الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

معالي الوزيرة.. الست الجدعة بألف راجل

الإثنين 29/سبتمبر/2025 - 07:03 م

ملف المحليات في مصر أشبه بـ"الصندوق الأسود" الذي يًفتح ليكشف عن عقود من التحديات المتراكمة. فمنذ عشرات السنين وهو يئن تحت وطأة مشكلات متوارثة، بيروقراطية معقدة، وفساد إداري، وعشوائيات تمددت بلا تخطيط، خدمات غائبة أو ضعيفة، وتداخل صلاحيات بين الوزارات والمحافظات، كل مسؤول يدخل هذا الملف يجد نفسه أمام "جبل جليد" لا يظهر منه إلا القليل، بينما تختفي تحت السطح مشكلات أعقد وأعمق.

المحليات ليست مجرد لافتة إدارية، بل هي الخط الأمامي لعلاقة الدولة بالمواطن، هنا يشعر الناس بخدمات الطرق والإنارة والمياه والقمامة والتراخيص، وهنا أيضًا تتكشف مواطن الخلل إذا غابت الكفاءة أو تاهت المسؤولية،  لذلك كل وزير أو محافظ يتولى هذا الملف يدرك أنه يدخل امتحانًا صعبًا، نجاحه فيه يقاس بمدى ما ينعكس على حياة الناس اليومية، لا بما يُكتب في التقارير.

وإذا كان المثل الشعبي يقول: "الورِث تقيل"، فإن "تركة" ملف المحليات بالفعل ثقيلة؛ فهي مزيج من مشكلات إدارية واقتصادية واجتماعية تراكمت عبر عقود، وتحتاج دائما إلى إرادة سياسية صلبة، وإصلاح تشريعي جاد، وحلول مبتكرة تتجاوز المسكنات المؤقتة.

وفي عالم السياسة والإدارة، الأرقام لا تكذب، لكنها وحدها لا تكفي، فأحيانًا تحتاج إلى بصمة شخصية، أو إلى حكاية تلخص كيف تحولت امرأة مصرية من مدرج الجامعة إلى مقعد معالي الوزيرة، كأول سيدة تتولى حقيبة التنمية المحلية، وأول من جمع بين منصبين وزاريين في وقت واحد التنمية المحلية والبيئة قائمًا بالأعمال.

 ويبقى النجاح الحقيقي في الإدارة المحلية أن يشعر المواطن بفرق في حياته اليومية، ومنال عوض، شئنا أم أبينا، ذلك النموذج الذي كسر النمط التقليدي، لرحلة لم  تعرف التوقف لتصبح من أطول المحافظين بقاءً في مناصبهم، وتتابع الآن من فوق كرسي وزيرة التنمية المحلية أداء المحافظين وتحركاتهم اليومية ونوابهم ورؤوساء الأحياء، وبرامج حياة كريمة التي تغطي 4600 قرية تخدم أكثر من 58 مليون مواطن ريفي، وتشرف – بالنيابة – على وزارة البيئة بما فيها من 30 محمية طبيعية ومشروعات للتدوير والتكيف المناخي.

ولكن يبقى التحدي الحقيقي ليس في الوصول للمنصب، لكن في الاستمرار بنفس القوة، فـ منال عوض ليست مجرد وزيرة، مسؤولة عن 27 محافظة، لكنها امرأة تُدير أزمات 27 محافظة بطريقة غير مباشرة، فهي تجد نفسها أمام امتحان يومي صعب، تجتازه بنجاح وبحضور ميداني ملموس، ومتابعة يومية، وقرارات جريئة، وتدخلات عاجلة.

يقول المثل الشعبي: "الست الجدعة بألف راجل"، لكن تجربة معالي الوزيرة تقول إن "الست الجدعة ممكن تبقى بألف مسؤول"، فالوزيرة التي استطاعت أن تُدير محافظة دمياط المعروفة بتعقيد ملفاتها (أثاث – صيد – صناعة – عشوائيات)، خرجت منها برصيد يُحسب لها.

وفي زمن يُقاس فيه المسؤول بما ينجزه، لا بما يعد به، لا شك أن منال عوض تمثل إضافة نوعية للمشهد التنفيذي، كامرأة أثبتت أن المرأة الناجحة ناجزة.

 الامتحان الحقيقي

معالي الوزيرة اجتازت امتحانات سابقة بجدارة، لكن التحدي الحالي أصعب، فإدارة ملفات معقدة تمس حياة ملايين المواطنين، وسط ظروف خانقة وأزمات متلاحقة وبيروقراطية تغلب عليها بعض المسؤولين، ومازال آخرين دائرين في فلكها، لكن نجاحها الحقيقي يُقاس بمدى الاستمرار بنفس الجدية، والمرور بمرونة وسط كل هذه الأمواج المتلاطمة في ملف المحليات العاصف.

تابع مواقعنا