الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

التكلفة الحدية

الاقتصاد والشباب في يوم الشباب العالمي

الثلاثاء 12/أغسطس/2025 - 08:02 م

يحتفل العالم في 12 أغسطس من كل عام بـ اليوم الدولي للشباب، الذي أقرّته الأمم المتحدة عام 1999 ليكون منصة لعرض قضايا الشباب وتطلعاتهم. في هذا اليوم، تتصدر العلاقة بين الاقتصاد والشباب المشهد، إذ يشكّل الشباب المورد البشري الأكبر والأكثر تأثيرًا في مستقبل الدول، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، يمثل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا أكثر من 1.2 مليار نسمة حول العالم، أي ما يقارب 16% من سكان الكوكب، هذه الكتلة السكانية الضخمة تملك طاقة إنتاجية وإبداعية يمكن أن تغيّر مسار الاقتصادات إذا أُحسن استثمارها.

الشباب كمحرّك للنمو الاقتصادي

يعدّ الشباب أكثر الفئات قدرة على التكيّف مع التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية في سوق العمل، يأتون بأفكار جديدة وحلول مبتكرة، ما يساهم في تعزيز الإنتاجية وخلق قطاعات اقتصادية جديدة، وأشهر أمثلة وادي السيليكون بالولايات المتحدة، قاد رواد أعمال شباب ثورات تكنولوجية من خلال شركات مثل “فيسبوك” و“سناب شات”، التي بدأت بفكرة جامعية وتحولت إلى كيانات بمليارات الدولارات، وفي كينيا، أطلق شباب تطبيقات مالية مبتكرة مثل “M-Pesa” ساهمت في إدماج ملايين الأشخاص في النظام المصرفي، ما رفع النشاط الاقتصادي في البلاد.

التحديات الاقتصادية التي تواجه شباب العالم

أولها البطالة حيث وصلت معدلات البطالة بين الشباب غالبًا ما تكون ضعف معدلاتها بين البالغين في بعض الدول النامية، تتجاوز النسبة 30%.، ضعف الوصول إلى التمويل فيوجد كثير من الأفكار الريادية تتعثر لغياب القروض أو رأس المال اللازم لبدء المشروع، الفجوة بين التعليم وسوق العمل مثل عدم توافق المهارات المكتسبة في المدارس والجامعات مع احتياجات السوق، ما يخلق فجوة في التوظيف، غياب الحماية الاجتماعية حيث العمل غير الرسمي يهيمن على وظائف الشباب في العديد من البلدان، ما يحرمهم من التأمينات والضمانات.

دور التعليم والتدريب في تمكين الشباب اقتصاديًا

التعليم ليس مجرد وسيلة للحصول على وظيفة، بل أداة لخلق الفرص. الدول التي تستثمر في التعليم المهني والتقني تحقق نتائج أفضل في دمج الشباب في الاقتصاد مثال ألمانيا تعتمد نظام التعليم المزدوج، حيث يقضي الطلاب نصف وقتهم في الدراسة والنصف الآخر في التدريب العملي داخل الشركات، ما يضمن جاهزيتهم للعمل فور التخرج. والتدريب المستمر أيضًا مهم لمواكبة التحولات، خاصة في ظل التحول الرقمي الذي أوجد وظائف جديدة وألغى أخرى تقليدية.

ريادة الأعمال للشباب

مع محدودية الوظائف، أصبحت ريادة الأعمال خيارًا استراتيجيًا للشباب. إطلاق مشروعات صغيرة أو ناشئة يخلق فرص عمل ليس فقط لصاحب المشروع، بل للمجتمع بأسره، ففي المغرب، برامج مثل “انطلاقة” توفّر قروضًا ميسّرة للشباب لإنشاء مشاريعهم، وفي الهند، مبادرة “ستارت أب إنديا” قدّمت حوافز ضريبية ودعمًا تمويليًا، ما ساعد على تأسيس آلاف الشركات الناشئة.

تأثير الاقتصاد الرقمي على فرص الشباب

الاقتصاد الرقمي فتح آفاقًا جديدة أمام الشباب، خاصة في مجالات مثل التجارة الإلكترونية، والعمل الحر عبر الإنترنت، والتسويق الرقمي، حيث استطاع بعض الشباب في بلدان نامية عبر منصات مثل “فريلانسر” و“أب وورك”، تقديم خدمات لعملاء في دول أخرى، ما مكّنهم من الحصول على دخل أعلى مما توفره أسواقهم المحلية، لكن هذا التحول يتطلب مهارات رقمية متقدمة، ما يفرض على الحكومات والقطاع الخاص الاستثمار في برامج تدريبية متخصصة.

للاستفادة من طاقات الشباب في الاقتصاد تحتاج الدول إلى عدد من الإصلاحات

أولها إصلاح التعليم وربط المناهج بمتطلبات السوق، ودعم المشروعات الناشئة وتسهيل القروض وتخفيف الأعباء الضريبية، وتوسيع الحماية الاجتماعية ودمج العاملين في الاقتصاد غير الرسمي، وتشجيع الابتكار ومنح مسابقات تحفّز الأفكار الإبداعية.

اليوم العالمي للشباب فرصة لتقييم المسار

هذا اليوم ليس احتفالًا رمزيًا فقط، بل مناسبة لتقييم السياسات الموجهة للشباب، ومنظمات الأمم المتحدة تدعو الحكومات سنويًا لتقديم تقارير عن تقدمها في تمكين الشباب، خاصة في المجالات الاقتصادية والتعليمية، ففي ظل الأزمات العالمية، من جائحة “كوفيد-19” إلى الحروب وتغير المناخ، تأثرت فرص العمل والنمو الاقتصادي للشباب بشكل مباشر، لذلك، فإن الاستثمار فيهم اليوم هو استثمار في استقرار الغد.

يبقى الشباب هم القوة المحركة لأي اقتصاد، لكن استثمار هذه القوة يتطلب رؤية استراتيجية طويلة المدى. توفير التعليم الجيد، والتدريب المستمر، والدعم للمشروعات الريادية، مع حماية اجتماعية قوية، هو الطريق لدمجهم في الاقتصاد بشكل فعّال، واليوم الدولي للشباب يذكّر العالم بأن طموحات هذه الفئة لا تتحقق بالشعارات، بل بالسياسات والإجراءات الملموسة. في النهاية، اقتصاد الغد هو انعكاس لما نزرعه اليوم في عقول وأيدي شباب اليوم.

تابع مواقعنا