جبر الخواطر بالكفتة
عظيم إنك تلاقي شخص في الدنيا كل همه إنه يشوفك سعيد بدون أي منغصات، أو مقابل، بيفهمك قبل ما تتكلم، بيعرف طلباتك من غير ما لسانك ينطقها، تصرفاته بتسبقك دايمًا للأفعال اللي بتبسطك، أو بالمعنى المختصر شخص بيجبر بخاطرك، والحقيقة إن الجبران بالخاطر بيختلف تعريفه من شخص للتاني، يعني فيه شخص ممكن يشوف جبران خاطره ليك في إنه يجاملك على طول الخط، وشخص تاني بيشوفه في إنه يقول لك كلمة طيبة كل ما يشوفك، وشخص ثالث بيشوفه في إنه يعمل الحاجة اللي هتخليك مبسوط مهما الحاجة دي كلفته ومهما كانت صعبة المهم إنك تكون في أفضل حالاتك، لكن وبصرف النظر عن تعريف كل واحد للكلمة إلا إننا ممكن نتفق إن جبر الخاطر هو إنك تكون سبب في سعادة غالي.
الفنان الجميل "علاء ولي الدين" الله يرحمه كان بيحكي زمان في لقاء مع "محمود سعد" إنه جت عليه فترة بعد نجاح فيلم (عبود على الحدود) ولما اتشهر كان عايز يخس، اتفق مع مركز طبي للتخسيس عشان يمشي على نظام غذائي معاهم، من ضمن المميزات اللي المركز ده بيوفرها للعملاء بتوعه إنه بيبعت لهم الـ 3 وجبات كل يوم لحد باب البيت، وجبات صحية بكميات قليلة قوامها الأساسي الخضار السوتيه اللي مطبوخ بالبخار والسلطة وثمرة فاكهة واحدة.
"علاء" الله يرحمه بيقول إنه مشي على النظام كويس جدًا بس ماكنش حاسس بأى تغيير، كان منتظر النتيجة بسرعة بس ماحصلش وبدأ يخش في دور اكتئاب، بيقول إن والدته عملت فيه حتة مقلب اكتشفه متأخر بعدها، حبت تخفف عنه وتهوّن عليه في كانت تيجي ومن وراه بدون ما يعرف هي اللي تستلم الوجبات كل يوم وقبل ما تديهاله كانت تفتح العلبة من دول في السكرتة وتحط في وسط الأكل حتة لحمة كبيرة، صُباعين كُفتة، نصف فرخة، كام حتة ممبار!.
ولما علاء يفتح العلبة ويلاقي الكلام ده يستغرب ويسألها: إيه اللي هما باعتينه ده؟ بالذمة ده أكل ريجيم! تقوله: وأنا إيش عرفني هي جاية كدة.. فينبسط علاء وينشكح وياكل بشهية.. وطبعًا مايخسش.. بعدها بفترة بقت تقوله: إيه ده الله أنت خسيت، بيقول: بقت النتيجة إني بسبب كلامها بقيت بفرح أكتر فباكل أكتر فبتخن أكتر وأكتر، بعد ما "علاء" خلص حكاية الموقف وهو ومحمود سعد ووقعوا من كتر الضحك؛ محمود بيسأله: (بس هي عملت كدة ليه؟).. "علاء" ابتسم ورد: (كانت بتجبر بخاطري يا عم).
ويمكن هي التفصيلة بتاعت جبر الخواطر دي برضه اللي خلّت الكابتن "صالح سليم" رئيس ونجم النادي الأهلي السابق يعمل التصرف التالي مع حفيدته "نور" أثناء وجودهم في لندن لأول مرة لوحدهم!.. كابتن "صالح" وعد حفيدته إنه يعزمها على سينما وبعدها يخرجوا ياكلوا هامبورجر من مكان مشهور هناك.
لكن وهما في الطريق وبما إنهم هيعدوا في سكتهم على الطبيب الخاص بالكابتن "صالح" فكانت فرصة يعدي على الدكتور عشان يسأله على نتيجة التحاليل اللي عملها في نفس اليوم الصبح، بالفعل نزل الكابتن من العربية وقال لحفيدته إنه مش هيتأخر ويادوب هيجيب النتيجة وينزل عشان يكملوا برنامج سهرتهم، كانت المفاجأة لما عرف الكابتن من الدكتور إنه مصاب بالسرطان وفي مرحلة متأخرة وإن خطوات وبروتوكول العلاج لازم يبتدوا فورًا بدون تأخير.
"صالح سليم" قام وقرر يأجل أى خطوة مع الدكتور لبكره، والسبب؟ رغبته في تنفيذ وعده لحفيدته سواء بالمرواح للسينما أو أكلة الهامبورجر! يا كابتن أنت في إيه ولا في إيه! وبعدين إيه الثبات الإنفعالي ده كله! تسمع خبر تأخر حالتك الصحية وتفضل عليه خروجة وأكلة! لكن لو دققت هتكتشف إن الأمر ماكنش أكتر من جبران خاطر لـ "نور" البنت الصغيرة اللي كانت طايرة من السعادة على وجودها مع جدها لوحدهم لأول مرة في سفرية بره مصر.
جبر الخاطر مش محتاج فلوس ولا مجهود، محتاج قلب صاحي بيحس، ونية حلوة بتفكر في الخير لغيرها، الكلمة الطيبة ممكن تبقى دواء، والابتسامة ممكن تشيل وجع، والموقف الصغير ساعات بيغيّر يوم بحاله، ربك عمره ما بيكسر اللي بيجبر بخاطر غيره، وسبحانه دايمًا مع اللي بيحنّ على خلقه.


