الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

السابع من أكتوبر في الميزان

الأربعاء 08/أكتوبر/2025 - 10:18 ص

اليوم ذكرى عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركة حماس والفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل، أتذكر يومها وقت أن تم الإعلان عن نجاح العملية وهتاف الفصائل وترحيب المدنيين، أحست بالفرح والخوف معا، وتخيل كثيرون أن رد الكيان المحتل بعد أن يستفيق من صدمته من اختراق القبة الحديدية، وإهانته بمشاهد العملية سيكون محدود كعادته في عمليات سابقة، وتخيلت أن حماس ستفرض شروطها، وأنها القوية بامتلاكها عدد كبير من الأسرى، وتستطيع استرداد سجنائها ومعتقليها من سجون الاحتلال، وتصل الي تبييض كامل للسجون الإسرائيلية.

وانقسم المتابعون ما بين مؤيد لما فعلته حماس، ومعارض لهذا الفعل المتهور غير المدروس، وكل طرف أعلن موقفه، فالطرف الأول المؤيد لما قامت به الفصائل انه كان ضرورة حتمية، وان مقاومة الاحتلال عمل شرعي، وان حماس بعملية طوفان الأقصى حرك المياه الراكدة، وأعاد احياء القضية الفلسطينية، وأن انتهاكات وتجاوزات الكيان الصهيوني المتواصل للسكان، وعملية الحصار الخانق المفروضة ضد سكانه جعل العملية واجب وطني، وأنهم نجحوا في إعادة إحياء القضية على مسامع العالم، وأهمية إنهاء الاحتلال وإعلان سيادة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، كما أنهم استطاعوا قهر القبة الحديدة، وكسروا الغرور الصهيوني وإهانته، وخلقوا حالة من عدم الاستقرار في الداخل الإسرائيلي، واستمرار المظاهرات التي تطالب بتسوية سياسية وتبادل للرهائن.

وفي الطرف الآخر، من يرى أن حماس والفصائل لم تقدر حجم العواقب وكانت تقديراتهم خاطئة، دفع ثمنها كل سكان القطاع، وأن الرد الإسرائيلي لم يكن كما توقعوا، بل كان قاسيا وأدخل المنطقة كلها في دائرة الصراع، وأن الدعم المتوقع من الجبهات التي دخلت الصراع مساندا لها لم يكن قويا، بل دفعوا ضريبته خسائر فادحة في الأرواح، والبنية التحتية، واستهدافا للقيادات، وهجوم على حزب الله في الجنوب اللبناني، وتوغل في الأراضي السورية، وتدمير لمناطق عسكرية، واعتداءات كبيرة علي الحوثيين في اليمن، ونشوب صراع إيراني إسرائيلي خسرت فيه ايران مفاعلاتها النووية، واستهداف خيرة علمائها.

ودفع سكان القطاع تهور حماس، فتم تدمير غزة بالكامل، وحصارها، وتجاوز عدد الشهداء 66 آلف، والمصابين 168 ألف، وعدم السماح لإنفاذ دخول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع جعل منه مكان غير قابل للحياة، ناهيك عن نزوح أكثر من 90% من سكان القطاع، واستمرار انتهاكات المستوطنين بالضفة الغربية.

عامان لم يستطع المجتمع الدولي ولا المنظمات الأممية بكل مسمياتها واختصاصاتها أن توقف تلك المجازر التي يقوم بها الاحتلال، عامان عجز مجلس الأمن، أن يصدر قرار بوقف عمليات الإبادة، ورعاية أمريكية تواصل تقديم الدعم المالي واللوجيستي، وتمنع أي قرار أممي ضد دولة الاحتلال.

عامان خرجت شعوب العالم الحر في كل دول العالم في مظاهرات لم تتوقف ينددون بالمجازر الصهيونية، ويطالبون حكوماتهم بضرورة وقت التعامل مع دولة الاحتلال، ووقف الحرب فورا، عامان من الشجب والتنديد من الجامعة العربية والمنظمات الإسلامية والدول العربية بدون أن تجد من ينصت أو يسمع او يري، عامان وقفت مصر كعادتها ضد مخطط التهجير، وضد تصفية القضية الفلسطينية، وكانت صمام أمان للقضية، وفتحت معابرها وأدخلت المساعدات وقدمت كل الدعم السياسي والإنساني، لأنها كعادتها منذ نكبة 1948 تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الاولي والاهم. 

عامان تحارب الفصائل جيش منظم يمتلك كافة أنواع الأسلحة، وهم أسلحتهم محدودة، فكانت المواجه غير متكافئة، ورغم ذلك صمدوا وقاوموا رغم فداحة الخسائر، عامان لم تستطع إسرائيل برغم كل الدمار الشامل والسيطرة علي القطاع لم تحصل علي اسراها الا بموافقة حماس واتفاق معها.

وبلا شك أن إسرائيل نجحت في كسب مظلومية أن جميع جيرانها يحاربونها، وأنهم في حالة دفاع عن النفس، ورسموا صورة كاذبة عن عملية طوفان الأقصى، فكسبوا دعما دوليا اتخذه نتنياهو وحلفائه المتطرفين ذريعة لإطالة أمد الصراع، وسمح بتعدد جبهات صراعه.

ومع مرور الوقت بعد ان تحولت غزة الي ركام، وتزايد عدد الشهداء، والمصابين، والنازحين، وتفاقم الوضع الإنساني، وفرض الحصار والمرض والتجويع، لم تسقط ولم تستسلم حماس ولا الفصائل.

ورغم فداحة الخسائر، أرى أن التاريخ سينصف حماس، وأن العالم أجمع شاهد الضريبة التي قدمها أبناء الشعب الفلسطيني كله، ونجحت المساعي الدبلوماسية في تنظيم مؤتمر نيويورك لحل الدولتين، وتضامن عدد كبير من الدول مع القضية الفلسطينية، ونادوا بضرورة وقف الصراع، والوصول إلى حل الدولتين.

 وفي مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوي، كان هناك اعتراف كبير بالدولة الفلسطينية، وخلق حالة من العزلة لدولة الاحتلال.

وفي انفراجة، خرج ترامب، بخطته لوقف الحرب، وتهديده لحماس بقبولها أو استمرار الحرب، وكان لدى حماس من الكياسة والحكمة أن تعلن في بيان تم صياغته بعناية شديدة، قبول خطة ترامب.

وتجرى الآن في شرم الشيخ، المفاوضات للوصول إلى صيغة إلزامية لتنفيذ البنود، ونأمل أن تنتهي المشاورات إلى اتفاق سياسي ينهي معاناة الدولة الفلسطينية، وأن تتعهد الإدارة الأمريكية بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

عاشت فلسطين وكفاح ونضال شعبها، وأتمنى أن لا تذهب دماء الشهداء عبثا، وعلى الشعب الفلسطيني استغلال تلك الفرصة، ليتحدوا ويعتصموا ويكونوا يدا واحدة تحت رايتهم بدون مسميات، فلم يعد اليوم التالي يحتمل وجود فتح أو حماس أو غيرها من الفصائل، بل لإرادة الشعب الفلسطيني.

 

 

تابع مواقعنا