أستاذة بجامعة الأزهر: المبادئ الإسلامية التي وضعها النبي استهدفت العدالة والرفاهية للمجتمع
أوضحت الدكتورة منى الشاعر، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، أن تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي تُعتبر نموذجا يُستفاد منه في جهود النهوض بالأمة، حيث إن تحقيق الأهداف الإصلاحية لا يتوقف عند حدود الزمن، بل يعتمد على الفعل والعمل الدؤوب.
وأضافت أن مجتمع المدينة كان يتسم بتنوع ديني وفكري واجتماعي واقتصادي، حيث كان يتكون من عناصر متباينة تمثل تحديات كبيرة تتطلب سياسة حكيمة، فقام النبي مُحمَّد ﷺ بتأسيس أسس لدولة متماسكة من خلال بناء المسجد، والمآخاة بين المسلمين، وكتابة وثيقة تحدد العلاقات مع الآخرين، خاصة مع اليهود، وساهمت المبادئ التي وضعها النبي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، ما يجعل من الممكن تكرار هذه التجربة للنهوض بالأمة اقتصاديًا اليوم، فعند وصول النبي ﷺ إلى المدينة، واجه مجتمعا معقدا يستدعي نهجا دقيقا لتحقيق الوَحدة، وكانت المؤاخاة التي أبرمها بين المهاجرين والأنصار أساسية في التغلب على الفتن، وتعزيز العدالة والمساواة.
أستاذة بجامعة الأزهر: المبادئ الإسلامية التي وضعها النبي استهدفت تحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية
وأوضحت أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، خلال اللقاء الأسبوعي من البرامج الموجهة للأسرة: كان للتجارة والزراعة دور كبير في تشكيل بنية المدينة الاقتصادية، كان المهاجرون يعملون في التجارة، وهو ما ساهم في تعزيز الاقتصاد، حيث لم يكن لدى أهل المدينة سوى الزراعة وسوق بني قينقاع، ومثال ذلك سيدنا عبد الرحمن بن عوف الذي اختار العمل في التجارة ليعزز من دخله، كما أثر فرض الزكاة والصدقات في بناء مجتمع متكافل، حيث أسهمت إقامة السوق الإسلامية على مبادئ الأمانة والصدق في تعزيز الاقتصاد، بينما كانت الأسواق الأخرى قائمة على الاحتكار والغش، وفي المدينة المنورة خطط النبي ﷺ لنظام اقتصادي إسلامي متكامل، حيث مهدت الهجرة الطريق لتأسيسه، هذا النظام يمكن أن يكون نموذجًا يُحتذى به في النهوض بالاقتصاد اليوم إذا توفرت الإرادة والعزيمة.
وفي ذات السياق ذكرت الدكتورة دينا سامي، مدرس التفسير وعلومه بجامعة الأزهر، أن النبي ﷺ عندما وصل هو والمهاجرون إلى المدينة، وضع نظاما اقتصاديا إسلاميا كان للهجرة دور رئيس فيه، وأصبح هذا النظام أساسا يمكن أن تستند إليه الأمة في سعيها للنهوض، كان المجتمع آنذاك يتألف من عناصر متنوعة ومتباينة دينيا وفكريا واجتماعيا واقتصاديا، ما جعله مجتمعا معقدا يتطلب سياسة مدروسة لتحقيق الوحدة بين المسلمين، فكان أول ما قام به النبي ﷺ هو وضع الأسس المهمة للدولة، والتي تضمنت بناء المسجد، وإقامة روابط الأخوة بين المسلمين، وكتابة وثيقة تحدد العلاقات مع الآخرين، خاصة مع اليهود، فالمؤاخاة التي أبرمها النبي ﷺ، سواء كانت فردية أو جماعية، كانت قائمة على مبدأ التكافل، ما ساهم في تجاوز الفتن الداخلية وإقامة العدالة والمساواة بين الناس، الأمر جعل المجتمع المسلم متماسكا، حيث امتزجت أرواح أفراده وجماعاته.
وأكدت مدرس التفسير وعلومه بجامعة الأزهر: لقد أسهم مبدأ الإخاء في توفير الغذاء والمأوى، وكان للمهاجرين دور بارز في التجارة، بينما كانت المصادر الاقتصادية لأهل المدينة محدودة بالزراعة وسوق بني قينقاع، وأدى تنظيم السوق الإسلامية إلى تقويض أي تحالف بين قريش واليهود ضد النبي ﷺ، ما دعا المسلمين للاعتماد على أنفسهم، كما حرص النبي ﷺ على توفير السلع الأساسية التي كانت تحت سيطرة اليهود، وأتاح للمسلمين التنافس في فعل الخير، على سبيل المثال، عندما دعا النبي ﷺ لشراء بئر رومة، اشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه وجعلها سقاية للمسلمين.


