القصة كاملة| فيفا يُلزم بيراميدز بسداد 97 مليون جنيه لـ هيدرسفيلد بسبب رمضان صبحي.. ويُهدده بعقوبات صارمة
مرت خمس سنوات على واحدة من أبرز الصفقات التي شغلت الرأي العام الكروي في مصر، بعد انتقال رمضان صبحي إلى نادي بيراميدز في سبتمبر 2020، عقب نهاية إعارته للأهلي قادمًا من نادي هيدرسفيلد تاون الإنجليزي.
ورغم تأكيد اللاعب في أكثر من مناسبة أنه لن يلعب في مصر سوى للأهلي، جاءت الصفقة لتقلب الموازين، وتكشف عن كواليس مالية ومفاوضات معقدة بين الأطراف الثلاثة.
ومؤخرًا، كشفت مستندات القضايا التي رفعها نادي هيدرسفيلد ضد الأهلي وبيراميدز، أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، عن العديد من التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالصفقة، خاصة فيما يخص الجوانب المالية وشروط التعاقد.
فيفا يُلزم بيراميدز بسداد 97 مليون جنيه لـ هيدرسفيلد بسبب رمضان صبحي
في 10 سبتمبر 2020، أبرم هيدرسفيلد تاون ونادي بيراميدز اتفاقية بموجبها انتقل اللاعب رمضان صبحي من النادي الإنجليزي إلى نظيره المصري.
وجاء في البند الثاني من الاتفاقية، التزام نادي بيراميدز بدفع مبلغ إجمالي قدره 2.5 مليون جنيه إسترليني لنادي هيدرسفيلد تاون على النحو التالي:
- مليون جنيه إسترليني في 10 سبتمبر 2020
- 750 ألف جنيه إسترليني في 1 يناير 2021
- 750 ألف جنيه إسترليني في 1 يوليو 2021
كما نص البند الثالث على دفعات إضافية مرتبطة بعدد مشاركات اللاعب خلال المواسم الثلاثة 2020/2021، 2021/2022، و2022/2023، بحد أقصى 500 ألف جنيه إسترليني، منها 100 ألف جنيه إسترليني عند إكمال اللاعب 20 مباراة.
وفي 4 نوفمبر 2021، رفع نادي هيدرسفيلد تاون دعوى أمام غرفة أوضاع اللاعبين التابعة للفيفا، مطالبًا بدفع مبلغ 750 ألف جنيه إسترليني كدفعة ثالثة من رسوم الانتقال مع فائدة سنوية 5% اعتبارًا من 2 يوليو 2021، بالإضافة إلى 200 ألف جنيه إسترليني وفقًا للبند الثالث من الاتفاقية مع فائدة سنوية 5% اعتبارًا من 12 نوفمبر 2021.
وفي 15 فبراير 2022، تم التوصل إلى اتفاقية تسوية بين الطرفين لإعادة ترتيب الالتزامات المالية، تم بموجبها إغلاق الدعوى المرفوعة سابقًا.
وينص البند الأول من اتفاقية التسوية على التزام نادي بيراميدز بدفع مبلغ إجمالي قدره 919.567.38 جنيه إسترليني -61.5 مليون جنيه- على ثلاث دفعات:
- 459.783.69 جنيه إسترليني “30.7 مليون جنيه مصري” خلال 7 أيام عمل من توقيع الاتفاقية.
- 229.891.85 جنيه إسترليني “15.36 مليون جنيه” بحلول 30 أغسطس 2022.
- 229.891.85 جنيه إسترليني “15.36 مليون جنيه” بحلول 30 نوفمبر 2022.
وتتضمن الاتفاقية شروطًا جزائية في حال التأخر عن سداد الأقساط، حيث يُمنح النادي مهلة 10 أيام بعد إشعار رسمي، وإذا لم يتم السداد تُصبح كافة المبالغ مستحقة فورًا، مع فرض غرامة تعاقدية 10% على المبلغ المستحق، إضافة إلى فائدة سنوية 5% على الغرامة، وذلك وفقًا للبند الثاني من الاتفاقية.
ويشتمل البند الخامس على شرط إعادة التفاوض بحسن نية على مواعيد الدفعتين الثانية والثالثة في حال تعليق النشاط الرياضي أو تمديد الموسم بسبب ظروف قاهرة مثل جائحة كورونا، مع الالتزام بعدم تجاوز مواعيد السداد المحددة ضمن موسم 2022/2023.
وفي 28 أغسطس 2022، أرسل نادي بيراميدز خطابًا إلى نادي هيدرسفيلد تاون، مستندًا إلى البند الخامس من اتفاقية التسوية المبرمة بين الطرفين.
وأفاد بيراميدز بأن الاتحاد المصري لكرة القدم مدد موسم 2021/2022 حتى 30 أغسطس 2022، وأعلن أن موسم 2022/2023 سيبدأ في 15 أكتوبر 2022.
وبناءً عليه، اقترح بيراميدز تأجيل سداد القسطين الثاني والثالث من اتفاقية التسوية على النحو التالي:
- 229.891.85 جنيه إسترليني “15.36 مليون جنيه” في 15 أكتوبر 2022.
- 229.891.85 جنيه إسترليني “15.36 مليون جنيه” في 1 يناير 2023.
وفي 8 سبتمبر 2022، رد نادي هيدرسفيلد تاون على الخطاب، مشيرًا إلى أن الموعد الرسمي لنهاية موسم 2021/2022 لم يتغير، وأن بيراميدز لم يقدم أي دليل على وجود قوة قاهرة، كما أكد هيدرسفيلد أنه لم يستلم أي مبلغ حتى ذلك التاريخ، ومنح بيراميدز مهلة 10 أيام لتسوية الإخلال، حتى 18 سبتمبر 2022.
وفي 26 سبتمبر 2022، أرسل هيدرسفيلد إشعارًا ثانيًا طالب فيه بسداد مبلغ 505.762.06 جنيه إسترليني “34 مليون جنيه”، وهو يمثل القسطين الأخيرين من اتفاقية التسوية (459.783.69 جنيهًا إسترلينيًا) “30.7 مليون جنيه مصري”، بالإضافة إلى غرامة تعاقدية قدرها 45.978.37 جنيهًا إسترلينيًا “3 مليون و70 ألف جنيه مصري”.
الإجراءات القانونية أمام الفيفا
في 19 أكتوبر 2022، رفع هيدرسفيلد تاون دعوى أمام غرفة أوضاع اللاعبين التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا.
موقف المدعي (هيدرسفيلد تاون)
أكد المدعي أن المدعى عليه (بيراميدز) لم يسدد القسط الثاني ما أدى إلى تفعيل بند التعجيل والغرامة في اتفاقية التسوية.
استند المدعي إلى المادة 12 مكرر من لوائح فيفا الخاصة بأوضاع وانتقالات اللاعبين والقانون السويسري، مطالبًا بسداد المستحقات والغرامة التعاقدية.
فيما يتعلق بالفوائد، أشار إلى أن الفوائد تنشأ عن المبالغ المطالب بها في الدعوى الأولى، وليس فقط وفقًا لاتفاقية التسوية، وتبدأ من تواريخ استحقاقها حتى السداد الفعلي.
وتضمنت طلبات المدعي ما يلي:
- دفع 459.783.69 جنيه إسترليني “30.7 مليون جنيه مصري”، وهو المبلغ المستحق بموجب اتفاقية التسوية.
- دفع فائدة 5% سنويًا على مبلغ 750 ألف جنيه إسترليني “50 مليون و100 ألف جنيه مصري” اعتبارًا من 2 يوليو 2021 حتى تاريخ السداد.
- دفع فائدة 5% سنويًا على مبلغ 200 ألف جنيه إسترليني “13 مليون و370 ألف جنيه مصري” اعتبارًا من 12 نوفمبر 2021 حتى تاريخ السداد.
- دفع غرامة تأخير قدرها 45.978.37 جنيه إسترليني “3 مليون و74 ألف جنيه مصري”.
- دفع فائدة 5% سنويًا على الغرامة اعتبارًا من 19 سبتمبر 2022 حتى السداد.
ليصبح الإجمالي حوالي 97 مليون و244 ألف جنيه مصري.
كما طلب المدعي من غرفة أوضاع اللاعبين فرض العقوبات المنصوص عليها في المادة 12 مكرر من لوائح فيفا المتعلقة بالمعاملات غير العادلة على المدعى عليه.
موقف المدعى عليه (بيراميدز)
رفض بيراميدز مطالب المدعي، مؤكدًا أن البند الخامس من اتفاقية التسوية كان يقصد به توفير مهلة إضافية لسداد المستحقات في حال وجود مشاكل مالية أو ظروف استثنائية.
جادل بأن تأجيل الدوري المصري لموسم 2022/2023 يستوجب تأجيل مواعيد السداد وفقًا للبند المذكور، مشيرًا إلى أن صياغة البند غير واضحة.
أكد أيضًا أن مفهوم “القوة القاهرة” الوارد في الاتفاقية يشمل أي ظروف خارجة عن إرادة الطرف، وأن ذكر جائحة كوفيد-19 كان كمثال فقط دون الحاجة لإثبات إضافي.
في هذا السياق، أكد المدعى عليه استلامه إشعارات التخلف عن السداد من المدعي، إلا أنه اعتبر أن بنود التعجيل والغرامة لم تُفعّل، نظرًا لعدم استحقاق القسط الثاني من اتفاقية التسوية حتى الآن.
كما طعن المدعى عليه في طلب المدعي بفائدة التأخير، موضحًا أن مبلغ 459.783.69 جنيهًا إسترلينيًا قد تم سداده دون نزاع، لذا فإن احتساب الفائدة على هذا المبلغ سيكون مبالغة.
وأشار كذلك إلى أن الفائدة ذات الصلة تم أخذها بعين الاعتبار عند توقيع اتفاقية التسوية، ما يعني أن الرجوع إلى المطالبة الأصلية سيؤدي إلى احتساب الفائدة مرتين.
واستنادًا إلى ما سبق، خلص المدعى عليه إلى أنه ينبغي رفض مطالبة المدعي رفضًا قاطعًا.
بعد ذلك، انتقل القاضي إلى جوهر النزاع، المتمثل في مطالبة بالأجر المستحق والغرامة التعاقدية المتعلقة باتفاقية التسوية الموقعة في 15 فبراير 2022.
لم يُنكَر أن المدعى عليه “بيراميدز” لم يدفع القسط الثاني، لكن الطرفين اختلفا حول موعد استحقاقه بناءً على صياغة البند 5 من الاتفاقية.
أوضح القاضي أن مهمته تكمن في تحديد:
- موعد استحقاق القسط الثاني.
- العواقب المترتبة على عدم السداد في الموعد.
موعد استحقاق القسط الثاني
ركز القاضي على نص البند 5 من اتفاقية التسوية، والذي ينص على أنه في حال تعليق النشاط الرياضي أو تمديد موسم 2021/2022 بسبب قوة قاهرة مثل جائحة كورونا قبل 30 أغسطس 2022، يتوجب تقديم قرار رسمي من جهة مختصة في مصر، ويُعاد التفاوض بحسن نية على مواعيد السداد، وأشار القاضي إلى وضوح صياغة البند، وأن تمديد مواعيد السداد مشروط بتحقق شرطين:
- تقديم قرار رسمي يثبت تعليق النشاط أو تمديد الموسم بسبب قوة قاهرة.
- اتفاق الطرفين بحسن نية على تعديل مواعيد الدفع.
- ولم يتوفر أي من الشرطين في هذه القضية.
وبالتالي، رفض القاضي تطبيق البند 5، معتبرًا أن المدعى عليه لم يثبت وجود قوة قاهرة (تعليق النشاط أو تمديد موسم 2021/2022) كما يدعي، ولا اتفاقًا على تعديل المواعيد.
كما أكد القاضي أنه لو أراد الطرفان تعديل المواعيد، كان يجب توثيق ذلك كتابيًا، خاصة أن المبلغ محل النزاع يعود لدين سابق مقدم أمام لجنة المسابقات في 2021، لذا، قرر القاضي أن القسط الثاني كان مستحقًا بتاريخ 30 أغسطس 2022، وأن المدعى عليه تخلف عن السداد.
العواقب المترتبة على عدم السداد
قرر القاضي أن إشعارات التخلف التي أرسلها المدعي استوفت الشروط اللازمة لتفعيل بند التعجيل والغرامة.
واستنادًا إلى مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين"، قرر القاضي أحقية المدعي في استلام المبلغ الأصلي 459.783.69 جنيه إسترليني، بالإضافة إلى غرامة تأخير قدرها 45.978.37 جنيهًا إسترلينيًا (تم اعتبارها معقولة وتمثل 10% من المبلغ المستحق).
رغم ذلك، رفض القاضي طلب المدعي بفرض الفوائد المتعلقة بالمطالبة الأصلية، متفقًا مع المدعى عليه بأن الفائدة تم احتسابها ضمن اتفاقية التسوية.
وحدد القاضي فائدة تأخير بنسبة 5% سنويًا فقط على المبالغ الواردة في اتفاقية التسوية، موزعة كالتالي:
- على مبلغ 229.891.85 جنيهًا إسترلينيًا اعتبارًا من 31 أغسطس 2022.
- وعلى مبلغ 229.891.85 جنيهًا إسترلينيًا اعتبارًا من 19 سبتمبر 2022 (تاريخ تفعيل بند التعجيل).
وأخيرًا، قرر القاضي عدم فرض فائدة على الغرامة التعاقدية، تماشيًا مع مبدأ عدم المعاقبة على نفس السبب مرتين.
النتيجة النهائية
حكم القاضي المنفرد بقبول طلب المدعي “هيدرسفيلد تاون” جزئيًا.
وأشار إلى المادة 24 من اللوائح، التي تنص على أن الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا يمكنه فرض عقوبات على الطرف المتخلف عن السداد وهو بيراميدز، مثل:
- حظر تسجيل لاعبين جدد، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، لمدة قد تصل إلى ثلاث فترات تسجيل متتالية.
- إحالة القضية إلى لجنة الانضباط بالفيفا إذا استمر عدم السداد.
بناءً على ما سبق، قرر القاضي المنفرد أن على بيراميدز سداد كامل المبلغ المستحق (بما في ذلك الفوائد المطبقة) لـ هيدرسفييلد خلال مهلة أقصاها 45 يومًا من تاريخ إخطار هذا القرار، وفي حال عدم الامتثال خلال هذه المهلة، وبناءً على طلب النادي الإنجليزي، سيتم فرض حظر فوري على تسجيل لاعبين جدد على بيراميدز، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، وذلك لمدة أقصاها ثلاث فترات تسجيل كاملة ومتتالية.



