أرض الزمالك وغياب وزير الإسكان
أثار الغياب المتكرر للمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عن عدد من المؤتمرات والندوات المهمة خلال الفترة الأخيرة، علامات استفهام واسعة في الأوساط الاقتصادية والإعلامية، خصوصًا أن بعض هذه الفعاليات كانت تحت رعاية خاصة من الوزير نفسه، وفي مقدمتها مؤتمر بارز بمدينة العلمين الجديدة، إحدى أبرز مدن الجيل الرابع التابعة للوزارة.
يأتي غياب الوزير في توقيت بالغ الحساسية يتزامن مع تصاعد الجدل حول أزمة أرض نادي الزمالك، والتي تحولت إلى قضية رأي عام تتابعها الجماهير المصرية عن كثب، حيث يخشى الشربيني مواجهة الإعلام في هذه الفترة خشية أن توجه إليه أسئلة مباشرة حول الملف، ما قد يضطره للإدلاء بتصريحات غير محسوبة قد تُحسب عليه أو تُلزم الوزارة بموقف محدد قبل صدور حكم نهائي بشأن مصير الأرض.
وعلى مدار الشهور الماضية ومنذ تكليفه بحقيبة الوزارة، اعتاد الوزير حضور جميع المناسبات سواء كانت ليلا أو نهارًا، وفي أحيان نادرة ما يكلف عددًا من القيادات البارزة في وزارة الإسكان بتمثيله في المؤتمرات والندوات الاقتصادية التي تتطلب حضورًا رسميًا، بحيث ينوب هؤلاء عنه في إلقاء الكلمة أو الرد على التساؤلات، إلا أن اللافت مؤخرًا أن الوزير لم يكتف بالغياب الشخصي فقط، بل لجأ كذلك إلى استبعاد قياداته من الحضور في بعض الفعاليات، وهو ما فُسر على أنه محاولة لتفادي أي مواجهة غير محسوبة أو تصريحات قد تصل إلى وسائل الإعلام وتتسبب في أزمات جديدة.
أحد قيادات وزارة الإسكان أكد لي أن الوزير يتعامل مع قضية أرض الزمالك بحذر شديد، باعتبار أن الأمر يختلف كليًا عن مشروعات الإسكان الاجتماعي أو الطروحات الاستثمارية المعتادة، حيث إننا نتحدث هنا عن ملف يمس قاعدة جماهيرية ضخمة تمثل نصف مشجعي كرة القدم في مصر.
كما ذكر لي أن أي تصريح غير محسوب في هذا التوقيت قد يُشعل غضبًا واسعًا بين جماهير الزمالك، سواء تعلق بعودة الأرض أو فقدانها إلى الأبد، فضلا عن الوزير يفضل ما وصفه بـ الابتعاد التكتيكي لفترة محدودة، إلى أن تهدأ الأجواء وتُحسم القضية بشكل رسمي، ثم يعود بعدها للظهور مجددًا في المحافل العامة والمؤتمرات، واعتبر أن خيار الابتعاد أفضل من الدخول في مواجهة قد لا تكون نتائجها في صالح الوزير أو الوزارة، خاصة أن وسائل الإعلام لن تتردد في توجيه أسئلة محرجة ومباشرة في كل ظهور علني له.
بحسب التقديرات المتداولة داخل أروقة الوزارة، هو استرداد نادي الزمالك لأرضه وعودتها إليه بشكل رسمي وهي مسألة وقت لا أكثر، وهو ما قد يفتح الباب أمام عودة الوزير للظهور مرة أخرى، ولكن بعد أن تُطوى صفحة الأزمة الحالية، وحتى يحين هذا الموعد، يبدو أن وزير الإسكان سيظل بعيدًا عن أعين الصحافة وكاميرات التلفزيون، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تطورات.
