مصر والصين نحو مجتمع المصير المشترك.. توافق سياسي وتكامل اقتصادي في قمة شنغهاي 2025
فرضت قمة منظمة شنغهاي للتعاون، المنعقدة في مدينة تيانجين الصينية، نفسها كمحطة بارزة على الساحة الدولية، حيث جمعت كبار قادة الدول الأعضاء والمراقبين، من بينهم روسيا، الهند، مصر وعدد من القوى الإقليمية والدولية، في وقت يشهد العالم تصاعدًا في التوترات الجيوسياسية والاقتصادية.
وتهدف القمة إلى توحيد الرؤى وتعزيز التعاون متعدد الأطراف في مجالات السياسة، والأمن، والتنمية الاقتصادية، والطاقة، ومكافحة الإرهاب، بما يعكس التزام المنظمة بلعب دور فاعل في إعادة صياغة التوازنات الدولية وتكريس نظام عالمي أكثر تعددية في مواجهة التحديات المتفاقمة.
وفي هذا الصدد، قالت الكاتبة والمحللة الصينية سعاد ياي شين هوا، في تصريحات لـ القاهرة 24، إن مصر تعتبر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، ومشاركتها مهمة كعضو في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، لافتة إلى أنه ليست مجرد امتداد لأفضل فترة تاريخية في العلاقات الثنائية بين مصر والصين، بل تمثل أيضا خطوة رئيسية في توسيع نفوذ المنظمة نحو منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
ولفتت إلى أن القمة فرصة لدفع بناء مجتمع المصير المشترك إلى مستوى جديد، في العلاقات الثنائية بين مصر والصين، مشيرة إلى أن القمة توفر منصة مهمة للتفاعل على أعلى المستويات بين الصين ومصر.
وشددت على أن محادثات الرئيس الصيني شي جين بينغ مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وضعت الاتجاه الأساسي للمرحلة القادمة من العلاقات بين البلدين، ممهّدة الطريق للاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 2026، وجعل التعاون الثنائي أكثر استمرارية استراتيجية.
مشاركة مصر في قمة شنغهاي من منظور التعاون العملي
وأوضحت المحللة الصينية أنه من منظور التعاون العملي، تعزز القمة منطق التعاون المزدوج بين توافق السياسات والتعمق في المجالات بين الصين ومصر، حيث جدد الجانبان التأكيد على تعزيز توافق مبادرة الحزام والطريق مع رؤية مصر 2030، حيث سيستمر التعاون التجاري بمنطقة قناة السويس كمشروع رمزي في لعب دور تجمع صناعي وتأثير إقليمي، مضيفا خبرات صينية لعملية التصنيع في مصر.
من جهة أخرى، لفتت إلى أن التعاون بين البلدين امتد من مجالات التجارة والاقتصاد التقليدية إلى مسارات جديدة مثل التصنيع المشترك، الطاقة الجديدة، السيارات الكهربائية، تحلية مياه البحر، بما يتوافق مع احتياجات مصر في التنمية المستدامة وترقية الصناعات، ويعكس أيضا توجهات الصين في تحويل الصناعات ونقل التكنولوجيا، ليخلق نموذج تعاون جديد قائم على المنفعة المتبادلة وتكامل المزايا، مشيره إلى أن الأهم من ذلك، أن الدعم المتبادل في المصالح الأساسية يعزز الثقة السياسية ويقوي التعاون العملي، حيث تلتزم مصر بمبدأ صين واحدة، والصين تدعم مصر في القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ما يجعل العلاقات الصينية المصرية نموذجا لبناء مجتمع المصير المشترك في العصر الجديد.
مشاركة مصر في قمة شنغهاي من منظور التعاون الإقليمي
بالنسبة للتعاون الإقليمي، أوضحت الباحثة الصينية أن مصر تقع عند ملتقى آسيا وإفريقيا وأوروبا، وهي قوة رئيسية في العالم العربي وعضو محوري في الاتحاد الإفريقي، وتهدف مشاركتها في القمة أساسًا إلى بناء جسر للتفاعل بين منظمة شنغهاي للتعاون ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
وأكدت أن مشاركة مصر في القمة تعزز الثقة المتبادلة، والمنفعة المشتركة، والمساواة، والتشاور، واحترام الحضارات المتنوعة، والسعي للتنمية المشتركة في المنطقة، حيث يواجه الشرق الأوسط حاليا طلبات مزدوجة تتعلق بإعادة الهيكلة الأمنية والحاجة للتنمية، ويمكن لتجربة منظمة شنغهاي في مكافحة الإرهاب والتكامل الاقتصادي أن تتماشى مع احتياجات الدول العربية، ومصر كوسيط تستطيع تعزيز التعاون العملي في تبادل المعلومات الاستخباراتية لمكافحة الإرهاب، والطاقة، والبنية التحتية.
وأكملت: بالنسبة لإفريقيا، تفتح مشاركة مصر نافذة للتعاون بين المنظمة والقارة الإفريقية، فإفريقيا تمثل أرض الفرص للتنمية العالمية، لكنها تواجه تحديات تتعلق بالبنية التحتية وقاعدة الصناعات، وخبرة الدول الأعضاء في المنظمة في مجالات البنية التحتية والطاقة والاقتصاد الرقمي تتوافق مع احتياجات القارة في الربط والتكامل والتصنيع، كما يمكن لمشاركة مصر تعزيز الروابط بين المنظمة والاتحاد الإفريقي، وجعل نتائج التعاون أكثر دقة لتلبية احتياجات التنمية الإفريقية، مثل دعم التحول الأخضر عبر التعاون في الطاقة الجديدة، وجسر الفجوة الرقمية عبر التعاون في الاقتصاد الرقمي.
