معالي السفير
جاء خبر الاستقرار على السفير نبيل فهمي الدبلوماسي الكبير ووزير الخارجية المصري الأسبق لتولي مهمة الأمين العام لجامعة الدول العربية من مجلة لها وزنها، وكان إخراج الخبر واضحًا وهو الاستقرار على الاسم كأمين عام قادم وليس فقط تقديمه كمرشح له حظ وافر، إذ قدمت المجلة الخبر مقطوعًا به نبيل فهمي أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية.
لم يؤكد نبيل فهمي بخبرته الطويلة ودبلوماسيته الخبر أو ينفِه، وفي أحاديثه مع وسائل الإعلام طلب من الجميع العودة إلى وزارة الخارجية المصرية باعتبارها الجهة المسؤولة رسميًا عن تقديم الترشيح المصري لأمانة جامعة الدول العربية.. لكن من يعرف نبيل فهمي خصوصًا في تعامله مع وسائل الإعلام لو كان الخبر يحتمل أن يكون غير صحيح بنسبة 1% كان سينفيه على الفور.
في اليوم التالي لنشر خبر الترشيح جاءت تعليقات الدبلوماسيين الكبار خصوصًا عمرو موسى والسفير العرابي بتهنئة تشير إلى أن الخبر لم يفاجئ الثنائي وأنه كان على علم مسبق به، حيث كان الخبر بالفعل يتردد في الأوساط الدبلوماسية خلال الأسابيع الماضية وليس الأيام الأخيرة.
اعتبر الكثيرون خروج الخبر من وسيلة إعلام سعودية بمثابة مباركة فعلية على ترشيح نبيل فهمي لمنصب الأمين العام، بعد ما تردد خلال الشهور الأخيرة بشأن إمكانية ترشيح وزير خارجيتها السابق عادل الجبير للمنصب.
وربما لم يلتفت الكثيرون إلى مقال نشر قبل أن تخرج المجلة الخبر على هذا النحو كان في صحيفة الخليج الإماراتية بعنوان "نبيل فهمي.. الدبلوماسي والمفكر" أشار بشكل واضح إلى أن فهمي أحد الأسماء المطروحة بجدارة للمنصب ليس فقط بصفته دبلوماسيًا مخضرمًا، بل أيضًا مفكرًا استراتيجيًا يمتلك مشروعًا ورؤية لإعادة تعريف بنية العمل العربي المشترك.
كاتب المقال - ينشر مقالات سياسية متركزة على العلاقات الدولية بين فترة وأخرى - ذكر أن الجامعة والاختيار القادم سيأتي في لحظة فارقة تتطلب قيادة استراتيجية واقعية تُعيد صياغة الدور العربي، لتنتقل به من حدود الخطابة إلى أفق الفعل المؤسسي المستقل والجامع، بما يحفظ المصالح العليا للأمة ويعزز مكانتها في النظام الدولي وأن مشروع أبو الغيط "يستند إلى رؤية شمولية تستلهم التجارب الإقليمية الناجحة، مثل الاتحاد الإفريقي الذي انتقل من مؤسسة شكلية إلى فاعل إقليمي مؤثر".
وفي الثلاثاء الماضي جاءت أيضًا تقارير سعودية قاطعة تشير إلى أن ترشيح فهمي جاء بعد اتصالات مكثفة أجراها وزير الخارجية بدر عبد العاطي مع نظرائه العرب "لحسم اسم المرشح المصري للمنصب" وأن الاسم لاقى قبولًا بين الأوساط السياسية العربية خلال الأسابيع الأخيرة.
لم يقابل ترشيح نبيل فهمي للمنصب بموجة الجدل التي قوبلت بها التقارير الإعلامية التي خرجت حول الاسم الذي تردد أن القاهرة ستدفع به للمنصب، وتبين فيما بعد أن الأمر لم يكن صحيحًا وتم نفيه.
هناك حالة توافق واضحة في الموقف العربي تجاه نبيل فهمي وربما كان استدعاؤه مرة أخرى بعد سنوات اكتفى خلالها بطرح آرائه وتقديم رؤيته الخاصة إدراكًا لمدى أهمية أن يعود في هذه اللحظة الحساسة، وكذلك رغبة في تجنب سيناريو مشابه لسيناريو 2011 حين أثار ترشيح القاهرة للدبلوماسي مصطفى الفقي لتولي المنصب خلفًا للأمين العام السابق عمرو موسى خلافات قوية.. وكان نبيل فهمي محل ترحيب حتى آنذاك من جانب الأطراف العربية وفي الداخل المصري.
ومرة أخرى سيبقى المنصب في القاهرة ولن يخرج مع شخصية دبلوماسية كبيرة كانت تستحق أن تنال التدرج المعهود للدبلوماسية المصرية سفيرًا في واشنطن ثم وزيرًا للخارجية ثم أمينًا عامًا للجامعة العربية.
الرهان كبير على نبيل فهمي في منصب الأمين العام للجامعة ليواصل مسيرة دبلوماسية كبيرة، حيث شغل فهمي منصب سفير لدى الولايات المتحدة (1999-2008) واليابان (1997-1999) وأسس كلية الشؤون العالمية والسياسات العامة (GAPP) في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2009، ثم عمل وزيرًا للخارجية في أحد أكثر الفترات سخونة في تاريخ الدبلوماسية المصرية.
في 2022 صدرت مذكراته "في قلب الأحداث" عن دار الشروق متضمنة نصف قرن من الأحداث الدولية والإقليمية والوطنية تابعها مؤلفه عن قرب.. وبالقطع سيجد في منصب الأمين العام للجامعة ما يستحق أن يكون الجزء الثاني من المذكرات.


