نحن وشات جي بي تي9: نهاية عصر الكمبيوتر وبداية نظام تشغيل لوكلاء الذكاء الاصطناعي AI Agent
هل نحن على أبواب زمنٍ لا يحتاج فيه الموظف إلى كمبيوتر مكتبي ولا إلى لابتوب ولا حتى إلى نظام تشغيل مثل ويندوز أو ماك؟ بتقديري هذا السؤال لم يعد خيالًا علميًا، مع ما نشهده اليوم من دخول الذكاء الاصطناعي إلى المكاتب الحكومية والشركات الكبرى، ما يشير إلى أن البنية الرقمية التي رافقتنا لعقود تترنح وأن نظام تشغيل جديد بدأ يتشكل في السحابة والخوارزميات وفي عقل اصطناعي ليتوسط بين الإنسان والمعلومة، لكن نظام التشغيل الجديد ليس للبشر بل لوكيل الذكاء الاصطناعي AI Agent !!
اندثار أنظمة التشغيل
كانت أسماء أنظمة التشغيل مثل ويندوز وماك ولينوكس تشكل رموزًا للقوة الرقمية والتي رسخت طريقة تعاملنا مع الملفات والتطبيقات والشبكة. لكن في عصر الذكاء الاصطناعي لم تعد الملفات مجلدات تُفتح على سطح المكتب بل بيانات تُستدعى عبر أوامر لغوية.
كما لم تعد التطبيقات أيقونات متفرقة بل قدرات ذكية متصلة بواجهة واحدة، يقوم فيها وكيل ذكاء اصطناعي بالردّ على أسئلتك وكتابة تقريرك تخطيط ميزانيتك كما يقدم توصياتك للإدارة.
وهكذا تتوارى أنظمة التشغيل إلى الخلفية. من هذه الإشارات في التحول الدراماتيكي وتحليلي لتطور شات جي بي تي من روبوت محادثة إلى وكيل ذكاء اصطناعي، أدركت أننا لم نعد ندير النظام بل النظام سوف يديرنا من خلال جيش وكلائه.
ما دور الموظف في زمن العقل المؤسسي؟
ما زال الموظف بحاجة إلى الكمبيوتر لكن ليس كالسابق. أعتقد على المدى القصير سيظل يستخدمه للكتابة أو التصميم أو البرمجة، أما على المدى المتوسط فالكمبيوتر سيصبح ثانويًا بينما الواجهة الأساسية هي العقل الاصطناعي، في حين على المدى البعيد قد يستبدل الكمبيوتر بأجهزة أخرى مثل نظارات ذكية أو أوامر صوتية أو شاشات صغيرة، وكل ما يهم هو الاتصال بالذكاء الاصطناعي السحابي، أي يتحوّل الموظف من مستخدم يتعلم برامج معقدة إلى إنسان يطلب بلغة طبيعية من عقل رقمي أن ينفّذ المهمة.
من أمريكا إلى العالم
البدايات تحدث في أمريكا فالحكومات والشركات الكبرى هي أول من يجرّب تحويل الذكاء الاصطناعي إلى نظام تشغيل مؤسسي، لكن كما انتقل الإنترنت ثم فيسبوك ثم الهواتف الذكية إلى كل مكان ستنتقل هذه العدوى التقنية أيضًا، سنرى الحكومات تستبدل أنظمة مايكروسوفت الثقيلة بوكلاء ذكاء اصطناعي متكاملين، والشركات الصغيرة ستلجأ مباشرة إلى خدمات سحابية ذكية بدل استثمارات باهظة في أجهزة وبرمجيات، وتدريجيًا سيصبح العقل الاصطناعي هو النظام العالمي بينما الكمبيوترات مجرد مَعبر.
نظام تشغيل بلا جهاز
إذا كان ويندوز قد حَكَم العالم الرقمي ثلاثة عقود فإن الذكاء الاصطناعي الآن يطلّ برأسه ليصبح هو نظام التشغيل الجديد للحياة الرقمية. لا يهم الجهاز ولا النظام لأن المهم أن تصل إلى العقل السحابي الذي يفكر ويقرّر ويحلّل بالنيابة عنك، ويبقى السؤال هل عندما تختفي الشاشات وتذوب أنظمة التشغيل في السحابة، سنبقى نحن المستخدمين حقًا أم نصبح نحن أيضًا مجرد أيقونات في نظام تشغيل العقل الاصطناعي؟
