الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الموت غير الرحيم

الخميس 04/سبتمبر/2025 - 12:04 ص

الامتناع عن تقديم الخدمة العلاجية، لمريض حتى فارق الحياة، بلا شفقة أو رحمة لأي سبب، في تقديري قتل عمد، وليس مجرد إهمال طبي جسيم أو أي مسمى آخر.

ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة على هذا الأساس، قمة العدل الإنساني، لأن الطبيب أو المستشفى الذي يرفض إسعاف مريض، يعاني من أعراض أزمات صحية خطيرة، وتأخر التعامل الطبي معها يمكن أن يفضي إلى الموت، مثل الجلطات، أو الذبحة الصدرية، والنوبات القلبية، يدرك جيدًا أنه سيكون سببًا مباشرًا في هلاكه، أو تعريضه لخطر محدق، ومن ثم فهو وليس المرض من يرتكب هذه الجريمة، مع التسليم التام بقضاء الله سبحانه وتعالى، وقدره.

الإعلامية عبير الأباصيري، التي فقدت حياتها بعد أن قادها حظها العاثر لمرضى حب المال، بأحد المستشفيات ليست الأولى أو الوحيدة، وسبقتها حالات عديدة، وربما ستتكرر مأساتها مع مرضى آخرين، بعد أن تتوارى في ذاكرة النسيان، أعادت تسليط الضوء على هذه المشكلة فقط.

لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي فقد فيه أحد الزملاء من العاملين بإحدى القنوات الفضائية بمدينة الإنتاج الإعلامي قبل عدة سنوات، حياته هو الآخر بعد تعرضه لأزمة صحية شديدة أثناء العمل، نقله على إثرها زملائه إلى أحد المستشفيات الخاصة بمدينة السادس من أكتوبر، كان الوقت تجاوز منتصف الليل بساعات قليلة، ولا أحد يملك المال الكافي الذي طلبه المستشفى لإسعافه، ورفض القائمون على العمل علاجه، وإمهالهم الوقت لإحضار المال المطلوب، وفارق الحياة أيضا في مشهد مهين لآدميته، وإنسانيتهم، وقامت الدنيا وقتها ولم تقعد، واهتز ضمير من يملكون القرار، أو هكذا بدت الصورة أمام عدسات التليفزيونات، لكنها طويت هي الأخرى في ذاكرة النسيان.

لهذه الجريمة ضحايا آخرين، لا أحد يعلم عنهم شيئا، رحلوا في صمت، دون أن يجدوا من يرثيهم أو يطالب بحقهم، ربما لأنهم بلا سند، أو ليسوا من ذوي النفوذ، حتى الآن لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد حالات الوفاة الناتجة عن الامتناع عن علاج المرضى في مصر، لأنه لا يتم تصنيف هذه الجريمة، كسبب للوفاة في السجلات الرسمية بالمستشفيات، وهو أمر منطقي، فلم نسمع من قبل عن قاتل قدم دليل إدانته.

كم ثمن حياة البشر عند هؤلاء عديمي الضمير والإنسانية؟

قانون المسؤولية الطبية، يلزم المستشفيات، سواء الحكومية أو الخاصة بالعلاج المجاني والفوري للحالات الطارئة، لمدة 48 ساعة حتى يستقر وضعها الصحي، مثل المهددة بتوقف القلب أو التنفس، أو النزيف الحاد والتهديد لعضو أو وظيفة مثل السكتة الدماغية وغيرها من الحالات التي تظهر أعراضها فجأة، وتتطلب تدخلًا عاجلًا، وحظر القانون رفض تقديم  الخدمة الطبية لأسباب مالية، كعدم قدرة المريض على دفع التكاليف، وحدد إجراءات حاسمة ضد المستشفيات التي تخالف ذلك تصل إلى السجن والغلق الفوري دون إنذار مسبق، وهذا ما أعاد الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة التأكيد عليه والالتزام به، بعد وفاة عبير الأباصيري، نافيًا تعرضها لإهمال أفضى إلى موتها، على عكس رواية أصدقائها.

رغم ذلك يبقى السؤال مطروحا: هل نحن بحاجة إلى إجراءات إضافية تضمن التعامل بجدية مع الحالات الطارئة المشابهة للإعلامية الراحلة، كتصنيف هذه الجريمة على أنها قتل عمد عند حدوثها، أو إلزام مكان تقديم الخدمة بإيجاد قنوات اتصال مع وزارة الصحة، لمتابعة الحالة، ووضع رقم ساخن من قبل الوزارة لتلقي الشكاوى وسرعة التعامل لتذليل أي عقبات؟

تابع مواقعنا