الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

المستقبل للسياحة المستدامة

السبت 27/سبتمبر/2025 - 03:43 م

يحتفل العالم متمثلا في منظمة السياحة العالمية كل عام في يوم 27 من سبتمبر بيوم السياحة العالمي، ويأتي هذا اليوم تخليدًا لليوم الذي تم فيه اعتماد النظام الأساسي للمنظمة في عام 1970، وتزامنًا مع ذروة الموسم السياحي بالعالم.

ويقام الاحتفال هذا العام في مدينة ملقا الماليزية، وسبق أن تم إقامة هذا اليوم في مدينة أسوان عام 2011، ونتمنى أن يتم استضافتنا لهذا اليوم مرة أخرى، لما له من أهمية كبرى في التسويق، وأن يشاهد كل صناع السياحة في العالم حضارتنا وما نمتلكه من منتجات سياحية.

ويتبنى احتفال هذا العام شعار السياحة والتحول المستدام، ويحمل الشعار في طياته الكثير من التحديات للسياحة المصرية في المستقبل، وضرورة التحول إلى السياحة الخضراء والعمل على المحافظة على البيئة، وأن المستقبل للفنادق والمنتجعات التي تنتهج الحفاظ على البيئة وتحمي الموارد الطبيعية، وما تتركه من تأثيرات عظيمة على المجتمعات المحيطة، وما تتركه من تأثيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية على تلك المجتمعات.

صحيح نحن نمتلك كافة المقومات التي تجعلنا المقصد السياحي الأول في العالم، من إرث حضاري وتاريخي، وموقع ومناخ لا مثيل لهما، وشواطئ من العريش إلى طابا، ومن السويس إلى مطروح، ولدينا كثير من المحميات الطبيعية والبيئية، وسهول وصحاري وجبال، وإرث ثقافي وتاريخي يشمل كل العصور والحقب التاريخية، فرعونية، ويونانية، ورومانية، وقبطية، وإسلامية، وتعتبر مصر متحفًا مفتوحًا، لدينا الأهرامات، ومسار العائلة المقدسة، ودرة المتاحف المتحف الكبير، كل المقومات والمنتجات السياحية التي يرغب فيها كل زائر.

ويبقى السؤال الأهم ورغم كل هذا الإرث وتلك المقومات، لماذا لا نكون المقصد الأول في السياحة عالميًا؟، هل نحن جاهزون لهذا التحول الجديد في عالم السياحة المستدامة؟، هل تم التغلب على كل المعوقات التي يواجهها المستثمرون في القطاع السياحي؟، هل لدى مواطنينا الوعي السياحي للتعامل مع الزائرين؟.

صحيح الدولة أطلقت استراتيجيتها للتنمية المستدامة 2030، والاستراتيجية الوطنية للسياحة للوصول إلى 500 ألف غرفة سياحية، والوصول إلى 30 مليون سائح، لكن للأسف تبقى مجرد حبر على ورق، ما لم تتحول إلى واقع.

فكل المبادرات التي أطلقتها الدولة ليست كافية، كمبادرة 50 مليار لدعم القطاع، لكن ما زال هناك مستثمرون يصرخون من البيروقراطية والروتين وصعوبة الحصول على تراخيص لمشاريعهم، ناهيك عن ضياع سنوات حول شبابيك الحكومة المعقدة، وتداخل المصالح والاختصاصات، حتى الرخصة الذهبية التي تم إطلاقها لم يستفد منها سوى 46 مستثمرًا منهم 23 مستثمرًا أجنبيًا، ما بين صناعية وزراعية وسياحية وغيرها.

نحتاج ثورة في التشريعات، ثورة على البيروقراطية، ثورة لإحياء الوعي وتعزيز الانتماء، نحتاج صحوة ضمير وإيقاظ الهمة والعمل الجاد، إن أردنا التقدم إلى الأمام.

لابد أن نعتبر السياحة هي قاطرة التنمية الحقيقية لبلدنا، وأن نسعى إلى توطين كل الصناعات القائمة على صناعة السياحة، سنوفر ملايين من العملة الأجنبية التي نهدرها على الاستيراد، ناهيك أنها صناعة كثيفة العمالة، ومورد مهم جدًا من موارد العملة الصعبة، ولها انعكاساتها الإيجابية على المجتمعات المحيطة.

أنا لا أنكر عملية التطوير التي تحدث الآن في بعض الأماكن السياحية، ولابد أن نأخذ في الاعتبار الأولويات المهمة التي يجب أن نركز عليها.

مثلًا هناك فارق كبير بين مدينة الغردقة، ومدينة شرم الشيخ، ولابد من الاهتمام بمدينة الغردقة والوصول بها إلى سياحة خضراء بشكل متكامل، وأن نعلم في تلك اللحظة أن أحد أحيائها الراقية يعاني من مشاكل الصرف الصحي، والبلد بأكملها تعاني من نقص مياه الشرب، ويجب تدارك المشكلات بالمدينة لتكون واجهة مميزة تليق بمصرنا الغالية.

مشروع رأس الحكمة عظيم، وما يحدث في مدينة العلمين، ونتمنى أن تظل الحياة تدب في أوصالها طوال العام وليس مجرد شهرين أو يزيد طوال العام.

لقد قمنا بافتتاح عدد كبير من المتاحف ببعض المحافظات، أدعو وزير السياحة للاطلاع على حصر عدد الزائرين لكل متحف، ليعلم الواقع الأليم بأن متاحفنا بالمحافظات مهجورة، ويجب أن نخلق الوعي السياحي لكل أولادنا وأن يتم بالشراكة مع وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، على أن تكون هناك جولات سياحية دورية لطلبة المدارس والجامعات في كل محافظة للمتاحف ولكل مواقعنا الأثرية داخل نطاق محافظاتهم في البداية، وأن يتم تشكيل رحلات مخفضة للطلبة لزيارة مواقعنا الأثرية في ربوع الوطن.

على طاولة الوزير كل المعوقات للقطاع السياحي والأثري، وعليه أن يبحث كل تلك المشكلات لتذليلها والتيسير على المستثمرين، للتوسع في إتمام كل مشروع للعمل على النهوض بالقطاع، ولابد من لقاءات دورية مع صناع القطاع وكبار مستثمريه، والتنسيق المستمر مع وزارة الصناعة والبيئة، وكل الوزارات المعنية للخروج من عنق الزجاجة، وأن نكون على يقين لو تضافرت الجهود، سنحقق ما نصبو إليه في رفعة وريادة وطننا.

لابد من مواكبة التطور قبل فوات الأوان، والدخول إلى عالم السياحة المستدامة، قبل أن تطوي صفحة السياحة التقليدية.

مشاكلنا معلومة وواضحة كالشمس، كفانا دوران حولها، كفانا سرديات واستراتيجيات، الحلول واضحة كما هي المشكلات واضحة، يبقى فقط أن يكون لدينا النية للحل، ومن تجربتنا السابقة إن أردنا أن نفعل سنفعل.

حفظ الله الوطن، ووفقنا الله على رفعته ونهضته.

تابع مواقعنا