إبراهيم الدراوي يكتب: شرم الشيخ.. عاصمة جديدة للمفاوضات الهادئة
تتحرك الدبلوماسية المصرية على خطّين متوازيين، كلاهما بالغ الحساسية والخطورة.. وفود فلسطينية وأخرى إسرائيلية تصل تباعًا إلى القاهرة، في مشهد مزدوج يعكس دقّة اللحظة الإقليمية.. المسار الأول يرسم ملامح صفقة التهدئة بين حماس وإسرائيل، برعاية: مصرية، أمريكية، وقطرية، وبشكل غير مباشر؛ أما المسار الثاني فيتجاوز الهدوء المؤقت نحو ترتيبات اليوم التالي، حين تبدأ قوات فلسطينية مدرّبة في القاهرة تولّي مهام الأمن والإدارة في غزة، ضمن خطة انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع.
تعمل القاهرة على هدف أكثر عمقًا: مصالحة فلسطينية – فلسطينية تعيد اللحمة للصف الوطني، وتؤسس لإدارة موحدة تتعامل مع استحقاقات المرحلة المقبلة دون انقسام أو ازدواجية.. وفي مؤشر على دخول الملف مرحلة الحسم، تستعد شرم الشيخ لاحتضان الجولة المفصلية من مفاوضات صفقة التبادل. محادثات رفيعة المستوى تُعقد غدًا، يشارك فيها عن الجانب الإسرائيلي رون ديرمر، وعن الجانب الأمريكي ويتكوف وربما جاريد كوشنر، وسط تأهب أمني ودبلوماسي غير مسبوق.
التقديرات الأمريكية تتحدث عن تفاؤل حذر بإمكانية إنجاز المرحلة الأولى من الصفقة خلال هذه الجولة، فيما تبقى مصر في موقعها التاريخي كوسيطٍ موثوقٍ قادر على إدارة خيوط اللعبة المعقّدة بين الأمن والسياسة، بين الحسابات الإسرائيلية ومتطلبات الواقع الفلسطيني.
شرم الشيخ، تتحول هذه الأيام إلى منصةٍ هادئةٍ لصوت الدبلوماسية.. هناك، على رمالها الصامتة، تُصاغ خرائط جديدة للتهدئة، وتُختبر إرادات الأطراف قبل أن يفتح الغد أبوابه على سيناريوهات السلام أو احتمالات الانفجار.




