هل مسكنات الألم المنتشرة قد ينتج عنها مضاعفات خطيرة؟.. دراسة
حذّرت دراسة طبية حديثة من الإفراط في استخدام مسكنات الألم الأفيونية، وعلى رأسها دواء الترامادول، بعدما كشفت النتائج أن هذه الأدوية التي يتناولها الملايين حول العالم لا تقدم فائدة حقيقية في تخفيف الألم المزمن، بل قد تسبب آثارًا جانبية خطيرة تصل إلى أمراض القلب، أحد أبرز أسباب الوفاة عالميًا.
مسكنات الألم المنتشرة لا تعالج الألم المزمن وقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة
وفقًا لتحليل نشر في مجلة BMJ Evidence Based Medicine، فإن باحثين دنماركيين قاموا بمراجعة 19 تجربة سريرية شملت أكثر من 6500 مريض يعانون من آلام مزمنة نتيجة أمراض مثل هشاشة العظام، والألم العضلي الليفي، وتلف الأعصاب. وأظهرت النتائج أن التأثير المسكن للترامادول كان محدودًا للغاية، ولا يصل إلى الحد الأدنى الذي يمكن اعتباره فعالًا طبيًا.
وأشارت الدراسة إلى أن مستخدمي الترامادول كانوا أكثر عرضة بمقدار الضعف للإصابة بآثار جانبية خطيرة مقارنةً بمن تناولوا دواءً وهميًا، وذلك خلال فترات علاج تراوحت بين أسبوعين و16 أسبوعًا.
وتضمنت هذه الآثار مشكلات قلبية خطيرة مثل آلام الصدر، وأمراض الشريان التاجي، وقصور القلب الاحتقاني، إضافة إلى أعراض أخرى شائعة مثل الغثيان، الدوخة، الإمساك والنعاس.
كما لفت الباحثون إلى وجود مؤشرات وإن كانت ضعيفة، تربط الدواء بزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، مشيرين إلى أن هذه النتيجة تحتاج إلى دراسات أطول لتأكيدها.
ورغم الجدل المستمر حول فعالية الترامادول، ما زال الأطباء في الولايات المتحدة يصفونه على نطاق واسع، حيث تم صرف 16 مليون وصفة طبية له عام 2023 وحده، باعتباره بديلًا أكثر أمانًا للمسكنات الأفيونية القوية الأخرى، لكن الدراسة الجديدة تضع هذا الاعتقاد موضع الشك، إذ أوضحت أن الأضرار المحتملة تفوق بكثير الفوائد المحدودة التي يوفرها الدواء.
أزمة الإدمان تتفاقم
تأتي هذه النتائج في وقت لا تزال فيه الولايات المتحدة تواجه أزمة المواد الأفيونية التي أودت بحياة مئات الآلاف منذ تسعينيات القرن الماضي. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 12% من المرضى الذين يتلقون علاجات أفيونية للألم المزمن ينتهي بهم الأمر إلى الإدمان أو إساءة استخدام تلك العقاقير، ما يزيد من مخاطر الوفاة المبكرة.
ويختتم الباحثون دراستهم بالتأكيد على ضرورة إعادة تقييم استخدام الترامادول والأدوية الأفيونية الأخرى، والتركيز على بدائل علاجية أكثر أمانًا مثل العلاج الطبيعي، والعلاج السلوكي، وتقنيات الاسترخاء، لتجنب الأضرار الصحية الجسيمة الناتجة عن الاعتماد طويل المدى على المسكنات القوية.



