إدارة مخاطر الكوارث الأبرز..كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على صناعة التأمين؟
أحدث الذكاء الاصطناعي تحولا جذريا في صناعة التأمين، حيث لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من العمليات الأساسية، هذا التحول يشمل جوانب متعددة من سلسلة القيمة التأمينية، من الاكتتاب وتقييم المخاطر إلى معالجة المطالبات وخدمة العملاء.
تعزيز الكفاءة والدقة في العمليات
وبحسب تقرير حديث لاتحاد الشركات المصرية، يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين كفاءة ودقة العمليات التأمينية، ففي مجال تقييم المخاطر والاكتتاب تستطيع خوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك البيانات التاريخية، وأنماط السلوك، وحتى البيانات المستقاة من أجهزة الاستشعار مثل تلك الموجودة في السيارات أو المنازل، لتقديم تقييمات أكثر دقة للمخاطر. هذا يمكن شركات التأمين من تسعير الوثائق بشكل أكثر عدلا وتخصيصًا، ما يعود بالنفع على كل من الشركة والعميل
أما في معالجة المطالبات فيمكن للذكاء الاصطناعي ميكنة العديد من المهام الروتينية، مثل التحقق من صحة المطالبات، ومطابقة البيانات، وحتى الكشف عن الاحتيال من خلال تحليل الأنماط المشوهة في المطالبات، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تجديد الأنشطة الاحتيالية المحتملة بسرعة وفعالية، مما يوفر على شركات التأمين خسائر مالية كبيرة. هذا لا يسرع فقط من عملية معالجة المطالبات، بل يزيد أيضا من دقتها ويقلل من الأخطاء البشرية.
التخصيص وابتكار المنتجات
يمكن الذكاء الاصطناعي شركات التأمين من الانتقال من نماذج التأمين التقليدية إلى تقديم حلول أكثر تخصيصا من خلال تحليل البيانات الفردية للعملاء. ويمكن للذكاء الاصطناعي تطوير منتجات وخدمات تأمينية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتهم العديدة.على سبيل المثال: يمكن تقديم وثائق تأمين على السيارات تعتمد على سنوات القيادة العملي أو وثائق تأمين صحي مخصصة بناء على نمط حياة الفرد وحالته الصحية. هذا التخصيص لا يزيد فقط من جاذبية المنتجات بل يعزز أيضا الولاء لدى العملاء.
إدارة مخاطر الكوارث
يلعب الذكاء الاصطناعي دورا حاسما في إدارة وتخفيف المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية وغيرها من الأحداث الكارثية. فيمكن للخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل أنماط الطقس والبيانات الجغرافية والبيانات التاريخية للتنبؤ بالتأثير المحتمل للكوارث بدقة أكبر. وهذا يسمح لشركات التأمين بتقديم تغطية أكثر دقة وشمولا، وتحديد المناطق عالية المخاطر، وتعديل أقساط التغطية وفقًا لذلك. ومع ذلك من المهم الإشارة إلى أن الكوارث الطبيعية غالبًا ما تنطوي على عوامل معقدة وغير متوقعة لا يمكن للخوارزميات التقاطها بالكامل، مما يؤكد على أهمية الجمع بين الخبرة البشرية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
تطوير البنية التحتية والقدرات الداخلية
يتطلب تبني الذكاء الاصطناعي من شركات التأمين تطوير بنيتها التحتية التكنولوجية وصقل قدرات العاملين لديها. لذا يجب على الشركات الاستثمار في أنظمة قوية وإدارة البيانات وانشاء مجموعات بيانات جاهزة للتحليل وتنظيم البيانات بشكل فعال عبر الاقسام. كما يتطلب الأمر وجود عاملين ذوي مهارات عالية في التقنية والإبداع والاستعداد للتعلم ومواكبة التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي.
أثر الذكاء الاصطناعي على وظائف التأمين
بينما يقدم الذكاء الاصطناعي فرصًا هائلة لتعزيز الكفاءة والابتكار في صناعة التأمين، فإنه يثير أيضًا تساؤلات جوهرية حول مستقبل القوى العاملة في هذا القطاع. يمكن تقسيم أثر الذكاء الاصطناعي على وظائف التأمين إلى عدة جوانب رئيسية:
ميكنة المهام الروتينية وفتح آفاق جديدة
يتيح الذكاء الاصطناعي ميكنة العديد من المهام المتكررة في قطاع التأمين، مثل معالجة البيانات، وإدخال المعلومات، والتحقق من الوثائق، وأتمتة بعض مراحل معالجة المطالبات البسيطة. كما يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التعامل مع استفسارات العملاء المتكررة بكفاءة، مما يمنح الموظفين البشريين الفرصة للتركيز على مهام أكثر تعقيدًا وإبداعًا.
وبالإضافة إلى ذلك، تسهم أنظمة الاكتتاب الذكية في تحليل كميات هائلة من البيانات لتقييم المخاطر بسرعة ودقة، مما يساعد المكتتبين على اتخاذ قرارات أكثر استنارة بدلًا من القيام بالأعمال الروتينية. كما أن أدوات الكشف عن الاحتيال المعتمدة على الذكاء الاصطناعي قادرة على تحديد الأنماط المشبوهة بكفاءة، مما يدعم محققي الاحتيال في التركيز على القضايا المعقدة التي تتطلب مهارات تحليلية وإنسانية متقدمة. وبذلك، تسهم هذه التقنيات في تعزيز الإنتاجية وتحسين جودة الخدمات، مع فتح المجال أمام أدوار ووظائف جديدة تدعم الابتكار والنمو.
يشهد العالم تحولات جذرية وسريعة في مختلف جوانب الحياة، مدفوعة بالتقدم التكنولوجي المتسارع، وعلى رأسها صعود الذكاء الاصطناعي (AI). لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مفهوم مستقبلي، بل أصبح واقعًا ملموسًا يعيد تشكيل الصناعات، ويغير طريقة عملنا، ويؤثر بشكل عميق على سوق العمل العالمي. تثير هذه الثورة التكنولوجية العديد من التساؤلات حول مستقبل الوظائف: هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى بطالة جماعية؟ أم سيخلق فرصًا جديدة تتطلب مهارات مختلفة؟ وما هي التحديات والفرص التي يفرضها هذا التحول على الأفراد والمؤسسات والحكومات؟


