابرنا مفتوحة، وقدمنا الكثير من المساعدات الإنسانية، والطبية، والسياسية، لم نتخاذل ولم نبيع يوم القضية.
فيا أيها المزايدون، الكارهون للوطن نهضته واستقراره، اعلموا أنكم في نفس السفينة تستفيدون من خيراته وأمنه، ولن نسمح يوما لأحد في الداخل أو الخارج مهما كان أن يغير ويمس ثقافتنا، هويتنا، وحدتنا، وأن يهدد أمننا وأماننا، حفظ الله مصر.


