الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

هل بدأت ملامح نظام عالمي موازٍ تتشكل؟

السعيد حمدي
مقالات
السعيد حمدي
الخميس 04/سبتمبر/2025 - 06:42 م

لم يكن العرض العسكري الضخم الذي أقامته الصين في الذكرى الثمانين لانتصارها في الحرب العالمية الثانية مجرد استعراض قوة عابر.

الصين لأول مرة تكشف عن ترسانتها النووية الثلاثية، وصواريخها الفرط صوتية، وأنظمة الليزر والطائرات المسيرة، وحتى الكلاب الروبوتية.

إنها رسالة واضحة مفادها أنه لا قوة في العالم يمكنها أن تتجاهل بكين بعد اليوم، لكن الأهم لم يكن السلاح فقط، بل الصورة السياسية التي خرجت من هناك إلى العالم.

الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى جواره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، لأول مرة يظهر هذا الثلاثي معًا، وكأنهم أضلاع مثلث لنظام عالمي جديد في مواجهة الغرب. 
ومعهم في المشهد رئيس وزراء الهند وزعماء من دول أخرى، مع غياب كامل لقادة أوروبا.

الصورة لم تمر مرور الكرام في واشنطن خاصة أن ساكن البيت الأبيض هو دونالد ترامب، الذي لا يعرف الصمت تجاه أي شارة أو واردة ويتابع المشهد بعين حادة.

وقال بوضوح كانوا يأملون أني أشاهد.. وكنت أشاهده ترامب لم يكتف بالسخرية من العرض، بل اعتبره إعلانًا عن تحالف يستهدف الولايات المتحدة بشكل مباشر بل واستخدم كلمة تآمر، وهاجم الصين لأنها تجاهلت دور أمريكا في الحرب العالمية الثانية.

وهنا يطرح السؤال نفسه: هل نحن أمام فرصة حقيقية لدول العالم المهمشة، التي أنهكها النظام الدولي القائم، كي تجد متنفسًا في نظام بديل؟ أم أننا أمام صراع نفوذ بين الكبار، لن يدفع ثمنه في النهاية سوى الصغار؟

الصين تقول للعالم: لا سلام من ضعف وبغير قوة هائلة تحميه.. لكن الحقيقة أن لا أحد يوزع القوة بالمجان. 
وفي لعبة الأمم، كل قوة عظمى تبحث عن مصالحها أولًا، ولا يهمها من يسقط أو من يدفع الثمن على الطريق. 
قد يجد البعض في ظهور قوة موازنة للغرب فرصة للتنفس أو المناورة، لكن هذا لا يعني أن النظام الجديد سيكون أرحم أو أكثر عدلًا، فلا شيء يضمن هذا.

القضية ليست في وجود معسكرين، شرقي وغربي، وإنما في موقع الدول الصغيرة والضعيفة بينهما. 
فهل ستظل مجرد أدوات، تُستخدم ثم تُترك؟ أم أن اللحظة الراهنة قد تمنحها مساحة لتعيد بناء مواقفها وتفرض بعض استقلاليتها؟

إن ما جرى في بكين يعكس بداية صراع طويل، وربما بداية نظام عالمي مواز بالفعل.. لكنه نظام لا يحمل ضمانات للعدالة أو الإنصاف، لأن من يملك القوة يكتب القواعد، ومن لا يملك سوى الانتظار يظل منتظرا للنتائج كمفعول به.

وفي النهاية، كما تعلمنا من التاريخ أن الصراع بين الكبار لن يُنتج سوى ضحايا جدد من بين الصغار، إلا إذا قرر هؤلاء الصغار أن الوقت قد حان ليكونوا لاعبين لا مجرد متفرجين وهو أمر ممكن عندما تتوفر الإرادة الحقيقية.

النظام العالمي يتغير وذلك رأيناه عبر التاريخ فتلك سنة كونية، لكن من لا يغير نفسه سيظل خارج الحسابات.

تابع مواقعنا