المواطن المصري بين الأسعار والتحديات.. صمود في وجه الغلاء
في زمن أصبحت فيه فاتورة البقالة حديث كل بيت، يقف المواطن المصري في مواجهة يومية مع تحديات الغلاء، مسلحًا بالصبر والابتكار في تدبير احتياجاته في الأسواق، تتغير الأسعار بوتيرة سريعة، لتفرض على الأسر أن تعيد حساباتها وتبحث عن بدائل جديدة تضمن الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي.
قد تكون العوامل العالمية - من ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، إلى اضطراب سلاسل الإمداد - سببًا رئيسيًا، لكن تأثيرها المباشر على الحياة اليومية يجعل القضية أكبر من مجرد أرقام اقتصادية فهنا في شوارع القاهرة والإسكندرية وأسواق الصعيد والدلتا، تتحول المعادلة إلى تحدٍ يومي بين دخل محدود ومتطلبات لا تنتهي.
في جولة قصيرة داخل أحد أسواق الخضار، تجد أم أحمد ربة منزل، تمسك بدفتر صغير تسجل فيه الأسعار وتقارن بين البائعين، بينما يحكي عم حسين موظف على المعاش، عن رحلته اليومية للبحث عن السلع الأرخص هذا النبض الشعبي يعكس حجم الضغط على ميزانيات الأسر، ويدفع الجميع إلى البحث عن حلول غير تقليدية.
ورغم هذه التحديات، لم تقف الدولة مكتوفة الأيدي، فالمبادرات الحكومية لتوفير السلع بأسعار مخفضة عبر المنافذ الثابتة والمتحركة باتت ملاذًا للكثيرين، إلى جانب زيادة الدعم في بطاقات التموين ومعاش تكافل وكرامة، وحملات الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار ومنع الاحتكار.
لكن الحل لا يكتمل إلا بالشراكة بين الدولة والمواطن، تنظيم الاستهلاك، الشراء من المنافذ الحكومية، والاعتماد على المنتجات المحلية، هي خطوات عملية يمكن أن تخفف العبء وتحد من تأثير التضخم، كما أن دعم الإنتاج المحلي في الزراعة والصناعة يظل مفتاحًا لتقليل الاعتماد على الواردات، وبالتالي تحصين السوق من تقلبات الأسعار العالمية.
التاريخ يشهد أن المصريين مروا بأزمات اقتصادية أشد قسوة، وتجاوزوها بإرادتهم وصلابتهم واليوم في مواجهة الغلاء، يظل المواطن المصري هو البطل الحقيقي للجمهورية الجديدة، يبتكر ويصبر ويأمل مؤمنًا بأن الأزمات مهما طال أمدها فإنها إلى زوال.


