فيتش تثبت تصنيف مصر الائتماني عند "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة
أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أن تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل بالعملة الأجنبية عند "B"، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت فيتش في تقريرها، إن نقاط القوة والضعف الأساسية للتصنيف تأتي بدعم هذا التصنيف اقتصاد مصر الكبير نسبيًا، وإمكانات نمو الناتج المحلي الإجمالي المرتفعة نسبيًا، والدعم القوي من الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف، وتُوازِن هذه العوامل ضعف المالية العامة، بما في ذلك ارتفاع استثنائي في فوائد الدين/الإيرادات، واحتياجات تمويل خارجية ضخمة، وسجل متقلب من تدفقات التمويل التجاري، وارتفاع التضخم، والمخاطر الجيوسياسية.
وأشارت إلى ارتفاع الاحتياطيات الدولية الإجمالية بمقدار 2.1 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، لتصل إلى 47.0 مليار دولار، لافتة إلى أن صافي الأصول الأجنبية (NFA) لدى البنك المركزي المصري، انخفض ليسجل 10.7 مليار دولار في أغسطس، وهو مستقر بشكل عام هذا العام، كما تحسن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي بمقدار 13.7 مليار دولار أمريكي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025.
وأوضحت أن ذلك يأتي في أعقاب التعافي الحاد في الاحتياطيات الخارجية في النصف الأول من عام 2024، والذي عجل به الاستثمار الأجنبي في رأس الحكمة، والذي أكد أيضًا على الدعم من شركاء مجلس التعاون الخليجي.
وتوقعت أن يصل إجمالي الاحتياطيات الدولية في نهاية السنة المالية 2027 (حتى يونيو 2027) إلى 4.2 شهرًا من المدفوعات الخارجية الجارية، من 4.4 شهرًا في نهاية السنة المالية 2025، وهو ما يقترب من متوسط "B" البالغ 4.3 شهرًا.
وأشارت إلى أن تضييق عجز الحساب الجاري يعكس توقعنا لاستقرار الأوضاع المالية الخارجية بشكل عام جزئيًا تضييقًا مطردًا في عجز الحساب الجاري إلى 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2027، بعد تحسن بنسبة 1.2 نقطة مئوية في السنة المالية 2025 ليصل إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعزى ذلك إلى التوسع القوي في تحويلات المغتربين (التي ارتفعت بنسبة 66% في السنة المالية 2025) والسياحة، مما عوض اتساع العجز التجاري. ونتوقع انتعاشًا تدريجيًا في ميزان الطاقة المتعثر، مدعومًا باستئناف معتدل للاستثمار من قبل شركات النفط العالمية.
ومن المتوقع أن يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 15.5 مليار دولار في المتوسط (3.4% من الناتج المحلي الإجمالي) في السنة المالية 2026-2027، من 13.2 مليار دولار في السنة المالية 2025، ويعزى ذلك جزئيًا إلى الاستثمارات العقارية الجديدة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشارت إلى أن الحفاظ على سعر صرف أكثر مرونة، لم يُلاحظ أي تباين يُذكر بين سعري الصرف الرسمي والموازي منذ توحيدهما في مارس 2024، ولم تُسجل أي متأخرات في صرف العملات الأجنبية. وبينما يُحتمل أن تُسهم تدابير الطلب على العملات الأجنبية في انخفاض تقلبات سعر الصرف بشكل كبير، فإننا لا نعتقد أن ذلك قد أدى إلى اختلال كبير في توازن العملات.
وفيما يتعلق بارتفاع المخاطر الجيوسياسية، أكدت أنه يتمثل التأثير الاقتصادي الرئيسي للصراع الإقليمي في انخفاض عائدات قناة السويس بنسبة 59% منذ السنة المالية 2023، لتصل إلى 3.6 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2025، والتي نتوقع أن تتعافى تدريجيًا لتصل إلى 5.5 مليار دولار في السنة المالية 2027.
وحافظت عائدات السياحة على مرونتها، حيث ارتفعت بنسبة 16% في السنة المالية 2025، كما أن مصر معرضة بشكل مباشر للرسوم الجمركية الأمريكية. ونعتقد أن خطر تصاعد التوترات مع إسرائيل قد ازداد بشكل طفيف خلال الأشهر الأخيرة، وأن التعاون في مجال الطاقة لا يزال يتقدم. وعلى الصعيد المحلي، يُشكل ضعف الحوكمة وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب خطرًا مستمرًا يتمثل في تفاقم الاضطرابات الاجتماعية، بالإضافة إلى الدور الواسع النطاق للجيش، مما يُلقي بظلاله على آفاق الإصلاح الاقتصادي.
وفيما يخص عجز ثابت متوقع في السنة المالية 2026، توقعت أن يظل عجز الموازنة العامة مستقرًا بشكل عام في السنة المالية 2026، عند 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث عوضت الإيرادات القوية والنفقات الرأسمالية المحدودة ارتفاعًا إضافيًا في فوائد الديون. ارتفعت الإيرادات الضريبية بنسبة 35% في السنة المالية 2025، مدعومةً بتوسع الرقمنة، وتقليص البيروقراطية، وإعفاء ضريبي عزز من الطابع الرسمي.
وتفترض وكالة فيتش أن نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع بمقدار 0.8 نقطة مئوية في السنة المالية 2026، أي أقل من الخطة الحكومية البالغة نقطة مئوية واحدة. نتوقع أن يتقلص عجز الموازنة العامة إلى 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2027، بفضل اعتدال تكاليف فوائد الديون، واتخاذ المزيد من الإجراءات الضريبية، على الرغم من أنه لا يزال أكثر من ضعف متوسط "B" البالغ 3%.
مخاطر كبيرة للمسؤولية الطارئة
وعلى الرغم من التقدم المحرز في تحسين مراقبة واحتواء الإنفاق خارج الموازنة، لا تزال هناك مخاطر كبيرة للمسؤولية الطارئة ناجمة عن القطاع العام المصري الأوسع نطاقًا والذي يفتقر إلى الشفافية. في حين تُعلن الحكومة عن أدائها المالي على نطاق واسع يشمل 59 كيانًا اقتصاديًا (مما يُضاعف الإيرادات والنفقات تقريبًا ويُقلص فوائد الدين/الإيرادات إلى النصف تقريبًا)، إلا أنها لم تُدرج بعد في الموازنة العامة. وقد تم الالتزام بالحد الأقصى المحدد للاستثمار العام الإجمالي في السنة المالية 2025، والبالغ تريليون جنيه مصري (بتخفيض حقيقي). وتم الاتفاق على حد جديد قدره 1.16 تريليون جنيه مصري للسنة المالية 2026، مع أننا نرى أن الحفاظ على ضبط النفس لفترة أطول قد يكون صعبًا سياسيًا.
انخفاض حاد في فوائد الدين
وتوقعت وكالة فيتش انخفاض الدين الحكومي العام بنحو 4 نقاط مئوية خلال الفترة من السنة المالية 2025 إلى السنة المالية 2027، ليصل إلى 77% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يظل أعلى بكثير من متوسط التصنيف الائتماني "B" البالغ 50.6%. تتضمن توقعاتنا زيادة في الدين، وتعديلات في تدفقات رأس المال، بمعدل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2026-2027، نظرًا لسجل مصر في الإنفاق الضخم خارج الموازنة. ونظرًا لأن متوسط أجل استحقاق الدين المحلي أقل من عامين، فإن توقعاتنا بتخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة الرسمية سرعان ما تؤدي إلى انخفاض في فوائد الدين/الإيرادات، من 64% في السنة المالية 2026 إلى 40% في السنة المالية 2029، ولكنه يبقى أعلى بكثير من متوسط مجموعة الدول المماثلة، البالغ 15%.
السياسة النقدية المتشددة تدعم خفض التضخم
وانخفض معدل التضخم إلى 11.7% في سبتمبر، من 26.5% في العام السابق، نتيجةً لتأثيرات أساسية كبيرة، وتباطؤ أسعار المواد الغذائية، واستقرار سعر الصرف، وتشديد السياسة النقدية. تتوقع وكالة فيتش أن يبلغ متوسط التضخم 12.3% في السنة المالية 2026، مما يعكس تحسنًا في توقعات التضخم، ولكن مع ثبات تضخم الخدمات وضغوط الأسعار المُدارة، ليتراجع إلى 10.4% في السنة المالية 2027، أي ما يقارب ضعف متوسط "B" البالغ 5%. ونتوقع خفض سعر الفائدة الأساسي من 21.5% إلى مستوى يتوافق مع المعدل الحقيقي البالغ قرابة 4% بحلول السنة المالية 2027.
وتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.4% في السنة المالية 2025، من 2.4% في السنة المالية 2024، بفضل تعافي استثمارات القطاع الخاص والإنفاق الاستهلاكي. وتتوقع وكالة فيتش أن يرتفع النمو إلى 4.7% في السنة المالية 2026، مدعومًا بتحسن الدخل الحقيقي، وإلى 4.9% في السنة المالية 2027، وهو معدل قريب من تقييمنا لمعدل النمو المحتمل في مصر.
وكان الإصلاح الهيكلي الهادف إلى تحسين بيئة الأعمال والقدرة التنافسية والحد من عودة الاختلالات الخارجية على المدى المتوسط أضعف بشكل ملحوظ من التدابير المتخذة في إطار برنامج صندوق النقد الدولي لاستعادة الاستقرار المالي الكلي على المدى القريب. وقد اتُخذت خطوات لتحسين إدارة الشركات المملوكة للدولة وإلغاء امتيازاتها الضريبية، إلا أن عمليات التخارج من الاستثمارات سارت ببطء.
مرونة القطاع المصرفي
يتمتع القطاع المصرفي المصري بسيولة عالية، حيث بلغت نسبة القروض إلى الودائع 63% في يونيو. وتتوقع وكالة فيتش نموًا قويًا للودائع، سيستمر استثمار جزء كبير منها في الأوراق المالية الحكومية، مما يوفر مرونة تمويلية للقطاع السيادي. ونتوقع أن يدعم توليد رأس المال الداخلي مزيدًا من التحسن في نسبة رأس المال العادي من 13.2% في يونيو، وأن تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة الرسمية إلى عودة صافي الأرباح إلى معدله الطبيعي بين 30% و50%، مقارنةً بـ 89% في العام الماضي.
الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات
حصلت مصر على درجة 5 في مجال أهمية الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في مجالات الاستقرار السياسي والحقوق، وسيادة القانون، والجودة المؤسسية والتنظيمية، ومكافحة الفساد. تعكس هذه الدرجات الأهمية الكبيرة التي تحظى بها مؤشرات الحوكمة الصادرة عن البنك الدولي (WBGI) في نموذجنا الخاص للتصنيف السيادي (SRM). يأتي تصنيف مصر في مؤشر WBGI عند النسبة المئوية الثامنة والعشرين، مع درجة منخفضة بشكل خاص في مجالي التعبير عن الرأي والمساءلة.


