لأول سنة بالمدارس.. معايشة من داخل الحصة الأولى لتدريس الذكاء الاصطناعي عبر منصة كيريو اليابانية
في سابقة هي الأولى من نوعها، بدأت وزارة التربية والتعليم تدريس مادة الذكاء الاصطناعي والبرمجة بشكل رسمي لطلاب المرحلة الثانوية وتحديدًا لطلاب الصف الأول الثانوي، ضمن خطة شاملة لتطوير المناهج، وتجهيز طلاب المستقبل بأدوات العصر الرقمي وإعدادهم لمستقبل يفرض مهارات رقمية جديدة.
"البرمجة بقت لغة العصر، ومصر مش هتتأخر عن مواكبة التطور".. بهذه الكلمات أكد الوزير محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، أهمية إدخال هذه المواد ضمن المنهج الدراسي، مشيرًا إلى أن المنهج الجديد لا يهدف فقط إلى تعليم الأكواد، بل إلى تنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات.
وفي جولة للقاهرة 24 عبر المنصة التعليمية اليابانية -كيريو- التي تُقدم بالعربية، بدأت رحلة برمجة من الفصل الأول اطلاب الصف الأول الثانوي بعنوان التعريفات، وبينما كانت التجربة تحمل في مضمونها روح التطور والمستقبل، واجهت الكثير من الأسر صعوبات في البداية التقنية للتعامل مع المنصة التعليمية اليابانية، والتي تقدم المنهج الجديد بأسلوب تفاعلي غير معتاد.
منهج الذكاء الاصطناعي.. بدايات تفاعلية بلغة البرمجة واللعب
في أولى وحدات المنهج الجديد للذكاء الاصطناعي والبرمجة، يبدأ طلاب الصف الأول الإعدادي رحلة تعليمية تفاعلية تهدف إلى بناء الأساس المعرفي بلغة البرمجة، وذلك من خلال منصة رقمية مصممة بأسلوب محاكاة ممتع.
يتعرف الطالب في هذا الفصل التمهيدي على مفاهيم برمجية أساسية، تشمل:
ما هي البرمجة؟
كيفية استخدام محرر الأكواد
الفرق بين التعليقات داخل الكود وخارجه
وظيفة وحدة التحكم
وأهمية المراجعة الدورية للكود
لكن ما يميز التجربة التعليمية، هو اعتماد المنصة على شخصيات افتراضية محفزة، ترافق الطالب طوال رحلته التعليمية، في بيئة أقرب إلى اللعب منها إلى الصف الدراسي التقليدي:
ريكي: شخصية مرحة، تُقدَّم كصديق للطالب في تعلُّم البرمجة، يحب الألعاب ويشجع على الاكتشاف.
كودي: المعلم الرقمي الذي يشرح المفاهيم ويساعد الطالب و"ريكي" في تجاوز التحديات.
روبوت تفاعلي، يظهر في بداية كل مرحلة بسؤال: مرحبًا، ماذا تريد أن تفعل اليوم؟ ليفتح أمام الطالب سلسلة من الخيارات التعليمية.
تنطلق التجربة عبر لعبة الثعبان، ثم تُطرح على الطالب فكرة: هل ترغب في تصميم لعبة مماثلة؟، وبمجرد الموافقة، يبدأ التعلُّم العملي خطوة بخطوة في برمجة اللعبة، ولا تقتصر الأنشطة على ذلك، بل تمتد إلى مشروعات مصغرة مثل: تصميم قائمة طلبات لمقهى، تطوير تطبيق دردشة بسيط، المرور بـ مراحل تحقق لقياس مدى استيعاب المفاهيم، ثم الانتقال إلى الفصل التالي ضمن تسلسل تدريجي محكم.
وبهذا الأسلوب، لا يقتصر المنهج على تقديم محتوى تقني، بل يسعى إلى تعزيز التفكير المنطقي، وتنمية مهارات الحل الإبداعي للمشكلات، في بيئة تفاعلية تحفّز الطالب على التعلُّم الذاتي.
رحلة التسجيل.. بداية من المعاناة
لكن خلف هذه التجربة الرقمية المتطورة، كانت هناك تحديات لأولياء الأمور، بدأت من محاولات التسجيل المعقدة، مرورًا بتفعيل البريد الموحد، وصولًا إلى الدخول الفعلي على المنصة.
ولي أمر: "فضلت 10 أيام أحاول لحد ما المدرسة ساعدتني"
عن التسجيل في المنصة، يحكي هيثم زكريا، ولي أمر طالبة بالصف الأول الثانوي، عن معاناته مع التسجيل رغم كونه يعمل في مجال البرمجة، بقوله: "أنا دخلت على موقع المنصة عشان أسجل، واتبعت الخطوات اللي الوزارة نشرتها في الفيديو، لكن فضلت 10 أيام أحاول ومش عارفة أدخل، وفي الآخر المدرسة ساعدتني، عملولي أكونت وباسورد، وفعلوا الإيميل الموحد، ومن ساعتها بدأت المتابعة."
ورغم البداية الصعبة، "هيثم" وابنته، يؤكدان على أن المنصة الآن أصبحت أكثر وضوحًا بالنسبة لها، وتضيف: البرمجة اتقدمت بشكل ممتع، ابني كان مبسوط وهو بيكلم ريكي، وبيتعلم من خلال اللعب، حاسس إنه بيعمل لعبة بجد، مش مجرد واجب دراسي.
ولي أمر آخر: "أي غلطة في الباسورد بتخصم محاولات"
ولية أمر أخرى واجهت مشكلة تقنية من نوع مختلف، حيث تقول شيماء محمد، والدة طالب بالأول الثانوي: في الأول المنصة غلبتنا كتير، أي غلطة في الباسورد بتفقد عدد المحاولات، وده كان مزعج جدًا، لكن بعد شوية فهمنا السيستم، وقدرنا نتعامل خصوصًا لما المدرسة تدخلت وعملت الأكونت.
وتضيف شيماء خلال سردها لتعاملها مع المنصة: الموضوع بيتعمل بطريقة زي المحادثة، روبرت بيشرح ويعمل لعبة، وبعدها الطالب بيجرب بنفسه، أنا شايف إن ده أحسن من الطريقة التقليدية، لأن الطالب بيحس إنه بيتعلم وبيبدع.
نور عبد المنعم.. طالبة سبقت المنصة بخطوة
وسط تجارب أولياء الأمور والطلاب مع أول سنة لدراسة الذكاء الاصطناعي في المدارس، برزت قصة “نور عبد المنعم” الطالب التي لم تكن تلامس البرمجة للمرة الأولى، فقد سبق لها أن درستها في كورسات خارجية، جعلت خطواتها الأولى على المنصة سهلة وواضحة.
لكن المفاجأة، كما تقول والدتها الكاتبة الصحفية مروة فتحي، لم تكن فقط في سهولة التعامل، بل في طريقة التعليم نفسها، إلا أنها واجهت المشكلة ذاتها في الدخول للمنصة، حيث تقول: "أنا فعلت الإيميل الموحد، وعملت كل حاجة لنور برقمها لكن الموضوع كان في البداية صعب، ودلوقتي بقيت ادخل بسهولة، والدروس بقت روتين بنتابعه سوا، واللي سهل الموضوع إن نور واخدة كورسات قبل كده، مكانش صعب عليها، لكن حتى للطالب اللي من غير خلفية، الموضوع معمول بشكل ممتع.
تؤكد الأم أن الفرق الحقيقي بين هذه التجربة وما سبقها، هو أن التعليم هنا عملي وتفاعلي، وتضيف بابتسامة: نور مش بتقعد تحفظ من كتاب، هي بتشتغل بإيدها، وبتحاول تصمم ألعاب، وبتتكلم مع شخصيات زي ريكي وكودي، وده بيخليها تفكر وتفهم وتحل مشاكل بنفسها، وهنا فعلا التعليم مش مجرد تلقين، ده شغل حقيقي.
بداية واعدة.. وإن كانت البداية صعبة
ورغم تفاوت الخبرات ومستويات الصعوبة بين الأسر، إلا أن التقييم العام لتجربة المنصة الجديدة جاء إيجابيًا، وقد أجمع أولياء الأمور، حتى من واجهوا تحديات تقنية في التسجيل أو تفعيل البريد الموحد، على أن المنهج ممتع، والطريقة مشوقة، والطلاب مستمتعون بأسلوب مختلف في التعلُّم.
وللمرة الأولى، يجد الطلاب أنفسهم يصممون لعبة، أو يبرمجون تطبيقًا، أو يديرون محادثة مع روبوت ذكي ليس في خيالهم، بل على شاشاتهم، بأيديهم، خطوة بخطوة.


