حرب الجواسيس في اليمن
إخضاع اليمن، بالأحرى جماعة الحوثي، آخر جبهات محور المقاومة، هدف إسرائيل الحالي إذن العملية التي نفذتها مقاتلات الكيان وأسفرت عن مقتل رئيس وزراء الجماعة أحمد الرهوي وعدد من وزرائه، أثناء اجتماعهم أول فصول المواجهة الحقيقية.
القصف يعيد إلى الذاكرة الهجمات التي نفذتها إسرائيل على اجتماعات قادة حزب الله، في حربها الأخيرة على لبنان، وأدت إلى مقتل عدد كبير منهم وعلى رأسهم حسن نصر الله زعيم الحزب.
صحيح أن قصف اليمن ليس الأول، وأن المقاتلات الإسرائيلية ضربت، ولا تزال، منصات الصواريخ التي يستخدمها الحوثيون في قصف المدن الإسرائيلية، لكنها كلها كانت أهدافا عسكرية، على عكس هذا الهجوم، الذي استهدف قادة الجماعة ورموزها.
أسلوب إدارة المعركة اختلف، ودولة الكيان تستخدم نفس الطريقة التي اتبعتها في حروبها على جبهات محور المقاومة، وحسمتها لصالحها بالفعل في وقت قياسي.
هي حرب جواسيس بالأساس يجيد الاحتلال الإسرائيلي، إدارتها، وهو ما ظهر بشكل واضح في معركته مع إيران التي أنهاها سريعا، وتمكن خلالها من تحديد أهداف منتقاه، وتصفية القادة العسكريين المسؤولين عن إدارة المعركة مثل قائد الحرس الثوري الإيراني، ورئيس الأركان، وبالشكل الذي جعل طهران في موقف حرج، وأجبرها في النهاية على إنهاء المعركة طبقا لشروط خصومها.
والواضح أيضا أن إسرائيل نجحت في زرع جواسيسها في اليمن، وربما اخترقت، أماكن حساسة ومهمة في الجماعة، وبالشكل الذي استطاعت معه معرفة موعد اجتماع بهذه الأهمية وقصفه.
والمؤكد أيضا أن هجوم صنعاء ليس ناجم عن معلومات وصلت إلى جيش الاحتلال بالصدفة، وإنما نتيجة تخطيط وإعداد جيد له، ساعد على ذلك غياب الدولة اليمنية وحالة التمزق التي تعيشها.
حروب إسرائيل الأخيرة في المنطقة، توضح أنها تستخدم استراتيجيات طويلة المدى لكنها مضمونة النتائج، ولا ننسى أن عملية تفخيخ أجهزة البيجر، وتفجيرها في وجوه عناصر حزب الله تم الإعداد لها على مدى سنوات قبل تنفيذها.
الحوثيون شوكة في حلق إسرائيل فشلت على مدى السنوات الماضية، ومن قبلهم الولايات المتحدة في خلعها، ولم تتمكن من إسكات مدافعهم بالمواجهة المباشرة، فهل تنجح بحرب الجواسيس في تحقيق ذلك؟ أم يستفيد الحوثيون من حروب رفقاء الميدان على جبهات المقاومة الأخرى، وينجحون في إدارة هذه المعركة بالكشف المبكر عن عملاء الموساد والقضاء عليهم؟


