نصيب غير قابل للصدأ
يكون البشر في أعلى درجات الغباء لما بيكونوا مقتنعين بقدرتهم على تغيير القدر، أو تحويل مسار النصيب من جهة لجهة!.. فيه فرق بين اللي تقدر تتحكم فيه كبشر، وبين اللي أنت فيه مجرد أداة بتتحرك عشان تنفذ تدابير وقرارت ربنا.. عشان كده بحس بالشفقة تجاه أي شخص يظن في نفسه من القوة اللي تخلّيه يمنع خير عن غيره، أو يتحكم في مصير نصيب!.
صديقي "أحمد" صديق من أيام الجامعة كان في قصة حب مع صديقتنا "آية".. قصة من القصص اللي بتبقى في مرحلة الجامعة واللي مش بتكمل إلا بثبات طرفيها على موقفهم وتمسكهم ببعض.. وبصراحة "أحمد"، و"آية" كانوا كده بالظبط، مثال حي للقصة المثالية لشخصين بيحبوا بعض.. راح "أحمد" يتقدم وفوجيء بطلب غريب من والد "آية" وهو إنه عايز الشبكة تكون بمبلغ 40 ألف جنيه زيها زي بنت خالتها وبنت عمها!.. معنديش مشكلة إن الشقة هتكون إيجار، ولا إنك لسه في بداية حياتك ومرتبك هيكون على القد لكن أنا متمسك بحوار الـ 40 ألف للشبكة.
الرقم ده بمعايير عام 2025 رقم صغير نسبيًا لكن بمعايير وقت القصة كان رقم ضخم على شبكة وكمان لما يكون مطلوب من شاب حديث التخرج، ووالده متوفى، وأسرته مستواهم الاجتماعي متوسط!.. المشكلة إن مستوى أسرة "آية" برضه متوسط!.. يعني إنت يا أب ياللي طالب شبكة لبنتك زيها زي بنت عمها وزي بنت خالتها إنت نفسك مش في نفس درجة ثراء عم البنت اللي هو أخوك، ولا في درجة ثراء جوز خالة بنتك!.. طيب بتقارن نفسك بيهم له!.. وليه تحكم على عريس بنتك إنه لازم يكون على نفس المستوى!.. بحساباتنا إحنا كطلبة لسه متخرجين كنا شايفين إن الموضوع ده هيفشل ومفيش داعي له خصوصًا مع تصميم الأب على طلبه، زود على كده كمان إن الأب كان عنده رغبة في تزويج "آية" لابن صديق له في الشغل فكان بيحاول بكل الطرق يطفش "أحمد" ويعجزه.. بس الحقيقة إن "أحمد" كان مصمم.. عمل تصرف في قمة الغرابة!.
"أحمد" بلغ والد "آية" إنه موافق على طلبه.. خلص باقي التزاماته كلها على خير وجاب الشبكة بالفعل!.. جاب فلوسها منين؟.. اكتشفنا بعدها إنه استلفها من كذا واحد لمدة أيام!.. يعني إيه لمدة أيام!.. "أحمد" كان ناوي يشبك "آية" ويتجوزوا فورًا.. مفيش فترة انتظار.. بالتالي اشتروا الشبكة النهاردة، وبعد أسبوعين كانوا متجوزين.. بعد ما مر على جوازهم أسبوعين خرج أحمد وباع دهب الشبكة بالتنسيق مع "آية" ورجعوا فلوسها لأصحابها!.. الخطة كانت كالتالي.. قدام تصميم وإصرار والد "آية" اتفق "أحمد"، و"آية" إننا هنريح الوالد ومش هنديله فرصة يهدم قصتنا.. هو عايز دهب بـ 40 ألف؟.. حاضر.. هنستلف وهنجيب الدهب بالمبلغ ده.. بس بعد كده وبم إنك كل اللي يهمك منظرة يوم الخطوبة بس قدام الناس فاحنا بعد ما نتجوز وبعد ما يتقفل علينا باب بيت واحد هنبيع الدهب ونرجع فلوسه لأصحابها.. تصرف غريب بس أثبت "أحمد"، و"آية" من خلاله إن مهما حاول البشر يوقفوك أو يمنعوا عنك نصيبك مش بيقدروا.
• يُحكى عن الفنان إسماعيل ياسين، إنه كان بيحب بشكل دائم يحكي عن قصة ارتباطه بمراته الثالثة والأخيرة وأُم ابنه الوحيد "فوزية"؛ وإزاى إنه وقت ما راح يتقدملها وكان اسمه بقى معروف كان عنده مشكلتين: الأولى إنه اتجوز مرتين قبل كدة وطلقهم في خلال 6 شهور بس وده إدى انطباع غلط إنه راجل مش بتاع جواز ومايتعاشرش!.. والتانية إن أهلها ماكنوش هيوافقوا على ارتباطها بممثل نهائيًا.. بس ولأنه حب "فوزية" بجد من ساعة ما شافها وبعد ما اتفق معاها؛ خد الخطوة وراح يقابل والدتها اللي كانت شديدة وصعبة شوية.
بطريقة "سُمعة" اللطيفة واللي دمها خفيف حكى ليها عن ظروفه.. حكى ليها إن الفن مش عيب ولا حرام.. وحكى عن أحلامه.. وحكى عن عدم التوفيق اللي صاحب الجوازتين الأولانيين.. فضل يتكلم يتكلم يتكلم وأُمها فضلت تسمع منه لحد ما كمل كلامه للآخر ومافيش أي ريأكشن على ملامحها!؛ لدرجة إنه كرر جملة (حضرتك معايا؟) أكتر من 9 مرات!.. الست ساكتة خالص ومش بتتكلم ومبرقة عينيها في وشه وملامحها اللي كلها تجاعيد مخوّفاه.. بعد شوية صمت حلوين قالتله: أنا عن نفسي مش قابلاك ومش موافقة عليك وولا كلمة من اللي قلتها دخلت راسي بتعريفة.
"سُمعة" وشه جاب ألوان وسألها: يعني مافيش أي فرصة يا هانم؟.. طنشت ترد على سؤاله وشاورت بإيدها على الحيطة اللي وراه وقالتله: معلش تعالى كدة شوية.. زاح جسمه ناحية اليمين وهو لسه قاعد على الكرسي وبص على الحيطة الفاضية اللي بتشاور عليها ورجع بص على الست مش فاهم هي عايزة إيه! قالت: (شوف.. لو لك نصيب فيها ربك قادر يخليك تفوت في الحيطة دي وتيجي تاخدها غصب عني).. "سُمعة" بيقول أنا مش فاكر إيه حصل بعد كدة غير إني خرجت من عندهم وكلي إحباط لكن يشاء ربنا إني بعد أقل من شهر من الزيارة دي ورغم رفض والدتها وبدون ما نشعر لقيتني أنا و"فوزية" قاعدين على كوشة واحدة وإن الأمور اتسهلت بشكل غريب.. غالبًا إن نبوءة والدتها اتحققت ولأن "فوزية" من نصيبي ربنا قدَّرني أفوت في الحيطة!
•مافيش حاجة بتفوت صاحبها.. مهما البشر وقفوا فوق راسهم، ومهما عملوا ألاعيب، أو خططوا عشان يبعدوا عنك خير مش هيحصل حاجة عكس إرادة ربنا.. النصيب ساعات بييجي في صورة صدفة، وساعات بييجي بعد تعب ولفة طويلة.. بس في الآخر بييجي.. عشان كده ما تستعجلش، وما تحرقش قلبك على حاجة مش ليك.. اللي مش من نصيبك لو اتعلّقت بيه العمر كله هيفضل سراب مش هتطوله، واللي ليك هييجي لحد بابك بمنتهى الرضا حتى لو الكون كله قال لأ.. نصيبك هيصيبك، وإن تُهت عنه هيجيبك.


