ماذا ينتظر العرب؟
القصف الذي استهدف مبنى سكنيًّا في العاصمة القطرية بحجة اغتيال قادة من حركة حماس، لا يمكن أن يُفهم إلا باعتباره إعلان حرب صريح على دولة عربية ذات سيادة.
صحيح أن العملية فشلت في تحقيق هدفها المباشر، لكن رمزيتها وما تحمله من دلالات لا يمكن تجاوزها.
فالمسألة لم تكن إسرائيلية خالصة، بل كانت ضربة أمريكية بامتياز قبل أن تكون إسرائيلية.
ولولا الدعم الأمريكي اللامحدود، ما كان لإسرائيل أن تقدم على كل ما أقدمت عليه منذ تأسيسها وخاصة مؤخرا وكل إجرامها في قطاع غزة، رغم ما تمتلكه من تفوق عسكري وصناعات متطورة وحتى السلاح النووي، إلا إن كل ذلك لم يكن ليحميها سياسيا وعسكريا كما تفعل واشنطن.
وذلك يجعلها الولايات المتحدة الأمريكية هي المسئول الأول عن كل ممارسات الكيان الصهيوني الذي تم زرعه في أرضنا العربية وذلك في وحود أي رئيس لها، ولكن بالفعل ترامب منح نتنياهو ضوء أخضر بلا أي حدود بشكل غير مسبوق.
الحقيقة أن ما يحتاجه الخليج الآن هو مراجعة جادة لعلاقاته بالولايات المتحدة، إن كانوا بالفعل صادقين فيما أظهروه من غضب تجاه الضربة الإسرائيلية على قطر.
أما إذا مرّ الأمر بلا مراجعة ولا موقف حقيقي، فسوف تتأكد الروايات التي تقول إن هناك اتفاقًا مسبقًا على التخلص من حماس وقياداتها.
بطبيعة الحال لا نريد أن نصدق تلك الرواية الشيطانية، ولا نتمنى أن تكون صحيحة أبدا، لأن ذلك يعني الوصول في العمالة إلى أبشع مستوياتها، ولكننا نحسن الظن ونقول إن ما حدث كان ضربة غادرة بالفعل.
وفي الحقيقة كل هذا يقول أن نتنياهو كأنه لا ينقصه إلا أن يخرج صراحة ليقول للعرب: ماذا تنتظرون مني أكثر من ذلك لتدركوا أنكم جميعًا أهداف مؤجلة، ولكن ليس لوقت طويل كما كان متوقعا.
فكلما تقدم خطوة بجنون ولم يجد ردة فعل عربية حاسمة، فتحت شهيته لعشرات الخطوات الأخرى، وكأن غياب الموقف الصلب صار بالنسبة له دافعا للمزيد من التغوّل والعدوان.
نحن أمام دهس للكرامة والعربية بشكل عام وليس الأمر متعلقا بالخليج فقط وإن كان عليه الآن الدور الأهم في اتخاذ خطوات حقيقية للرد على هذا العدوان الغير مسبوق.
والسؤال الجوهري: ماذا ينتظر العرب؟
هل يراجعون أنفسهم، ويخلصون النوايا، ويتجاوزون خلافاتهم المكتومة، ويدركون أن الضمانة الوحيدة لأمنهم تكمن في وحدتهم وتكاتفهم، وتسخير إمكاناتهم لبناء الأمة من جديد واستعادة هذا المفهوم الذي طال هجره عمليا؟
أم أنهم سيظلون في حالة انتظار عقيمة، ينظرون إلى الشرق والغرب بحثًا عن ضمانات وهمية، بينما يُسحق حاضرهم ومستقبلهم تحت أقدام الآخرين؟
ولعل الأيام القليلة القادمة تجيب على تلك التساؤلات.


