للجرانيت الأسواني شهرة عالمية من عصر الفراعنة.. عضو مجلس إدارة المنطقة الصناعية يكشف لـ القاهرة 24 كواليس ثروات الصعيد
منذ آلاف السنين ارتبط اسم أسوان بالجرانيت، فكانت محاجرها المصدر الأول لأعمدة المعابد والمسلات التي أبهرت العالم القديم، حتى أصبحت بحق عاصمة الجرانيت على مر العصور، واليوم، ما تزال هذه الثروة الجيولوجية قائمة، لكنها تواجه مفترق طرق بين تصدير الخام كما هو، أو الدخول في مرحلة جديدة من التصنيع المحلي وإعادة التدوير، بما يفتح آفاقًا استثمارية واعدة للمحافظة وأبنائها.
في هذا التحقيق نفتح الملف مع المهندس محمد عبد ربه، نائب جمعية المستثمرين بأسوان وعضو مجلس إدارة المنطقة الصناعية.
ثروة معدنية استثنائية
يصف المهندس محمد عبد ربه أسوان بأنها متحف مفتوح للجرانيت، حيث تمتلك عشرات الأنواع بدرجات ألوان وجودة فريدة لا توجد في أي مكان آخر، ما يجعلها منافسًا قويًا في الأسواق العالمية، ويضيف أن الجرانيت الأسواني يتميز بالصلابة العالية، واللون المتفرد، وقدرته على مقاومة العوامل البيئية، وهو ما جعله علامة فارقة في مشاريع البناء والديكور.
بين القيود والفرص
وحول آليات العمل بالمحاجر، يشير عبد ربه إلى أن التراخيص والإجراءات الحكومية ما زالت تحتاج إلى مزيد من التسهيل والسرعة، حتى يتمكن المستثمر من العمل بكفاءة، كما يرى أن إنشاء مصانع للتصنيع التحويلي وإعادة التدوير سيغير خريطة الاستثمار تمامًا، لأنه يضاعف القيمة المضافة للخام بدلًا من تصديره دون استفادة حقيقية.
ويؤكد: بدل ما نصدر بلوكات خام ونشتري منتجات جاهزة بأضعاف السعر، نقدر نصنع محليًا ونخلق فرص عمل لأبناء أسوان.
دور الجمعيات والمجتمع الاستثماري
عن دور جمعية المستثمرين، يوضح أنها تعمل على تقديم الدعم الفني للمستثمرين، وفتح قنوات حوار مع الحكومة لحل المشكلات المتعلقة بالطاقة، التمويل، والخدمات اللوجستية، ويرى أن الدولة يمكنها أن تقدم حوافز ضريبية، وتسهيلات في الأراضي الصناعية، لتشجيع إقامة مصانع.
المستقبل والرؤية
وعن المستقبل، يقول عبد ربه إن أول مطلب له من الدولة هو دعم مباشر في توفير الطاقة بأسعار مناسبة، باعتبارها أهم عنصر في هذه الصناعة كثيفة الاستهلاك، ويضيف أن السنوات العشر المقبلة قد تشهد تحولًا كبيرًا إذا تم تنفيذ خطط التصنيع المحلي، لتصبح أسوان مركزًا عالميًا لتصدير منتجات الجرانيت، لا مجرد خاماته.
ويختتم حديثه برسالة لأبناء أسوان: هذه ثروتكم الحقيقية.. استثمروها بما يخدم المحافظة وأهلها، فأسوان تستحق أن تكون عاصمة الصناعة كما كانت عاصمة التاريخ.
بهذا يبقى الجرانيت الأسواني ثروة قومية تبحث عن استغلال أمثل، بين تحديات البيروقراطية وأحلام التصنيع المحلي، وما بين الماضي العريق والحاضر المليء بالفرص، يبقى المستقبل مرهونًا بقدرة الدولة والمستثمرين معًا على تحويل الكنز الأسواني إلى صناعة عالمية.


