الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الاستثمار في الاتجاه المعاكس

الأربعاء 27/أغسطس/2025 - 10:25 م

في عالم الاستثمار فيه قاعدة بتقول لما تلاقي الكل ماشي في اتجاه واحد دور على الفرص في الاتجاه العكسي، المبدأ ده اسمه "الاستثمار في الاتجاه المعاكس" فكرته ببساطة إنك تختار المجالات أو القطاعات اللي الناس كلها بتشوف إنها فاشلة أو خلاص انتهت، لكن في الحقيقة ممكن يكون جواها فرص كبيرة، يعني بدل ما تمشي وراء القطيع وتعمل زي ما الأغلبية ما بتعمل، تبدأ تشوف الأماكن اللي محدش مهتم بيها، طبعًا الموضوع مش خالي من المخاطر، بس في المقابل ممكن يديك مكاسب غير عادية لو عندك صبر ونظرة بعيدة.

الاستثمار المالي في الاتجاه المعاكس

في سنة 2008، ومع الأزمة المالية العالمية، كان كل مستثمر يبيع أسهمه خوفًا من الانهيار، لكن المستثمرين الكبار مثل وارن بافيت اختاروا أن يشتروا في الوقت الذي كان فيه السوق كله يبيع؛ والنتيجة؟.. حققوا أرباح ضخمة عندما تعافى الاقتصاد، وبعد أزمة جائحة كورونا انهارت أسعار أسهم شركات الطيران والسياحة، لكن بعض المستثمرين استثمروا في الاتجاه المعاكس واشتروا تلك الأسهم بأسعار زهيدة، ومع عودة السفر والسياحة تضاعفت قيمتها بشكل ملحوظ.

الاستثمار السياحي في الاتجاه المعاكس

أشهر قطاع اقتصادي على الاستثمار في الاتجاه المعاكس.. معظم السائحين يتجهون نحو المدن الكبرى مثل القاهرة أو الغردقة أو شرم الشيخ، لكن بعض المستثمرين رأوا أن المدن الأقل شهرة مثل سيوة، الوادي الجديد، ومرسى مطروح هي مستقبل السياحة البديلة، وبالفعل بدأت هذه المناطق تجذب السياح الباحثين عن الهدوء والطبيعة البكر، ومن أشهر الأمثلة "القرنة الجديدة" في الأقصر، التي لم تكن تحظى باهتمام كبير، أصبحت اليوم نقطة جذب سياحي مهم بعد استثمارات بسيطة في البنية التحتية والترويج، وحتى الأفراد يمكنهم الاستفادة، بدلًا من فتح مطعم أو فندق في مدينة مزدحمة بالمنافسة، ويمكن إنشاء مشروع صغير في منطقة سياحية "منسية"، ليكون الخيار المفضل للقادمين الباحثين عن تجربة جديدة.

وفي وقت كانت شركات السياحة تراهن على الأجانب فقط، ظهرت شركات صغيرة تستهدف السياحة الداخلية للعائلات المصرية، وحققت نجاحًا كبيرًا، حتى في السفر يمكن للفرد أن يختار وجهات غير مزدحمة، فيوفر المال ويستمتع أكثر، مثل زيارة الفيوم أو واحات الداخلة بدلًا من الوجهات المزدحمة.

الاستثمار المعاكس في الشركات 

الشركات الكبرى أحيانًا تبتكر استراتيجيات معاكسة تمامًا للسوق، في وقت كان العالم يشتري أقراص DVD ويستأجر الأفلام من المتاجر قررت شركة أن تراهن على بث الأفلام عبر الإنترنت، الكل ظن أنها مغامرة خاسرة، لكن اليوم إمبراطورية إعلامية.

وفي مصر مشروعات الكافيهات والمطاعم.. في حين يندفع الجميع لفتح محلات مأكولات سريعة، ينجح البعض في الاتجاه المعاكس عبر مطاعم متخصصة في وصفات تراثية مصرية، الفول والطعمية لكن بشكل عصري فاخر، لتستهدف السياح والأجيال الجديدة الباحثة عن هوية.

وفي مجال الطاقة، بينما ركزت شركات على النفط فقط ظهرت شركات صغيرة تراهن على الطاقة المتجددة (شمسية ورياح) في وقت لم يكن أحد يراها مهمة، والآن أصبحت الاستثمارات في الطاقة المتجددة تجذب مليارات الدولارات.

الاستثمار في الاتجاه المعاكس للأفراد

ليس شرطًا أن تكون غنيا أو صاحب شركة أو مستثمر لتستفيد من فكرة الاستثمار في الاتجاه المعاكس، يمكن التطبيق لما الكل يتجه للاستهلاك في الكماليات تبدأ تستثمر في أسهم بسعر منخفض أو في الدهب، وعندما يتجه الجميع للتعليم التقليدي مثل التسويق الإعلام ممكن تتجه في اتجاه آخر مثل الذكاء الاصطناعي أو الطاقة المتجددة.

أمثلة حية على الاستثمار في الاتجاه المعاكس

في وقت انهيار المطاعم بسبب كورونا نجحت مشروعات "توصيل الطعام المنزلي" بشكل هائل، والقطاع العقاري في أوقات الركود انخفضت أسعار الأراضي في مناطق مثل الساحل الشمالي أو العاصمة الإدارية، واشتري المستثمرون، واليوم تضاعفت الأسعار.

ومثال على الموضة، والمنتجات التراثية، ففي الوقت الذي يغزو فيه السوق الملابس المستوردة، بدأ بعض رواد الأعمال في استثمار "الزي المصري التقليدي" مثل الجلابية والعباءة لكن بتصميم عصري، ولاقت رواجًا.

الاستثمار في الاتجاه المعاكس ليس مجرد فكرة اقتصادية، بل هو أسلوب تفكير، هو أن ترى الفرص حيث يرى الآخرون الخطر، وأن تؤمن بالقيمة المضافة فيما يتجاهله السوق، سواء كنت فردًا يبحث عن فرصة صغيرة، أو شركة تسعى للتميز، أو حتى حكومة تخطط لمستقبل السياحة، فإن الرهان على الاتجاه العكسي قد يكون مفتاح النجاح.

لا يتعلق الموضوع فقط بالمال، بل بالقدرة على الرؤية المختلفة، فالتاريخ علمنا أن أعظم النجاحات الاقتصادية جاءت من أشخاص لم يخافوا من السباحة ضد التيار، فرسالة الاستثمار في الاتجاه المعاكس “ليس كل ما يهرب منه الآخرون يمثل خطرًا دائمًا، بل قد يكون فرصة ذهبية”. 

تابع مواقعنا