وُلدت لتكون الكبيرة
في الوقت الذي تملأ فيه بعض الأصوات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي بالدعوة إلى الحرب أو استعراض القوة العسكرية وكأنها بطولة، يجب أن نتذكّر أن الحروب ليست خطابات رنّانة ولا معارك افتراضية على الشاشات بل هي دمار حقيقي يلتهم البشر والاقتصاد والأمل في المستقبل.
التاريخ مليء بالدروس القاسية، بدءًا بالحرب العالمية الأولى التي خلفت أكثر من 17 مليون قتيل و20 مليون جريح، واستخدام الغازات السامة والمجاعات التي دمرت أوروبا وصولًا إلى الحروب الحديثة في منطقتنا.
ولنا عبرة في دول كبرى كان اقتصادها يومًا ما يضرب به المثل مثل العراق الذي شهد أكثر من 200 ألف قتيل في البيانات الرسمية وملايين النازحين وانهيار البنى التحتية والاقتصاد، وسوريا التي فقدت أكثر من 500 ألف قتيل وتهجّر منها أكثر من 13 مليون إنسان داخليًا وخارجيًا فضلًا عن انهيار اقتصادي دفع 80% من الشعب تحت خط الفقر.
هذه ليست مجرد أرقام بل مأساة شعوب فقدت الأمن والاقتصاد لعقود طويلة أما عن مصر، فهي دولة كبيرة جدًا واللاعب الاستراتيجي الأول في هذه المنطقة بعقيدة دفاعية واضحة.
مصر ليست دولة تبحث عن الحروب لتأكيد قوتها، بل دولة عقيدتها الدفاع عن أمنها القومي وشعبها عند الضرورة فقط.
ورغم كل الأزمات والمؤامرات التي واجهتها خلال السنوات العشر الماضية، استطاعت أن تصمد وتعيد بناء بنيتها التحتية، وتخطو نحو اقتصاد أقوى واستقرار أمني كبير.
ولا يمكن تجاهل أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، واجه منذ توليه الحكم مواقف وأزمات لا يُحسد عليها؛ بداية من التهديدات الإرهابية الداخلية مرورًا بالضغوط الاقتصادية العالمية والأزمات الإقليمية المعقدة والتحديات الأمنية المتعلقة بالحدود والمياه وملفات شديدة الحساسية.
ورغم ذلك، لم يغامر بـ أرواح 110 ملايين مصري في صراعات أو مغامرات عسكرية غير محسوبة، بل وضع نصب عينيه مصالح مصر العليا وتعامل بحكمة شديدة، وكلمة محسوبة ومواقف مدروسة وتحركات سياسية موزونة بـ ميزان من ذهب بعقلية استراتيجية واعية.
وكانت عقيدته واضحة من خلال كلمته الشهيرة: “العفي محدش ياكل عيشه” ولم تكن تلك الكلمة عابرة، بل تُرجمت على أرض الواقع في تحديث غير مسبوق للقوات المسلحة كقوة ردع تجعل الجميع يفكر مرارًا قبل التجرؤ على هذه الدولة العظيمة.
وختامًا من لا يعرف تبعات الحروب رجاءً ليلتزم الصمت بدل بيع الوهم بشعارات براقة فالحروب لا تُبنى على الحماس بل على حسابات دقيقة ومصالح وطنية بعيدة المدى مع إدراك الحقيقة الراسخة بأن مصر دولة كبيرة جدًا وقواتها المسلحة قادرة على حمايتها وحماية شعبها ومصالحها.
إن القوة الحقيقية لدولة مثل مصر اليوم، تكمن في اقتصاد قوي واستقرار داخلي ودبلوماسية حذرة تحمي مصالحها بكل شراسة.
مصر اليوم على طريق بناء دولة اقتصادية قوية، بجانب قوتها العسكرية المتطورة، وهذا هو السلاح الحقيقي في عالم متغير والمطلوب فقط هو الوحدة ثم الوحدة على قلب رجل واحد، بلا مزايدة أو إفتاء في أمور في أغلب الأحيان تضر ولا تنفع ومصر لا تحتاج أن تثبت أنها كبيرة أو قوية فالتاريخ والأيام والمواقف الحاسمة أثبتت للجميع أن مصر وُلدت لتكون الكبيرة دائمًا، وأنها رمانة الميزان ومفتاح استقرار المنطقة بأسرها.


