جورج جالاوي: حرب غزة محرقة متواطئ بها العالم.. وروسيا والصين تقودان عالمًا جديدًا بينما يعيش الغرب أزمات عميقة | حوار
استضافت روسيا على هامش مهرجان شباب العالم في مدينة نيجني نوفجورود، جورج جالاوي السياسي اليساري البريطاني والنائب السابق في البرلمان الإنجليزي عن حزب العمال، والمعروف بآرائه المناهضة للحرب وبمناصرته للقضية الفلسطينية، والذي تحدث لشباب العالم عن التحديات الحالية التي تعصف بالمجتمع الدولي، شارحًا طبيعة العلاقات الحالية، موضحًا رؤيته للمستقبل القريب في ظل ما نشهده الآن.
وأفرد جالاوي مساحة خاصة للحديث عن الحرب في غزة، خلال حوار لـ القاهرة 24، على هامش مهرجان شباب العالم في نيجني نوفجورود، معتبرًا أن العدوان الإسرائيلي على غزة الآن هو إبادة مقصودة للشعب الفلسطيني، وتجويع وحصار متعمد لإنهاء القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن طرح تهجير الفلسطينيين أمر غير مقبول ولا يمكن أن يتم دون خسائر غير مسبوقة تنهي الوجود الفلسطيني وتكرث لاحتلال إسرائيلي طويل.
كما تناول جالاوي في حديثه الوضع الحالي للعلاقات بين روسيا والغرب، وكيف يسير الوضع في أزمة أوكرانيا، موضحًا موقف الحرب التي قد تحدث بين روسيا والناتو في أي وقت، نظرًا للتوترات الحالية، كما أشار إلى طبيعة العلاقات الحالية بين روسيا والصين، وكيف يمكنهما قيادة عالم متعدد الأقطاب وكسر الهيمنة الغربية.
وإلى نص الحوار:
س: كيف ترى الوضع في غزة الآن؟
ج: الوضع في غزة انزلق من كارثة إلى محرقة، نحن نرى في الزمن الحقيقي مباشرة على الهواتف الإبادة الكاملة المقصودة للشعب الفلسطيني في غزة، إنهم يعانون من خسائر بشرية جماعية بفعل القصف المدفعي والصواريخ والقنابل الإسرائيلية، وأيضًا من الجوع، هذا الجوع يُصنع عمدًا لتجويع من لا يُقتلون بالرصاص، والعالم لا يقف فقط موقف المتفرج، بل يتعاون بنشاط في هذه الإبادة الجماعية، والعالم كله يتعاون مع هذه الإبادة، من الصعب معرفة إلى أين يتجه الوضع هناك، وما يحدث لمدينة غزة الآن هو محرقة كاملة، وما سيحدث للناس في معسكرات الاعتقال في جنوب غزة لا يزال مجهولًا.
كيف تنظر لطرح تهجير الفلسطينيين من غزة؟ وإلى أين؟
التهجير أمر مرفوض من كل دول العالم تقريبا، ونحن لا ندعم ذلك، ونتساءل إلى أين سيهجر الفلسطينيين وكيف يتم ذلك.. هل إلى مصر؟.. فمصر ترفض دائما طرح التهجير ولديها موقف مشرف في الحفاظ على بقاء أهالي غزة في أرضهم.. إذا لا توجد طريقة لترحيل الفلسطينين من أرضهم ولا توجد وجهة يأخذونهم إليها دون خسائر كبيرة وتصفية للقضية وتكريس الاحتلال حتى لو كان هذا هو القصد، والعالم لم يشهد حالة كهذه من قبل، وأقول “يشهد”، لأن مئات الملايين في العالم يرونها، يشاهدونها، في كل مرة يفتحون هواتفهم يرون أدلة هذه المجزرة.

س: كيف ترى الموقف البريطاني من الحرب في غزة؟
ج: لا يوجد موقف بريطاني مستقل، الموقف البريطاني في كل القضايا يُملى من واشنطن، البريطانيون أكثر الشعوب عبودية، وأكبر التابعين في الإمبراطورية الأمريكية، لذلك بريطانيا لن تفعل شيئًا مستقلًا عن واشنطن، وواشنطن بعيدة جدًا عن اتخاذ قرار بإنهاء الحرب في غزة.
س: كيف تصف الضربة الإسرائيلية على قطر؟
ج: من الصعب استنتاج غير أن الأمريكيين شاركوا في هذه العملية، فكرة أن القاعدة الأمريكية هناك لم تكن على علم بقدوم 10 صواريخ، سواء من الأجواء السورية أو العراقية، أمر مستبعد، لأن محطات الرصد الأمريكية لا بد أنها التقطتها بمجرد انطلاقها، بل إن مسار الطائرات كان معروفًا للقاعدة الأمريكية في قطر، إذن إما أن الأمريكيين لم يبلغوا حليفهم الكبير أمير قطر، أو أنهم أبلغوه قَبِل الضربة بقليل، وأفضل أن أصدق أن الأمريكيين لم يبلغوا قطر، لكن لا أستطيع أن أجزم بذلك.
س: بالنسبة لروسيا والعالم متعدد الأقطاب.. هل ترى أننا مقبلون على عصر جديد بين روسيا وآسيا والشرق الأوسط لإبطاء قوة الغرب؟
ج: نعم، من خلال البريكس، ومنظمة شنجهاي للتعاون، والسياسات الخارجية متعددة الأقطاب لدول الجنوب العالمي، حتى دول الخليج تستقبل الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس شي جين بينج بحرارة، العالم يتغير، الصفائح التكتونية تحركت، لكن ولادة العالم الجديد وموت العالم القديم لم يكتمل أي منهما بعد، لذلك نحن نعيش في “زمن الوحوش”.
س: بالنسبة للعلاقات بين روسيا والغرب كيف تصفها؟ وكيف ترى الوضع في أوكرانيا؟
ج: الحرب مستمرة، ولا أحد في الناتو مستعد لإنهائها، حتى ترامب، رغم ادعائه أنه يستحق جائزة نوبل للسلام، لم يحقق أي سلام، كان بإمكانه أن يأمر الناتو بوقف الحرب، لكنه لم يفعل، لذلك الحرب ستستمر حتى تُحسم على الأرض، أو بانقلاب ضد زيلينسكي في كييف.. أما العلاقات بين روسيا والغرب فهي معدومة، فالغرب سرق أموال روسيا، وفرض 18 حزمة عقوبات جديدة، ويُحضّر للحزمة الـ19، الغرب حظر روسيا من الرياضة، الثقافة، والدبلوماسية، لكن روسيا وجدت اتجاهًا جديدًا، نحو الجنوب العالمي والشرق.
س: هل سنشهد حربًا مباشرة بين الناتو وروسيا في المستقبل؟
ج: بالطبع آمل ألا يحدث ذلك، مثل هذه الحرب لن يكون لها سوى فائز واحد، لكن سيكون لها العديد من الخاسرين، والخاسرون سيكونون جيراني وشعبي، لذلك أريد تفاديها، وأعتقد أننا سنتفاداها، لأن في داخل المؤسسة العسكرية والمجمع الصناعي العسكري وفي الطبقات العليا من الرأسمالية، هناك غريزة للبقاء، وللاستمرار في تحقيق المكاسب، وهم يعرفون أن حربًا كهذه ستكون نهاية كل شيء، فإذا كنت رأسماليًا، فلن تجد سوقًا في عالم ما بعد النووي.

س: بالنسبة للعلاقات بين روسيا والصين.. هل هما قادرتان على قيادة عالم متعدد الأقطاب؟
ج: بالتأكيد.. لكن لا أعرف متى سيموت العالم القديم ويولد الجديد، إنها عملية طويلة، مخاض طويل، لكن النتيجة واضحة.. لا بد أن تنتهي بولادة جديدة وأنا واثق من المستقبل، أنا شخصيًا لدي ستة أطفال، خمسة منهم صغار السن، وأعلم أنهم سيكبرون في عالم مختلف تمامًا عن عالم اليوم.
والعلاقة بين روسيا والصين لا يمكن أن تكون أوثق مما هي عليه الآن، نحن نعيش عصر التكتلات، وأحد هذه التكتلات يملك كل الثروات الحقيقية، الموارد الطبيعية، بينما الآخر لا يملك شيئًا.. فماذا تملك أوروبا؟ لا شيء.. نعيش على أمجاد وكنوز الماضي، لا موارد طبيعية، الصناعة دُمِّرت، خصوصًا في ألمانيا والمملكة المتحدة، ولدينا أزمات متعددة، اجتماعية وسياسية أيضًا، وشعوبنا تتقاتل في الشوارع، والدولة تكافح للسيطرة، وحكوماتنا يقودها أشخاص مكروهون من الأغلبية، شعبية كير ستارمر 11%، ماكرون 13%، شولتز 18%، لا يمكن إنعاش دول عندما يكره معظم الناس قادتهم ويريدون رحيلهم، الغرب يعيش أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة.






