في عيد ميلاده.. كيف حافظ كاظم الساهر على مكانته رغم تغير أذواق الأجيال؟
في مثل هذا اليوم، وُلد صوت استثنائي سيبقى علامة فارقة في تاريخ الموسيقى العربية، الفنان كاظم الساهر، الذي لقبه الجمهور والنقاد بـ القيصر، لم يكن مجرد مطرب يؤدي ألحانًا، بل حالة فنية كاملة نسجت خيوطها من الشعر، واللحن، والإحساس، والصدق.
عيد ميلاد كاظم الساهر
وُلد الساهر في الموصل بالعراق، وسط بيئة بسيطة، لكنها شكّلت وجدانه الموسيقي منذ الصغر، حمل عوده الأول وهو طفل، ومنذ اللحظة الأولى أدرك أن الفن هو الطريق الذي سيقوده ليصنع فرقًا.

رحلة كاظم لم تكن سهلة؛ خاضها بإصرار وعناد، متنقلًا بين العراق وبلدان عربية عدة، قبل أن يتربع على قلوب الجماهير من المحيط إلى الخليج، صوته، الممزوج بالدفء والحنين، جعل الأغنية العراقية والعربية الحديثة تعبر حدود المكان والزمان.

أعمال كاظم الساهر
ارتبط اسمه بشعر نزار قباني، حيث قدّم أعمالًا خالدة مثل زيديني عشقًا وقولي أحبك، فحوّل القصيدة إلى أغنية يرددها ملايين العاشقين، ولم يكتفِ بالغناء، بل أبدع ألحانًا تحمل بصمته الخاصة، ليكون ملحن نفسه في معظم أعماله.
على خشبات المسارح العالمية، من قرطاج إلى بعلبك، ومن دار الأوبرا في القاهرة إلى مسارح أوروبا وأمريكا، وقف الساهر شامخًا كأنه سفير للحب العربي، كل حفلة له تتحول إلى ليلة استثنائية، يذوب فيها الجمهور مع كلماته وألحانه.
ورغم تغير أذواق الأجيال وسرعة انتشار أنماط موسيقية جديدة، استطاع كاظم الساهر أن يحافظ على مكانته الخاصة بفضل تمسكه بالجودة الفنية والصدق في التعبير، فهو لم يلهث وراء الموجات السريعة، بل ظل وفيًا لخطه الموسيقي الذي يمزج بين الشعر الراقي واللحن العميق، ما جعله مرجعًا للغناء العربي الأصيل في زمن تغيّرت فيه معايير الشهرة.
وفي الوقت نفسه، لم يتوقف الساهر عند الكلاسيكيات فقط، بل نجح في التجديد من خلال تنويع ألحانه والتجريب في الأساليب الموسيقية، مع المحافظة على هويته الخاصة، هذا التوازن بين الثبات والتطوير جعله قريبًا من جيل الكبار، وجاذبًا للأجيال الأصغر، التي وجدت في أعماله مساحة تجمع بين الأصالة والحداثة.
ورغم الشهرة العالمية، ظل كاظم الساهر محتفظًا ببساطته وهدوئه، بعيدًا عن الأضواء خارج الغناء، ليترك كل حضوره الحقيقي على المسرح.



