الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

تيك توك بين هدم القيم وشبهات غسيل الأموال

الأحد 03/أغسطس/2025 - 04:51 م

في الأيام القليلة الماضية، اشتعل الجدل في مصر حول تأثير تيك توك على القيم المجتمعية، ومعه سأل كثيرون: هل هذه المنصة تعزز المواهب أم تساعد على تفشي العبث؟

إذ يبدو أن الأصوات الثقافية والتعليمية باتت هامشًا محدودًا أمام ممتلكي اللايفات الذين لا يجيدون التحدث حتى باللهجة العامية السليمة، ولا يملكون أي ثقافة حقيقية، ومع ذلك تنهمر عليهم الأموال بالملايين، وتتغير حياتهم من العدم إلى القمة في غضون أشهر قليلة، وبالطبع لا يمكن النظر إلى ذلك من منظور "أرزاق ومقسمها الخلاق" وإلا أصبح كل كسب مباحًا دون النظر إلى أصله ومشروعيته.

وأيضًا لا يمكن إغفال تأثير ذلك العبث على المجتمع وثوابته ومنظومة القيم فيه.. فهناك شباب يسعون للعلم والمعرفة ويواجهون صعوبات الحياة اليومية، يأخذ هذا الواقع الغريب روحهم ويكسر عزيمتهم، فكيف لشخص يقضي وقته في الدراسة والمعرفة أو العمل في صنعة معينة أو تجارة ما، ويجد نفسه بالكاد يعيش، أن يرى شخصًا بلا ثقافة نهائيا يحصل على أرباح بأرقام تفوق خيال الإنسان وبلا أي جهد، دون أن يصاب بالإحباط وتثار عشرات الأسئلة في رأسه.

وعلى الجانب الآخر، كيف يمكن أن تفكر امرأة تجد حياتها صعبة مع زوجها بينما هناك من تنفصل وتحصل على حريتها المطلقة في فعل كل ما تريد بلا قيود أمام كاميرا موبايل، تأتي لها بالأرباح الطائلة والهدايا والعروض أيضًا، وتتحول من ربة منزل مغمورة إلى سيدة مجتمع ونجمة تتناول الصحافة أخبارها أو يحاول كل من يعرفها التقرب منها.

أما عن الوجه المخفي من هذا العالم المريب والمتمثل في عمليات غسيل الأموال عبر تيك توك، فذلك جانب آخر ربما لم يتم كشفه بشكل كامل وواضح حتى الآن.

فكيف تتم عمليات غسيل الأموال داخل التطبيق؟

ذلك يحدث عن طريق أشخاص يملكون أموالًا مشبوهة يشترون الهدايا الافتراضية بكثافة خلال البث المباشر لأهداف متفق عليها مسبقًا.

ثم تُوزع هذه الهدايا على حسابات يسيطر عليها نفس الطرف الممول أو أشخاص آخرين يتم دعمهم وصناعتهم على هذا التطبيق، فيظهرون وكأن لهم ملايين المعجبين الذين يغمرونهم بالهدايا من كل مكان في العالم، لتبدو وكأنها دعم شرعي.

وبعد أن تجمع هذه الحسابات الهدايا الافتراضية يتم تحويلها إلى أرباح نقدية عبر السياسات الرسمية لتيك توك، فيظهر المال وكأنه قانوني بشكل كامل، دون أي أثر لمصدره الأصلي، ويدخل أيضا إلى أي بلد بشكل رسمي دون الحاجة للمهاطرة بتهريبه أو الاستعانة بالبنوك وعملياتها باهظة التكلفة وعالية المخاطر.

هذه الدورة المشبوهة تخلق اقتصادًا ظاهريًا سريعًا يرضي طموحات هواة السطوع الفوري، ولكنه في الواقع يأكل اللقيمات من أفواه طلاب العلم ومثقفي المجتمع، ويساعد على غسل أموال مشبوهة المصادر لأفراد أو حتى عصابات كاملة، فهي منظومة سرية غير معلومة الجوانب حتى الآن، ويوجد حتى من يحميها من الخلف.

تيك توك لم يعد مجرد منصة للتسلية، بل أصبح ساحة مفتوحة تمكّن ضعاف القيم ومشبوهي المال من تمثيل دور النجاح، بينما شباب مصر الحقيقي يُفقد أمله في الكفاح.

إنها مقاطع تروج لأسلوب حياة هش، وتعزز تسويغ الظهور السطحي على حساب العمل والاجتهاد، فتنسف ثقافة الكفاح والتعلم التي كنا نفخر بها ونحلم باستعادتها لبناء نهضتنا، فإذا بنا نجد ما يمكن أن يجرنا للخلف أو يلقي بنا في الهاوية، ولهذا فإن الحل الأمثل في حجب هذا التطبيق المشبوه، ودون ذلك فهي فقاعات في الهواء لن تفيد، وحتى لو تم القبض على كل الوجوه التي انتشرت على هذا التطبيق فإنهم سيخرجون ويعودون بشكل أقوى، وسيظهر غيرهم الكثير أمام الإغراءات المادية، خاصة في ظروف صعبة يعيشها الناس لا يمكن ضمان ثباتهم كثيرًا إذا تُرك هذا الباب مفتوحًا.

تابع مواقعنا