الخارجية الكولومبية: قطع العلاقات مع إسرائيل وتعليق تصدير الفحم خطوات مبدئية لدعم فلسطين.. ومصر شريك أساسي في وقف الحرب |حوار
من بين العديد من الدول التي دعمت غزة والقضية الفلسطينية بشكل كبير واتخذت إجراءات حاسمة رفضًا للحرب على غزة، كانت دولة كولومبيا التي أعلنت قرارات مناهضة لإسرائيل بسبب الحرب التي تشنها على القطاع، إذ أعلنت بوجوتا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ووقف تصدير الفحم إليها، كما تقدمت بطلب للانضمام إلى جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية في الدعوى المقدمة ضد إسرائيل.
ولم يقف دعم كولومبيا للقضية الفلسطينية عند هذا الحد، إذ سبق أن اعترفت بالدولة الفلسطينية، وفي هذا الصدد تواصلت القاهرة 24 مع وزارة الخارجية الكولومبية، للوقوف على فحوى هذه القرارات وتداعياتها، وإلى نص الحوار:
بداية ما هي أبرز الاعتبارات التي دفعت الحكومة الكولومبية لاتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في مايو 2024؟
الحكومة الكولومبية قررت في 2 مايو 2024 قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل مع الإبقاء على القسم القنصلي، وجاء هذا القرار بعد دراسة عدة اعتبارات مرتبطة بالظروف المتعلقة بالنزاع، كما ورد في البيان الصادر عن وزارة العلاقات الخارجية بتاريخ الأول من مايو 2024، أكدت كولومبيا على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والإفراج الفوري عن الرهائن من كلا الجانبين، وضمان دخول المساعدات الإنسانية الأساسية بانتظام وبكميات كافية إلى سكان قطاع غزة، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وتنفيذ إسرائيل للقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، خصوصًا تلك الصادرة عن مجلس الأمن.
كيف تقيّمون ردود الفعل الدولية على هذا القرار؟ وهل تلقت كولومبيا أي ضغوط أو انتقادات نتيجة هذه الخطوة؟
في هذا السياق، أعطت كولومبيا الأولوية لاعتماد استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز الحل السلمي للنزاع، استنادًا إلى مبادئ ومواثيق الأمم المتحدة وأجهزتها، والمحكمة الجنائية الدولية، ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وفي الإطار المتعدد الأطراف، حافظت كولومبيا على حوارها مع الدول والمنظمات الملتزمة بالحل السلمي للنزاع، لا سيما مع الجهات الفاعلة الساعية إلى إنفاذ القانون الدولي الإنساني وإيجاد حل يقوم على مبدأ الدولتين، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ذكرتم أن كولومبيا تولي أهمية خاصة لاحترام القانون الدولي الإنساني.. إلى أي مدى ترون أن إسرائيل التزمت بالقرارات الأممية المتعلقة بالنزاع في غزة؟
أولت كولومبيا أهمية خاصة لمشاركتها في المنتديات والهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، دعمًا للجهود العالمية الرامية إلى وقف فوري للأعمال العدائية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وضمان المساعدات الإنسانية، والإفراج عن جميع الرهائن، إلى جانب التزام حقيقي من جميع الأطراف بالحوار للتوصل إلى سلام دائم.
أرسلت كولومبيا مساعدات إنسانية إلى غزة.. هل هناك خطط لإرسال المزيد خلال المرحلة المقبلة؟
أرسلت كولومبيا مساعدات إنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما ورد في البيان الرسمي لوزارة الخارجية بتاريخ 25 أكتوبر 2023، حيث جرى الإعلان عن إرسال تسع أطنان من المساعدات الإنسانية، تضمنت الغذاء والدواء وإمدادات أساسية أخرى، بالإضافة إلى تنفيذ ثلاث رحلات جوية إنسانية. كما يتم حاليًا التنسيق مع دول مثل مصر والأردن لمواصلة تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
قرار تعليق تصدير الفحم إلى إسرائيل كان لافتا.. ما الرسالة التي أرادت كولومبيا توجيهها من خلال هذه الخطوة الاقتصادية؟
أعلن الرئيس غوستافو بيترو في 8 يونيو 2024 تعليق تصدير الفحم إلى إسرائيل بسبب الهجمات ضد المدنيين في غزة، وقد استند هذا القرار إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بهدف حماية الأخلاق العامة والمبادئ الديمقراطية، وعقب هذا الإعلان، صدر في 14 أغسطس 2024 المرسوم رقم 1047 عن وزارة التجارة والصناعة والسياحة، الذي يقضي بحظر التصدير، وبدأ تطبيقه في 22 أغسطس، وسيبقى القرار ساريًا إلى أن تلتزم إسرائيل بالأوامر المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية.
هل ترون أن هذه الإجراءات سيكون لها تأثير مباشر على وقف الحرب أو على تغيير سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين؟
تعليق تصدير الفحم يهدف إلى منع استخدامه في صناعة الأسلحة التي تستعملها إسرائيل لمهاجمة السكان الفلسطينيين، ويأتي هذا الموقف متسقًا مع النهج الواضح الذي تتبناه الحكومة الكولومبية، ومن المهم التوضيح أن الحكومة الكولومبية لا تصدر أحكامًا تقويمية بشأن الإجراءات التي قد تتخذها دول أخرى أو منظمات دولية حيال النزاع، فلكل دولة سيادتها، لكن كولومبيا ترى أن من أولوياتها الاستمرار في البحث عن حل جذري للأزمة يقوم على مبدأ الدولتين.
انضمام كولومبيا إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية خطوة مهمة.. ما الذي تتوقعونه من هذه الإجراءات القضائية على المدى القريب؟
شاركت كولومبيا بشكل نشط في إجراءات طلب الرأي الاستشاري المقدم إلى محكمة العدل الدولية، وهو ما يعكس سياسة خارجية ملتزمة بتعزيز احترام القانون الدولي، والحل السلمي للنزاعات، والتضامن مع الحق المشروع للشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
كيف تنظر كولومبيا إلى الحل السياسي النهائي للقضية الفلسطينية؟ وهل لا تزالون تؤمنون بأن حل الدولتين هو الطريق الأمثل لتحقيق السلام؟
تعتبر كولومبيا أن التعددية أداة أساسية لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة، وترى أن الحل الجذري للأزمة يجب أن يقوم على مبدأ الدولتين، بما يكفل حق إسرائيل وفلسطين في التعايش بسلام.
ما هو تقييمكم للدور المصري في الأزمة؟ وكيف تنظر كولومبيا إلى الجهود التي تبذلها القاهرة؟
تعتبر كولومبيا مصر شريكًا مهمًا في دعم هذه القضية، حيث تقوم بدور رئيسي في المنطقة من أجل تحقيق وقف إطلاق نار نهائي بين إسرائيل وحماس، وتساهم في الجهود الرامية إلى استمرار وصول المساعدات الإنسانية ودعم إعادة تأهيل السكان الفلسطينيين المتضررين من الحرب، ولا سيما الأطفال.
