عميد عائلة الكحلوت بفلسطين: حماس جمعت الجثامين ولم نتأكد من استشهاد أبو عبيدة.. ومصر سد منيع ضد مخططات إنهاء القضية│حوار
خلال الأيام الماضية، ادعت إسرائيل أنها قصفت منزلًا في قطاع غزة، وأن الهجوم أسفر عن استشهاد حذيفة سمير الكحلوت، الملقب بـ"أبو عبيدة" المتحدث الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام، ومعه زوجته وطفليه، وقد أثار هذا الادعاء جدلًا واسعًا، خاصة أن أبو عبيدة يُعد لسان المقاومة وصوتها، والعمود الفقري للحرب النفسية الكبرى بين أصحاب الأرض والقضية من جانب والمحتل على الطرف.
وحتى الآن، لم يصدر عن كتائب القسام أي بيان يؤكد أو ينفي ما روجت له إسرائيل، وفي هذا السياق، أجرينا حوارًا مع أبو خالد الكحلوت، العميد السابق في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، والمختار الكبير لعائلات الكحلوت في عموم فلسطين، للوقوف على حقيقة ما يُثار بشأن استشهاد أبو عبيدة، وتفاصيل القصف الإسرائيلي وهل هناك ما يؤكد أو يدلل على ذلك وتواجده هناك.
كما تطرق الحوار للحديث عن الأوضاع المعيشية الصعبة في القطاع، والدور الذي تقوم به العائلات والعشائر بالتعاون مع اللجنة المصرية من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، وموقف مصر من القضية الفلسطينية ورفضها التهجير، وإلى نص الحوار…..
بداية، كيف تلقيتم في عائلة الكحلوت ما رددته إسرائيل من مزاعم عن استهداف حذيفة سمير الكحلوت الملقب بـ"أبو عبيدة" الناطق الرسمي باسم كتائب القسام.. وهل لديكم أي تأكيدات من داخل العائلة؟
عائلتنا من أكبر العائلات في فلسطين، ولها حضور في مختلف المجالات ويشغلون مناصب قيادية على كافة المستويات في الوظائف الحكومية في فلسطين؛ فمثلًا، ونحن عائلة وطنية، مشهورة في فلسطين بالأخلاق والاحترام وتقديم الكثير للوطن الغالي فلسطين.
وبالنسبة لأبو عبيدة، فإن عمله كان سريًا، ولم نكن نعرف أنه في الحقيقة حذيفة سمير الكحلوت، إلا بعدما أعلن الاحتلال وزعم ذلك أكثر من مرة، ولو كان مكشوفًا لتمت تصفيته منذ سنوات، لكنه استمر في موقعه أكثر من عشرين عامًا.
هل هناك دلائل تؤكد أن "حذيفة سمير الكحلوت الملقب بأبو عبيدة" كان موجودا داخل المنزل الذي تم قصفه؟
الاحتلال أعلن استشهاده، لكن حماس ممثلة في مقاتلي كتائب القسام، استولت على المكان ونقلت الجثث، وحتى الآن لم يصدر إعلان رسمي؛ ونحن كعائلة، اعتدنا أن أي شهيد نشارك في دفنه بمقابرنا، ولم يحدث دفن رسمي حتى الآن.
وبالتالي، لا أحد يعرف إن كان استشهد فعلًا أم مصابًا ويتلقى العلاج، وما نتأكد منه أنه أدى واجبه في المقاومة، وكان ترسًا ثابتًا في مشروع الجهاد والدفاع عن الوطن، بعيدًا عن الأهداف السياسية للقيادات.
هل تؤكدون أن زوجته وأطفاله كانوا معه وقت الاستهداف؟
يقال ذلك خاصة في الإعلام الإسرائيلي، لكننا لم نرَ شيئًا بأعيننا كما قلت لك بسبب ما جرى من منع أحد من الوصول للمنزل أو الاقتراب من الجثامين، ولا يوجد تأكيد رسمي من العائلة.
كيف تقرأون استهداف أبو عبيدة وهو رمز بارز للمقاومة.. وما دلالة ذلك على سياسة إسرائيل تجاه الرموز الفلسطينية عامة على اختلاف أيديولوجياتها؟
الاحتلال يعمل ليلًا ونهارًا للوصول إلى كل شخصية مؤثرة، ولديه إمكانات تكنولوجية هائلة، من أقمار صناعية ألمانية وأمريكية وبريطانية وفرنسية وغيرها، وحتى الذبذبات الصوتية تحت الأرض يتم رصدها، ومع ذلك، غزة صمدت كل هذه السنوات بفضل من الله ونصر وثباتا منه، وصراعنا مع الاحتلال ليس عابرًا، بل هو صراع طويل ممتد حتى يوم القيامة.
السياسة الإسرائيلية تقوم على استهداف الرموز في غزة والضفة والقدس، لكن ما يحبط مخططاتهم أن هناك دائمًا رجالًا جددًا يحملون الراية ويواصلون طريق المقاومة.
لو كان أبو عبيدة على قيد الحياة ماذا تقول له اليوم؟
أقول له: الله يحميك ويحفظك، ويجعلك شوكة في حلق الأعداء، وإن كان قد استشهد فعلًا، فنسأل الله أن يكون في عليين، وإن كان مصابًا فنرجو أن تكون إصابته بسيطة ويُشفى سريعًا بإذن الله.
س: كيف تصفون الأوضاع في غزة والضفة بعد مرور قرابة عامين على العدوان الإسرائيلي المستمر؟
الوضع مؤلم للغاية؛ والاحتلال استغل أحداث السابع من أكتوبر لتنفيذ مخططاته الصهيونية القديمة التي تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية بالكامل، وإسرائيل لا تملك مقومات البقاء إلا بالدعم الأمريكي وتخاذل بعض العرب، ولكننا نرى مصر اليوم تبذل جهدًا عظيمًا لوقف العدوان.
موقف مصر منذ بداية العدوان على قطاع غزة واضح في دعم القضية الفلسطينية بينما البعض يحاول الادعاء كذبا بخلاف ذلك؟
مصر بالنسبة لنا ليست دولة شقيقة فقط، بل هي الأب والأصل وبدون مصر لا وجود للعروبة، ومنذ بداية الحرب، لولا موقفها الشريف بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكانت إسرائيل قد قضت على القضية الفلسطينية خلال الأشهر الأولى، وهو موقف بطولي ومشرّف، رغم الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها، لكنها أبت إلا أن تحمل على عاتقها وفي فؤادها قضية القضايا وتدافع عنها بكل ما أو تيت من قوة.
كيف ترى موقف مصر من محاولات تهجير الفلسطينيين خارج غزة؟
التهجير يعني إنهاء القضية الفلسطينية بالكامل، ومصر كانت الأوضح والأكثر رفضًا لهذه الفكرة منذ بدء طرحها، والرئيس السيسي أعلنها بوضوح بأن مصر لن تقبل التهجير وأنه خط أحمر، وهذا موقف ثابت ومشرف لمصر، حكومةً وشعبًا، يعبّر عن أصالتها وانتمائها القومي والعروبي والإنساني.
الدعم المصري حاضر بقوة لكن كيف تصفون مستوى الدعم العربي والفلسطيني لغزة في هذه المواجهة؟
الحقيقة أن 90% من المساعدات التي تصل إلى غزة تأتي عبر مصر، خصوصًا من خلال الهلال الأحمر المصري، ومصر لا تكتفي بدعم أهل غزة، بل تدعم الفلسطينيين الذين وصلوا إليها منذ السابع من أكتوبر 2023 وعددهم يقترب من 150 ألفًا، هذا بخلاف المقيمين فيها قبل ذلك وعددهم يصل لنصف مليون فلسطيني.
وأنا شخصيًا أحد الذين تهدمت بيوتهم وانتقلوا إلى مصر، وقد لمست دعم المؤسسات المصرية لنا بشكل يومي، سواء في العلاج أو التعليم أو حتى أبسط الاحتياجات، والشعب المصري بطبعه كريم ومعطاء، يتعامل معنا كأبناء بلد واحد.
كيف تصفون الوضع الإنساني والمعيشي في قطاع غزة اليوم؟
الوضع لا يوصف من شدة قسوته، قبل الحرب، خمسمائة شاحنة يوميًا لم تكن تكفي احتياجات القطاع؛ واليوم، وبعد الحصار الإسرائيلي وغلق المعابر، وبعد الضغط المصري لفتحها مرة أخرى بالكاد تدخل عشر أو خمسون شاحنة، معظمها من القاهرة، وبسبب تعنت الاحتلال الممنهج النتيجة مأساوية سواء نقص في الغذاء أو الدواء، بينما أطفال يموتون جوعًا أو يعانون سوء تغذية، والناس في حالة يرثى لها إنها كارثة إنسانية حقيقية.
وماذا عن الوضع في الضفة الغربية؟
الاحتلال يمارس في الضفة ما يمارسه في غزة يهاجم البنوك، يمنع دخول الأموال، ويصادر أموال المقاصة التي هي حق للسلطة، ومنذ سنة تقريبًا لم تصرف الرواتب بانتظام، وعلى سبيل المثال أنا متقاعد منذ أشهر ولم أتلقَّ معاشي، وكذلك الأسعار ارتفعت بشكل جنوني بسبب نقص السيولة؛ هذا الوضع المتردي من صنع الاحتلال الذي يسعى لتركيع الشعب الفلسطيني.
بعد استهداف رموز المقاومة على كافة أفكاراهم وأيديولوجياتهم.. هل يمكن أن يتوقف الشعب الفلسطيني عن إنجاب قادة للمقاومة مثل ياسر عرفات والسنوار والضيف وأبو عبيدة؟
على الإطلاق؛ أبو عمار قالها سابقا: "لو بقي جنين في بطن أمه سنعلن انطلاق الثورة من جديد"؛ نحن نقول: ما دام هناك فلسطيني في أي مكان، ستستمر المقاومة، فلسطين أرض الإسراء والمعراج، والقدس لن نفرط فيها، والشعوب العربية والإسلامية لن تتخلى عن فلسطين، وقد يطول الزمن، لكن النصر قادم كما جاء بعد ثمانية وثمانين عامًا من الاحتلال الصليبي.
نتابع عبر الصفحة الرسمية لعائلة الكحلوت دوركم في التعاون مع اللجنة المصرية لتوزيع المساعدات.. كيف تضمنون وصولها لمستحقيها على أرض الواقع في غزة؟
هناك لجنة مشتركة مصرية فلسطينية، من الجانب الفلسطيني، يرأسها الشيخ هايل أبو الحسين، وبالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري، طُلب من كل عائلة تقديم كشف بأسماء الأسر المحتاجة، ونحن كعائلة “ الكحلوت” التي تضم نحو 23 ألف نسمة، قدمنا كشفًا بـ1200 أسرة، وتم التدقيق والتوثيق بالأسماء، ثم استلمت كل أسرة حصتها كاملة، وخلال شهرين، وصلت أكثر من 400 ألف طرد غذائي إلى مختلف العائلات الفلسطينية، وجميعها من المنتجات المصرية.
قبل أيام كان هناك اجتماع للمخاتير وعمداء العائلات في السفارة المصرية بالقاهرة.. ما أبرز ما دار فيه؟
أولًا، وجهنا خطاب شكر لمصر، رئيسًا وحكومةً وشعبًا، على مواقفها ودعمها، ثانيًا، تم الاتفاق على تشكيل لجان فلسطينية لمعالجة قضايا الناس اليومية، من الزواج والطلاق إلى المصالحات، كما جرى بحث إحصاء الفلسطينيين المقيمين في مصر وتقديم ما يلزمهم من مساعدات، والسفارة الفلسطينية في القاهرة لها دور كبير بدعم من الحكومة المصرية، سواء في توثيق الشهادات أو تجديد الجوازات أو تسهيل المعاملات مجانًا.
ما هي رسالتك لعائلة الكحلوت وللشعب الفلسطيني في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي؟
رسالتي لأهلي وعائلتي ولكل الشعب الفلسطيني أن يصبروا ويصمدوا، وبيتي المكون من ثلاثة طوابق دُمّر بالكامل، لكنني مؤمن أنني سأعود لأعيش فوق أنقاضه، وكثير من أهل غزة أقاموا خيامًا فوق ركام بيوتهم، ورفضوا الرحيل، والاحتلال يحاول أن يفرض التهجير تحت مسمى "الهجرة الطوعية"، بمنع الغذاء والدواء والماء، لكنه فشل، وأهل غزة أعلنوا بوضوح: سنموت في أرضنا ولن نرحل، نحن مثل النخيل؛ نموت واقفين، نجوع ونموت، لكننا لن نركع.


