خطبة عن الخوف من الله جاهزة ومُحكمة.. تشمل صورًا من تقوى الصحابة
يبحث البعض عن خطبة عن الخوف من الله تعالى كموضوع لخطبة يوم الجمعة، لتوعية المسلمين بقيمة التقوى وكيف يخشى المسلم من ربه ويعبده بإخلاص حق عبادته دون تقصير متعمد. ومع كثرة مشاغل الحياة والمغريات في العصر الحديث، كذلك ضياع الوقت على منصات التواصل الاجتماعي والانشغال عن العبادات، تبرز أهمية أن تكون خطبة الجمعة خطبة عن الخوف من الله، لما تعيده للأسماع من دلالات وآيات تحث المسلم على العودة إلى دينه. وعبر القاهرة 24 نتعرف على نموذج خطبة عن الخوف من الله، تتضمن الآيات والأدلة من السنة النبوية وكذلك تناول الشعراء للخوف من الله تعالى، جاهزة للإلقاء.
خطبة عن الخوف من الله
تشمل أي خطبة عن الخوف من الله، ما أوصانا به الله تعالى في كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم من تقوى الله في السر والعلانية، وهي التقوى التي تعكس حب الإنسان لربه وبغضه لما يكرهه المولى، كذلك تؤكد صفة الإخلاص وتنفي النفاق والمراءة.
ونعرض فيما يلي نموذج كامل لـ خطبة عن الخوف من الله تعالى تصلح لتكون خطبة أساسية ليوم الجمعة:

خطبة بعنوان: الخوف من الله في عصر العولمة
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي وصية الله للأولين والآخرين. قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131].
أيها المؤمنون:
إن من أعظم منازل الإيمان وأجل مقامات العبودية: الخوف من الله تعالى. فالخوف من الله ليس مجرد انفعال عابر، بل هو عبادة قلبية عظيمة، تثمر الطاعة وتمنع من المعصية، وتحمل العبد على محبة ربه ومراقبته في السر والعلن.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175].
وقال سبحانه: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: 44].
عباد الله:
الخوف من الله تعالى صفة الأنبياء والمرسلين، والصالحين والمتقين. قال الله عز وجل عن أنبيائه: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء: 90].
وقال سبحانه في وصف عباده المؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِم يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون: 5761].
روت عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت: "أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يُقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات" (رواه الترمذي وحسنه).
أيها المسلمون:
للخوف من الله ثمرات عظيمة وآثار جليلة، منها:
- أولًا: الأمن يوم القيامة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وذكر منهم: "ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه" (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع" (رواه الترمذي وصححه الألباني).
- ثانيًا: دخول الجنة والنجاة من النار. قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [النازعات: 4041].
- ثالثًا: حفظ الله للعبد في الدنيا والآخرة. قال تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: 46].
معاشر المؤمنين:
كان السلف الصالح رضوان الله عليهم أشد الناس خوفًا من الله، مع عظيم عبادتهم وكثرة طاعاتهم.
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول: "لو أن إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها، ما أمنت مكر الله".
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأخذ التبنة من الأرض ويقول: "ليتني كنت هذه التبنة، ليتني لم أكُ شيئًا، ليت أمي لم تلدني".
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: طول الأمل، واتباع الهوى. فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق".
وقال الحسن البصري رحمه الله: "المؤمن يصبح خائفًا ويمسي خائفًا، يخشى ذنبه، ويخاف سوء عاقبته".
ولا ننسى قول الشاعر:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تقلْ... خلوتُ ولكن قل عليَّ رقيبُ
ولا تحسبنَّ الله يغفلُ ساعةً... ولا أنَّ ما تخفيه عنه يغيبُ
عباد الله:
الخوف من الله لا يعني اليأس من رحمته، فإن الله تعالى يقول: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
بل المؤمن يجمع بين الخوف والرجاء، يخاف عقاب الله ويرجو رحمته. قال الله تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾ [الإسراء: 57].
قال ابن القيم رحمه الله: "القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قُطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
عباد الله:
فاتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن الدنيا دار ممر لا دار مقر، وأن الآخرة هي دار القرار.
كيف نحقق الخوف من الله؟
أيها المؤمنون:
لتحقيق الخوف من الله في قلوبنا، علينا بأمور:
أولًا: تذكر الموت وما بعده من حساب وجزاء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم اللذات" يعني الموت (رواه الترمذي وصححه الألباني).
ثانيًا: تدبر القرآن الكريم وآياته. قال الله تعالى: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [الحشر: 21].
ثالثًا: معرفة عظمة الله وجلاله. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].
رابعًا: مجاهدة النفس والبعد عن المعاصي. قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [النازعات: 4041].
قال الشاعر:
إذا المرء لم يخش من الله تبارك... ففيم يكون الأمن منه وفيم
وكيف يرجّي العبد عفوًا ورحمة... وقد كان في عصيانه غير نادم
خاتمة
عباد الله:
اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اجعلنا ممن يخشونك في السر والعلن، اللهم املأ قلوبنا بخشيتك ومحبتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90].
اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.







