احتفى به الجميع.. البحث عن جنسية الدكتور عمر ياغي بعد حصوله على جائزة نوبل
فاز عالم الكيمياء الأردني الأمريكي من أصل فلسطيني عمر ياغي، أستاذ الكيمياء بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، اليوم الأربعاء بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025، مناصفة مع ريتشارد روبسون من جامعة ملبورن في أستراليا وسوسومو كيتاجاوا من جامعة كيوتو في اليابان.
وجاء منح الجائزة تقديرًا لإسهامات العلماء الثلاثة في تطوير تراكيب جزيئية ذات مساحات واسعة تسمح بمرور الغازات والمواد الكيميائية، والمعروفة باسم الأطر المعدنية العضوية، التي يمكن استخدامها لاستخلاص المياه من هواء الصحراء، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون، وتخزين الغازات السامة، وتحفيز التفاعلات الكيميائية.
ومنذ الإعلان احتفت وسائل الإعلام ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بالدكتور عمر ياغي.
من هو عالم الكيمياء عمر ياغي؟
وُلد عمر ياغي في عمّان عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة، في سن الخامسة عشرة، شجعه والده على السفر إلى الولايات المتحدة للدراسة، فانتقل إلى نيويورك حيث بدأ تعلم اللغة الإنجليزية ودرس الكيمياء في كلية هادسون فالي المجتمعية، ثم حصل على بكالوريوس العلوم في الكيمياء من جامعة ولاية نيويورك في ألباني عام 1985 بدرجة الشرف، قبل أن ينال الدكتوراه من جامعة إلينوي عام 1990.
وبعد زمالة بحثية في جامعة هارفارد، انضم إلى هيئة التدريس في جامعة ولاية أريزونا، ثم جامعة ميشيغان، وبعدها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، قبل أن ينتقل إلى بيركلي عام 2012.
وحصل ياغي خلال مسيرته على عشرات الجوائز والتكريمات، أبرزها جائزة فون هيبل لعام 2025، وجائزة تانغ للتنمية المستدامة عام 2024، وجائزة وولف في الكيمياء عام 2018، وجائزة الملك فيصل الدولية للعلوم عام 2015، إضافة إلى انتخابه عضوًا في الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة، والأكاديمية الألمانية للعلوم، والأكاديمية الأوروبية للعلوم، وعدد من الهيئات العلمية المرموقة حول العالم، كما تم منحه الجنسية السعودية.
ويعيش ياغي في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا، ويواصل أبحاثه في تطوير مواد قادرة على معالجة أزمات المياه والطاقة والمناخ، واضعًا هدفًا أن تسهم ابتكاراته في تحقيق مستقبل أكثر استدامة للبشرية.
ماذا عن أبحاث العالم الكيميائي عمر ياغي؟
يُعد ياغي العضو الثامن والعشرين من أعضاء هيئة التدريس في جامعة بيركلي الذي يفوز بجائزة نوبل، والخامس خلال السنوات الخمس الأخيرة، وكان قد علم بفوزه أثناء توقفه في مطار خلال رحلة إلى بروكسل للمشاركة في مؤتمر علمي، حيث تلقى اتصالًا من لجنة نوبل، وأعرب عن دهشته وسعادته البالغة، مؤكدًا أن هذا الشعور لا يتكرر كثيرًا في الحياة.
وفي تسعينيات القرن الماضي، نجح ياغي وزملاؤه في الجمع بين المعادن والجزيئات العضوية لتكوين مركّبات هجينة ذات بنية بلورية شديدة المسامية قادرة على امتصاص الغازات وتخزينها وإطلاقها. وأطلق على هذه المركّبات اسم «الأطر المعدنية العضوية» وأثبت أنها مستقرة وقابلة للتعديل لتناسب تطبيقات مختلفة، مثل التقاط ثاني أكسيد الكربون أو تخزين الميثان والهيدروجين.
وقد تم حتى الآن تصنيع أكثر من مئة ألف تركيب مختلف من هذه الأطر، لكل منها خصائص مصممة لتطبيقات محددة، وابتكر ياغي في السنوات الأخيرة نماذج قادرة على امتصاص الماء من الهواء حتى في البيئات الجافة، وطور جهازًا صغيرًا يمكنه جمع ما يصل إلى خمسة لترات من الماء يوميًا من هواء الصحراء، كما أسس شركتين لتسويق هذه التكنولوجيا واستخدامها في مواجهة تغير المناخ وتوفير مياه الشرب.
وسع ياغي أبحاثه ليشمل فئتين أخريين من المواد المسامية: الأطر العضوية التساهمية والأطر الزيوليتية الإيميدازولية، التي تفتح آفاقًا جديدة في مجالات تخزين الغازات وفصلها، وإنتاج المياه النظيفة، وحتى في صناعة البطاريات والمكثفات الفائقة.
يُطلق ياغي على تخصصه اسم الكيمياء الشبكية، ويصفه بأنه علم يهدف إلى بناء تراكيب بلورية ممتدة من وحدات جزيئية مترابطة بروابط قوية، وقد بدأت فكرته في التبلور أثناء حصوله على الدكتوراه في جامعة إلينوي، حيث تأثر بأستاذه والتر كليمبرر الذي علّمه منهجية البحث الدقيق وأهمية الدليل العلمي.
في بداياته بجامعة ولاية أريزونا، سعى ياغي إلى إنشاء مواد بلورية من وحدات بناء محددة، وبعد محاولات عديدة تمكن مع طلابه من تطوير تراكيب مستقرة وذات مسامية عالية باستخدام معقدات معدنية ثنائية أو رباعية الذرات مرتبطة بجزيئات عضوية. هذا النجاح كان الشرارة التي أطلقت مجال الكيمياء الشبكية.
تُعد الأطر المعدنية العضوية مميزة بفضل مساحتها السطحية الهائلة التي تصل إلى عشرة آلاف متر مربع لكل غرام، ما يسمح بامتصاص كميات كبيرة من الغازات. كما يمكن تعديل مكوناتها المعدنية والعضوية لتحديد نوع الجزيئات التي تلتصق داخلها بدقة.
واجه ياغي في البداية تشككًا من بعض زملائه، لكنه واصل عمله بدعم من قلة من العلماء المؤمنين بأفكاره. وبعد انتقاله إلى جامعات ميشيغان ثم كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وأخيرًا بيركلي عام 2012، أصبح أحد أبرز علماء الكيمياء في العالم وأكثرهم استشهادًا بأبحاثهم.
يشغل ياغي منصب المدير العلمي لمعهد باكر للمواد الرقمية من أجل الكوكب، الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتطوير مواد منخفضة التكلفة وصديقة للبيئة، كما أسس معهد بيركلي للعلوم العالمية، الذي يهدف إلى تمكين الباحثين الشباب في دول عدة بينها الأردن، فيتنام، والسعودية من الانخراط في أبحاث علمية ذات تأثير عالمي.
