دموع وحزن في قليوب.. وداع شهداء لقمة العيش ضحايا حريق القناطر الخيرية| القصة الكاملة
لم تكن شمس ذلك اليوم تحمل في دفئها أي بشارة خير لأهالي قليوب، بل أشرقت على فاجعة هزّت القلوب قبل البيوت، خمسة من شباب ورجال المنطقة خرجوا صباحًا لكدّ العمل بحثًا عن لقمة العيش، لكنهم لم يعودوا، فقد ابتلعتهم ألسنة النيران في لحظة قاسية، وأعادتهم إلى أهاليهم محمولين على الأكف.
في مشهد مهيب يختلط فيه البكاء بالدعاء، شيّع المئات من أهالي مدينة قليوب بمحافظة القليوبية، جثامين أربعة من ضحايا الحريق المروع الذي اندلع في أحد مخازن مصانع البلاستيك بمنطقة شلقان بالقناطر الخيرية، فيما وُري الضحية الخامس الثرى في مسقط رأسه.
خرجت الجثامين من مسجد سيدي عبدالرحمن، حيث علت أصوات الدعاء والابتهال بالصبر والرحمة، بينما النساء يودعن الضحايا بصرخات موجوعة، والأطفال يتشبثون بأيدي ذويهم في مشهد لن ينساه أحد. كانت النظرات في عيون المشيعين تحمل مزيجًا من الحزن والفخر… حزن على الفقد، وفخر برجال رحلوا وهم يؤدون أمانة العمل.
الأهالي أطلقوا على الضحايا لقب "شهداء لقمة العيش"، مؤكدين أنهم كانوا يعولون أسرًا ويفتحون بيوتهم من عرق جبينهم. وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تحولت صفحات "فيسبوك" إلى سرادق عزاء كبير، تنهمر فيه الدعوات وتتوالى فيه كلمات الرثاء، وكأن الجميع فقد أحد أحبائه.
الضحايا الذين غيبهم الحريق هم:
فرج.س.ص (48 عامًا) – الأب الحنون الذي عرفه الجميع بابتسامته الطيبة.
محمد.م.أ (28 عامًا) – الشاب المكافح الذي كان يستعد للزواج قريبًا.
محمد.س.أ (40 عامًا) – الرجل الذي لم يتأخر يومًا عن مساعدة جيرانه.
محمد.أ (28 عامًا) – الطموح الذي كان يحلم بمستقبل أفضل لأسرته.
عوض.أ (23 عامًا) – أصغرهم سنًا، الذي ترك وراءه والدين مكلومين.
كانت قوات الحماية المدنية بالقليوبية، تحت إشراف اللواء أشرف جاب الله، وبقيادة اللواء هيثم شحاتة مدير الإدارة، قد تلقت بلاغًا باندلاع النيران داخل المخزن. تحركت قوات الإطفاء بسرعة، بقيادة العقيد مصطفى صابر رئيس قسم الإطفاء، وتم الدفع بـ10 سيارات إطفاء و7 سيارات إسعاف، في محاولة يائسة لإنقاذ الأرواح والسيطرة على الحريق، لكن ألسنة اللهب كانت أسرع في ابتلاع المكان.
المحافظ، الذي حضر لتقديم واجب العزاء، وجّه بسرعة صرف تعويضات عاجلة لأسر المتوفين، مؤكدًا أن الدولة لن تتخلى عنهم في هذه المحنة. النيابة العامة أمرت بانتداب المعمل الجنائي لمعرفة سبب الحريق، واستعجال تحريات المباحث، والتصريح بدفن الجثامين بعد انتهاء أعمال الطبيب الشرعي.
ورغم أن النيران انطفأت، إلا أن دخان الفاجعة لا يزال يخيم على سماء قليوب، التي فقدت خمسة من أبنائها دفعة واحدة. سيظل الحريق واقعة مؤلمة في ذاكرة الأهالي، وستبقى سيرتهم حية، وشهادتهم وسامًا على صدور من عرفوهم وأحبّوهم


