الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

متى تصل مصر إلى 100 مليون سائح سنويًا؟

متى تصل مصر إلى 100 مليون سائح سنويًا؟

السبت 27/سبتمبر/2025 - 11:09 م

في أحد أيام الصيف على كورنيش النيل، كان يجلس معي صديقي جون السائح القادم من إنجلترا يحتسي فنجان قهوة وهو يتأمل المشهد البديع للغروب، وسألني: كيف يمكن لدولة تمتلك كل هذا الجمال، وكل هذا التاريخ، ألا تستقبل مائة مليون سائح كل عام؟.. سؤال يبدو بسيطًا، لكنه في الحقيقة يحمل في طياته حلمًا اقتصاديًا كبيرًا، وهدفًا تسعى مصر لتحقيقه منذ سنوات.

الحلم ليس بعيدًا فهناك دول مثل فرنسا تجاوزت هذا الرقم بالفعل، وإسبانيا وتركيا اقتربتا منه كثيرًا، فما الذي ينقص مصر، صاحبة الحضارة الأعرق والشواطئ الأطول والمقاصد الأكثر تنوعًا، كي تدخل هذا النادي السياحي المليوني؟ الاقتصاد المصري يحتاج كل جهد في كل القطاعات الولايات المتحدة القوي الصناعية الكبري ايرداتها السياحية تجاوزت 200 مليار دولا.

الوضع السياحي لمصر 

مصر اليوم تستقبل ما يقارب 15 – 20 مليون سائح سنويًا.. رقم جيد، وصل عدد السائحين في 2024 إلى 15.7 مليون وإيرادات تتجاوز 16 مليار دولار لكنه لا يعكس الإمكانيات الحقيقية، فالأهرامات وحدها قادرة أن تجذب ملايين إضافية، فما بالك بمدن مثل الأقصر وأسوان، أو شواطئ مثل مرسى علم ودهب، أو حتى الواحات التي لا يعرفها كثيرون من السائحين؟

المقومات وحدها لا تكفي 

الوصول إلى 100 مليون سائح لا يتحقق بالجمال الطبيعي وحده هنا تأتي أهمية البنية التحتية مطارات أكثر، فنادق جديدة، طرق حديثة، وخدمات سياحية على مستوى عالمي، فرنسا مثلًا عندما مقارن الأرقام بين البلدين، تظهر الفجوة بوضوح: 30 مطارًا لمصر مقابل 200، ولمصر220 ألف غرفة فندقية مقابل 1.3 مليون غرفة، ولمصر 3 خطوط مترو مقابل 16، و1،600 مستشفى مقابل 3،000. هذه المقارنة لا تقلل مما حققته مصر من تقدم، لكنها تضع خارطة طريق واضحة.. إذا أرادت مصر أن تصل إلى حلم 100 مليون سائح سنويًا، فعليها أن تضاعف استثماراتها في البنية التحتية، حتى تصبح التجربة السياحية المصرية قادرة على منافسة فرنسا وغيرها من الوجهات الكبرى.

الوصول إلى 100 مليون سائح ليس حلمًا مستحيلًا لكنه يحتاج إلى خطة طويلة المدى (رؤية واقعية - علمية) 

تعمل الدولة على عدة محاور:

• تطوير البنية التحتية بشكل جذري:
النقل: تسريع وتيرة مشروعات القطار السريع لربط القاهرة بالصعيد والساحل الشمالي.. تطوير المطارات الإقليمية (مثل الأقصر وأسوان) لاستقبال رحلات دولية مباشرة.. تشجيع الاستثمار في العبارات النهرية لنقل السياح بين المدن عبر النيل.
تسهيل المرافق حول المعالم.. إنشاء مراكز زوار عالمية المستوى عند كل معلم رئيسي، مع مواقف منظمة، ووسائل راحة، وتقنيات تفاعلية (الواقع الافتراضي) لإثراء التجربة.
• تنويع المنتج السياحي:
السياحة المستدامة: تطوير سياحة صديقة للبيئة في محميات جنوب سيناء والبحر الأحمر.
السياحة الترفيهية: إكمال المشاريع الترفيهية العملاقة (مشروع "سيتي أوف لايت" في العاصمة الإدارية، والمشاريع في الساحل الشمالي) لجذب العائلات.
سياحة المؤتمرات: تطوير مراكز مؤتمرات دولية في العاصمة الإدارية الجديدة وشرم الشيخ لجذب سياحة الأعمال، وهي سياحة عالية الإنفاق وغير موسمية.
•  تحسين تجربة السائح وجودة الخدمات:
التدريب: إنشاء أكاديميات متخصصة لتأهيل العاملين في القطاع السياحي (مرشدين، سائقين، عمال فنادق) على أعلى مستويات الاحترافية واللغات.
الأمن والأمان: تعزيز الشعور بالأمن عبر وجود شرطة سياحية متخصصة ومتحدثة بلغات أجنبية في جميع المناطق السياحية.
التبسيط الإجرائي: جعل التأشيرة الإلكترونية متاحة لجميع الجنسيات، وتسهيل الإجراءات في المطارات.
• استراتيجية تسويقية عالمية ذكية:
الاستهداف: عدم التسويق لمصر ككل، بل التسويق لمناطق ومنتجات محددة (عطلات الغوص في البحر الأحمر، رحلات التاريخ في الأقصر، عطلات الاسترخاء في الساحل الشمالي).
· الشراكات: التعاون مع شركات الطيران العالمية low-cost ومنظمي الرحلات السياحية الكبرى لتشغيل رحلات منتظمة إلى مصر.
العلامة التجارية: إعادة بناء العلامة التجارية مصر لترتبط بالجودة والتنوع والاستدامة، وليس فقط بالأسعار الرخيصة.
• التسويق الذكي
العالم تغير، ولم يعد الإعلان التقليدي يجذب اليوم، فيديو قصير على تيك توك قد يدفع آلاف الأشخاص لحجز رحلاتهم إذا ركزت مصر على الترويج عبر وسائل التواصل، واستهدفت أسواقًا جديدة مثل الهند والصين والبرازيل، سيتضاعف عدد الزائرين.

التحديات التي تعترض الطريق

من الإنصاف أن نقول إن الطريق ليس سهلًا.. هناك تحديات مثل موسمية السياحة (الشتاء مزدهر، الصيف أضعف)، وغياب شبكة نقل داخلي قوية، والحاجة لمضاعفة الغرف الفندقية. لكن التحديات وُجدت لتُكسر، وما تفعله تركيا وإسبانيا يمكن أن تفعله مصر إذا توافرت الإرادة.

الوصول إلى 100 مليون سائح قد يستغرق عشرات السنوات، إذا استمرت الاستثمارات في الفنادق والمطارات بنفس الوتيرة والسرعة، وتم التركيز على الأسواق الجديدة.

لكن الأكيد أن كل خطوة تُنجز في هذا الاتجاه تنعكس على حياة المصريين.. فالسياحة ليست مجرد صور في الكتيبات الدعائية، بل هي وظائف حقيقية، عملة صعبة تدخل البلد، وحركة اقتصادية تعطي حياة لمدن وقرى كاملة.

تابع مواقعنا