الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

ليلة الزيتون السوداء على الاحتلال

السبت 30/أغسطس/2025 - 03:06 م

رغم ما خلّفته الحرب على غزة من دمار غير مسبوق وخراب لم يترك بيتًا إلا وطرق بابه، ورغم القتل الذي تنوع بين القصف والتجويع وسياسة الإبادة الممنهجة، ورغم الدعم الأمريكي اللا محدود سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

فإن الاحتلال ما زال يواجه مقاومين لا يملكون إلا السلاح الخفيف، وبعضه صُنع داخل القطاع تحت الحصار الخانق بأقل الإمكانبات، ولكن أهم ما لديهم تلك العزيمة التي لا تلين والإيمان الراسخ بعدالة قضيتهم.

وبعد قرابة العامين من محاولات مستمرة لإضعاف المقاومة، بل والقضاء عليها نهائيًا، كانت المفاجأة التي أدهشت الجميع، وفي مقدمتهم إسرائيل نفسها.

إنها ليلة حي الزيتون، التي وصفها الإعلام العبري بأنها الأشد والأخطر منذ السابع من أكتوبر 2023.

حي الزيتون ليس مجرد رقعة جغرافية في مدينة غزة، بل هو ذاكرة ممتدة لأهلها، وأرض تعانق جذور الزيتون العتيقة التي طالما شهدت قصص الصمود.

لقد اعتقد الاحتلال أنه بتدمير الحي وتهجير سكانه ودفن بيوته تحت الركام، قد أنهى أي قدرة على الحياة فيه.
لكن هذا الحي العريق أثبت عكس ذلك، بعدما تحول فجأة إلى ميدان مرعب لجنود الاحتلال، مما أجبر قادتهم على إعطاء الأوامر بالانسحاب من الميدان وسط كل ما واجهوه من مقاومة لم تكن في مخيلتهم.

الأخبار التي رشّحت عن اختفاء أربعة جنود وسط ظروف غامضة فتحت الباب أمام تساؤلات كثيرة، أبرزها:
هل تم أسرهم من قبل المقاومة؟ وهل يضاف ذلك إلى سجل المفاجآت التي لا تتوقف؟ التكهنات كثيرة، لكن المؤكد أن ما جرى في الزيتون زلزل صورة الجيش الذي طالما قدّم نفسه باعتباره الأقوى في المنطقة.

أشهر طويلة والاحتلال يحاول إقناع نفسه والعالم أن المقاومة في طريقها إلى الزوال، وأن غزة لم يعد فيها ما يمكن أن يقلق أمنه، وأنه في الطريق إلى تحقيق النصر الساحق وإعادة الرهائن.. غير أن ما حدث في الزيتون أعاد رسم المشهد من جديد، وأظهر أن المقاومة ما زالت قادرة على المبادرة، حتى في أحلك الظروف.. إنها حقيقة لا يمكن إنكارها مهما حاولت الرواية الإسرائيلية طمسها.

ليلة الزيتون السوداء تحمل رسالة واضحة، وهي أن الرهان على كسر إرادة غزة خاسر. 
كل قصف يقابله إصرار، وكل حصار يقابله ابتكار، وكل محاولة لإطفاء جذوة المقاومة لا تزيدها إلا اشتعالا.

إلى الاحتلال نقول: قد تحاصرون الأرض وتدمرون العمران، لكنكم لن تنالوا من الروح. 
وغزة، التي ظننتم أنها انكسرت، ستظل تفاجئكم بليالٍ أخرى أشد سوادًا، حتى تدركوا أن إرادة الشعوب لا تقهر وأن الاحتلال إلى زوال، وأن السلام العادل والشامل وحده هو الذي يضمن أمنكم لا قوتكم وإجرامكم مهما أسرفتم فيه.

تابع مواقعنا